(A) Shi`a Books in Arabic

 

سلسلة كتيبات الشيعة1 

ظهورالتشيع وانتشاره في نيجـيريا

الكيفية والوسائل والأخطار


بقلم

الدكتور/ عمر محمد لبطو

 

(جمعه وأعده خصيصا لطلبة المدارس الإسلامية السُنيّة)

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

 

مقــــــــــــدمة

ظهر التشيع أول ما ظهر في نيجيريا بين صفوف تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات. وهؤلاء كانوا في الغالب شبابا منتظمين في سلك الدراسات في فنون شتى من طب وقانون واقتصاد وعلوم وآداب واجتماع وغيرها. ولكن قليلا جدا منهم من يدرس الإسلام نفسه. ولذلك كانوا قليلي المعرفة بالإسلام وتاريخه وعقائده وسائر علوم الشريعة المختلفة وإن كانوا من المتديّنين المحافظين على الصلوات المنخرطين في عمل الدعوة وسائر الأنشطة الدينية التى عادة ما يقوم بها الطلبة والتلاميذ في رحاب الجامعات والمدارس على اختلاف مراحلها
وهذا بطبيعة الحال جعل مثل هؤلاء الطلبة لقمة سائغة أمام الدعوات المختلفة والتيارات العقدية والفكرية المنتشرة في البيئة الدراسية وخصوصا الجامعية. ومن هذه التيارات التيار الشيعي الوافد من ايران على إثر ثورتها العارمة التى أطاحت بحكم الشاه محمد رضا البهلوي. وكان من أهداف الثورة الايرانية نشر المذهب الشيعي، فكانوا يرسلون المنشورات والكتب بالمجان ويرفعون الشعارات البرّاقة من تأسيس الجمهورية الإسلامية وتحرير المسجد الأقصا من أيدى اليهود ومقارعة أعداء الله ورفع الظلم عن الشعوب المستضعفة إلى غير ذلك من الشعارات البراقة التى اختطفت كثيرا من شباب المسلمين قليلي الخبرة والتعليم وألقت بهم في غياهب التشيع والرفض. وكان من بين هؤلاء المختطفين شاب يدعى إبراهيم بن يعقوب الزكزكلي

 

الزكزكي وانتشار التشيع في نيجيريا

     برز اسم الزّكزكي في أوائل الثمانينيات من القرن الماضى بعد ما تخرج من جامعة أحمد بللو بمدينة زكزك ورفض أن يشارك في الخدمة الوطنية الإجبارية (NYSC) التى يؤديها خريجو الجامعات زاعما أن هذه الخدمة إنما هي في الحقيقة عبادةٌ لصنم جديد اسمه “الوطن”. وعلى الرغم من سوء الفهم وضيق الأفق الذى يدل عليه موقف الزكزكي هذا إلا أن الشاب الغيور اكتسب شعبية واسعة بسبب هذا الموقف ولاسيما في أوساط الشباب من طلاب الجامعات وتلاميذ المدارس الذين تمتليء قلوبهم بالحماسة الدينية وإن خلت أذهانهم تماما من معرفة أبسط مباديء الدين الإسلامي. وأصبح إبراهيم الزكزكي الذى درس الإقتصاد ولا يعرف من الإسلام شيئا، أصبح بين عشية وضحاها يُعدّ من قيادات الشباب الذين لهم ميل إلى التدين والنشاط الديني

وكانت ايران في هذه الأثناء في حربها الدامية مع العراق. وكانت تدير حربا
اعلامية واسعة تستميل بها قلوب المسلمين وتحاول كسب الرأي العام الإسلامي إلى جانبها. وكانت تستضيف عددا من العلماء والقادة وزعامات الطلاب والشباب من مختلف أنحاء العالم الإسلامي للمشاركة في مهرجان الثورة السنوي الذى يقام لذكرى انتصار الثورة الايرانية. وكان المهرجان يشمل حفلات ومؤتمرات علمية ومسيرات شعبية وتوزع فيه الكتب والمجلات بالمجان. وكان الهدف من كل هذا كسب الرأي العام الإسلامي ونشر المذهب الشيعي.

ويبدو أن الايرانيين قد أحسنوا اختيار من يستضيفونه من نيجيريا حيث تجنبوا العلماء وأصحاب الثقافة الدينية واختاروا من الشباب المتحمس من قلّت بضاعته في العلوم الشرعية وقلّت خبرته في الشئون الدنيوية والمعيشية مثل إبراهيم بن يعقوب الزكزكي

وجد الايرانيون في الزكزكي التلميذ المثالي القابل للتعليم حيث وجدوا ذهنه خاليا من أبسط مباديء الإسلام فأفرغوا فيه تعاليم التشيع وعقائد الرفض وبنوا شخصيته بطريق التدريج على مرّ السنين. بينما وجد الزكزكي هو الآخر أتباعا متحمسين يحبون الإسلام بحرارة وحماس ويجهلونه جهلا مطبقا. فاستلهاهم بشعارات الثورة الايرانية البرّاقة واستخفّ عقولهم بخطبه النارية المملوءة بالشتائم والتهديدات ضد اليهود الصهاينة والأمريكيين الإمبرياليين والطغاة المحليين. وكَبُرَ الزكزكي في أعين هؤلاء الشباب السذّج إذ اعتبروه عالما ربانيا مجاهدا وإماما معصوما يجب على جميع المسلمين اتباعه والإنقياد لأوامره ونواهيه، ومن لم يفعل فهو خارج عن الإسلام وإن مات على ذلك مات ميتة جاهلية لأنه مات على غير بيعة وعلى غير الجماعة

وهنا شعر قلّةٌ من العلماء والدعاة بخطورة الموقف وتفاقم الخطر وخاصة بعد ما بدأ أتباع الزكزكي يخرجون في مظاهرات حاشدة خصوصا في المناسبات الشيعية مثل يوم عاشوراء والجمعة الأخيرة من رمضان التى جعلها قائد الثورة الايرانية آية الله روح الله الخميني يوما لتحرير المسجد الأقصا والتضامن مع الفلسطنيين المضطهدين من قبل اليهود. وكثيرا ما وقعت في مثل هذه التظاهرات اشتباكات مع رجال الشرطة فنتج من ذلك إصابات وخسائر في الأرواح والممتلكات. عندها هبّ بعض العلماء ينذرون بخطورة انتشار التشيع في نيجيريا وينصحون الشباب بعدم الإنخراط في حركة الزكزكي وأن هذه الحركة قد تجرهم إلى اعتناق عقائد الرافضة المناقضة للإسلام. ولكن الرجل فيما يبدو قد بدأ يتقن فنّ “التقية” الذى هو أحد ركائز عقيدة الرافضة. فكان دائما يُطَمْئن أتباعه ويؤكد لهم أنه ما يربطه مع حكام ايران وعلمائهم إلا الثورة والجهاد والنضال ضد قوى الإستكبار العالمي والطواغيت المحليين

وهكذا ظل إبراهيم الزكزكي يستغل سكوت أكثر العلماء، يكسب الأتباع وينشر تعاليم الشيعة وعقيدة الرفض طوال الثمانينيات وصدرا من التسعينيات. وظل الأمر كذلك إلى أن حدث حادث غيّر مجرى الحركة وتاريخها إلى الأبد. ذلك أن مجلة من المجلات التى تطبع في ايران وترسل بالمجان إلي القراء في نيجيريا وغيرها من البلدان نشرت مقالا نيلَ فيه من الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه نيلاً عظيما واتهم بالكذب ووضع الحديث للخلفاء والسلاطين حرصا على الدنيا. فلم يستطع كثيرٌ من أتباع الزكزكي أن يتحمل هذا نظرا لما اشتهر به مسلمو نيجيريا من حبّ النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الذى اكتسبوه من عقيدتهم السنيّة العريقة. فهبّ هؤلاء وطالبوا الزكزكي بأن يدين هذه المقالة علنا وأن يُعلن براءته من مذهب الرافضة. ولكن الرجل رفض فكان هذا بمثابة تحقيق للإتهامات الموجهة إليه بأنه يعتقد الرفض ويمارس التقيّة

ونتج من هذا الحادث أن انشقت طائفة من أتباع الزكزكي وكبار تلاميذه ومريديه وأعلنوا البراءة منه ومن مذهبه الشيعي، وذلك بعد مشاجرات واضطرابات داخل الجماعة ظلت سنين طوالا. وأخيرا وفي سنة ١٩٩٥ تمّ انفصال هذه الطائفة واستقلالها إذ أسست تنظيما باسم جماعة التجديد الإسلامي بزعامة أحد تلاميذ الزكزكي المقربين لديه وهو أبو بكر المجاهد. وبهذا خرجت جماعة الزكزكي من طور التقيّة إلى دور الإعلان بهُويتها الحقيقية والجهر بعقائد الرافضة من بغض أصحاب رسول الله وسبّهم وتكفيرهم واعتقاد تحريف القرآن والقول بالأئمة الإثني عشر المعصومين وغير ذلك من مقالات الرافضة المعروفة

أسباب انتشار التشيع في نيجيريا

     إن جمهورية نيجيريا الإتحادية بلد سني محض لا يكاد يوجد به شيعي واحد قبل الثورة الايرانية وتصديرها لعقائد الرافضة إلى أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي. والبلد معروف بحبه الشديد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته بما فيهم أهل البيت وغيرهم. ومن أبسط وأظهر ما يدل على ذلك الأسماءُ التى يتسمى بها غالب سكان البلد. فلا يكاد بيت يخلو من اسم أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو غيرها من أسماء الصحابة. ولا يندر أن تجد هذه الأسماء الأربعة لإخوة أشقاء أربعة يعيشون تحت سقف واحد. وهذا مما أثار اهتمام المسلمين من غير أبناء البلد حتى كتب في ذلك كثيرون مثلُ الدكتور عبد الرحمن دوي وهو أكاديمي هندي عمل محاضرا في جامعة أحمد بللو بمدينة زكزك

فلماذا وجدت الشيعة أرضا خصبة في نيجيريا؟ وكيف استطاعت أن تنتشر هذا الإنتشار الواسع في مدة يسيرة؟

إن هناك أسبابا ساعدت علي انتشار طريقة الرفض في نيجيريا وسنُجملها فيما يلي

فشل العلماء في قيادة الأمة

السبب الأول والأهم هو فشل العلماء فشلا ذريعا في قيادة الأمة وإرشاد الأفراد والجماعات وتحصينهم ضد الفساد والبدعة وأنواع الضلال والسير بهم في الصراط المستقيم. ولا شك أن هذه أهم وظائف العلماء في كل مجتمع مسلم، فلما ذا عجز العلماء عن القيام بهذه الوظائف في نيجيريا؟

ولفهم هذا السبب لا بدّ من تقسيم العلماء في نيجيريا إلى ثلاث طوائف. الأولى هي طائفة العلماء التقليديين وهي أكبرها وأعظمها قيمة واحتراما في أعين العامة. ولكن هذه الطائفة وللأسف قد تأخر بها موكب التقدم العلمي والإجتماعي حيث اقتصرت دائرة اختصاصهم في الفقه المالكي لا يتعدّونه ولا يتطرقون إلي غيره من الفنون الإسلامية كالقرآن وعلومه والتفسير وأصوله والحديث ومصطلحه والتاريخ وفلسفته وغير ذلك من العلوم والفنون. وأصبح نفوذهم ضيقا جدا بسبب انعزالهم عن الجماهير وعن تيار الأحداث والوقائع في المجتمع. وقليل جدا من يتمتع منهم بالنفوذ الواسع والكلمة المسموعة خارج محيطة. وهؤلاء القلائل هم أصحاب الإتصالات بالأمراء ورجال السياسة وليس لهم همّ في الغالب إلا بناء عائلاتهم وأُسَرهم والحفاظ على مراكزهم الإجتماعية. لذلك لم يكن أكثر العلماء من هذه الطائفة مؤهلين لحمل أمانة العلم والقيام بوظيفة العلماء العاملين من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإحياء للسنة وإخماد للبدعة. بل كان كثير منهم يدعو إلى البدعة علنا ويدافع عن الطوائف المبتدعة ويحارب كل من يدعو إلى إزالة البدعة وإقامة السنة. فلم يكن من المستغرب أن تنتشر بدعة التشيع تحت مرأى ومسمع هؤلاء العلماء، بل كثير منهم أسهم بطريق مباشر أو غير مباشر في انتشار عقيدة الرفض بين العامة وخصوصا الشباب منهم

أما الطائفة الثانية فنسميهم علماء جريا مع العامّة وأشباه العامة من أصحاب الدوائر الرسمية ورجال الإعلام وغيرهم. وإلا فعامة هؤلاء جهّال لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن حتى رسمه! (وتالله ليس في ذلك مبالغة، فإن كثيرا منهم لا يستطيعون قراءة سورة الإخلاص إلا إذا كُتبت بالأحرف اللآتينية أو ما يعرف عندهم ب transliteration). إلا أنهم والحق يقال يحبون الإسلام بحرارة ومرارة، ونحسب أن كثيرا منهم صادقين في ذلك. وتتكون هذه الطائفة من رجال الأعمال ومن خرّيجي الجامعات والمدارس وحملة الشهادات ممن تثقفوا بالثقافة العصرية وتعلموا علوم العصر، لكن لم يتطرقوا إلى دراسة الإسلام إلا قليلا. وهؤلاء هم غالب من دخل في التشيع وكافح لأجل نشره والدفاع عنه

ومما زاد الأمر خطورةً أن رؤساء هذه الطائفة لم يكونوا جهلة فحسب بل كانوا جهالا مركبين لا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون! فصار عندهم نوع من الكبر والتعالي على عباد الله وأصبحوا غلاة متنطعين غارقين في بحار الجهل منغلقين على أنفسهم؛ فلم يكونوا يتعلمون من أحد ولا كانوا يستمعون لأحد وإنما يكيلون الشتائم والتهديدات لكل من يخالفهم من العلماء والأتباع على حد سواء. وكان قصارى جهد أحدهم في الطلب أن يقف على بعض الكتيبات والمذكرات المترجمة إلى اللغة الإنجليزية وهي اللغة التى يُتقنونها ويتباهون بها، وصاحب هذه اللغة في نيجيريا يقول فيُسمع له بفضل الأوضاع الإستعمارية القائمة وإن كان ما يقوله خاليا تماما عن المضمون

وخيرُ من يمثل هذه الطائفة هو إبراهيم الزكزكي، فهو مثال للغلوّ والإستعلاء واحتقار الغير وقد التقيت به غير مرة. أما علمه فصفر؛ فإنه يحمل شهادة “البكلورس” في الإقتصاد ولم يعرف له طلب للعلوم الإسلامية والعربية لا في مدرسة تقليدية ولا عصرية ولا هو كتب شيئا يعرف به علمه. وكل ما يعرف له خطبه النّارية ومحاضراته الطويلة المملة. وقد يخطب أو يلقي محاضرة لمدة ساعتين أو أكثر ولا يستشهد فيها بآية واحدة من الكتاب ولا حديث واحد من السنة. وكل ما هنالك تحليلات سياسية وتعليقات صحفية والباقي تهديدات وشتائم ضد الإستكبار العالمي والصهيونية والإمبريالية والمخالفين له من المسلمين السنة وغيرهم ممن يجمعهم الزكزكي جميعا تحت عنوان “الطاغوت”

وقد قمنا (أنا وبعض الإخوة في مدينة سكتو) بجمع خُطَبه ومحاضراته المسجلة على الأشرطة المسموعة فوجدنا العجب العُجاب وذلك سنة ١٩٩٨. وجدنا أن الرجل-وهو الإمام المعصوم واجب الطاعة-لا يكاد يستشهد بآية في خطبه ومحاضراته إلا أخطأ فيها خطأ فاحشا، ولا اقتبس عبارة إلا لحن فيها. ومن طريف ما وقفنا عليه في ذلك أنه أراد في بعض محاضراته أن يقتبس نصا يقرؤه من كتاب بيده فأعياه ذلك، فدَنْدَن دندنة مخزية ثم قال: “إن الكتاب غير مشكول!” جمعنا الخطب والمحاضرات وحللناها تحليلا علميا في شريطين مسموعين بينا فيهما جهل الرجل وأُميته وعَاميّته وأنه لا يبلغ مرتبة تلاميذ الكُتّاب فضلا عن العالم فضلا عن الإمام واجب الإتباع. وكنا فعلنا ذلك نصحا لأتباعه ومريديه ولكن هيهات للغلو أن يستمع وللتنطع أن يلتفت، فلم تزدهم نصيحتنا إلا تماديا في الغي واتباعا للهوى حتى قال أحدهم على ملأ من الناس: “نحن لو دعانا الإمام إلى الجحيم لم نتردد في اتباعه!”

هذا حال الطائفة الثانية وهي كما ترى أصلُ كل بلية. هم جهال ولكن الأوضاع الإستعمارية السائدة جعلت منهم علماء أصحاب النفوذ العريض والكلمة المسموعة بفضل اتصالهم بالمؤسسات الرسمية وحسن استعمالهم لوسائل الإعلام. وبذلك استطاعوا أن ينشروا التشيع بين جمهور الناس على حين غفلة من العلماء

أما الطائفة الثالثة فهم الذين جمعوا بين ثقافة الدين وثقافة العصر، بين العلوم الشرعية والعلوم العصرية المختلفة، ولهم فقه عميق بالواقع الذى نعيش فيه وإلمام قوي بالأوضاع الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والحضارية وكذلك النظام الدُولي القائم. وهؤلاء معظمهم من خرّيجي المدارس والكليات والجامعات في شتّى الفنون العربية والإسلامية. وبعضهم تخرج من الجامعات الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية مثل السودان ومصر والمملكة العربية السعودية وباكستان وغيرها. وأكثرهم بفضل الله تعالى من القائمين بالدعوة إلى السنة ومحاربة البدعة والرجوع بالأمة إلى منهاج السلف الصالح في فهم القرآن والسنة والتعامل معهما

فرجال هذه الطائفة هم الذين تصدوا لطوفان الرفض في نيجيريا ووقفوا في وجهه وكافحوا لأجل وقف انتشار التشيع. واستعملوا في ذلك كل الوسائل والأدوات المتاحة في هذا العصر. فمنهم من استعمل طريقة الوعظ والدروس العامة في التلفاز وعلى المذياع مثل العالم الرباني المجاهد الشيخ أبو بكر محمود جومي الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لعام١٤٠٧ /١٩٨٧ رحمه الله تعالى. ومنهم من استغلّ المنابر واتخذ من الخطب وسائلَ كالعالم النحرير قامع الرفض وهاتك أسرار الشيعة الشيخ أبو بكر جبريل إمام جامع فَرْفَرو بمدينة سكتو. ومنهم من سخر القلم واتخذ من الكلمة المكتوبة مطيّة توصله إلى الهدف مثل الدكتور أمين الدين أبوبكر رئيس جماعة الدعوة بمدينة كنو، وغيرهم كثير. وقد كرّس رجال هذه الطائفة حياتهم لمحاربة التشيع واستئصال شأفته ولا تزال جهودهم تتواصل وإن كانت تفتقد النظام والمئسسية

كثرة الجهـل

وهناك أسباب أخرى ساعدت على انتشار التشيع في نيجيريا منها كثرة الجهل وانتشاره وقلة العلم وانزواءه؛ فإن مما ابتلي المسلمون به في كثير من الأقطار صرفهم عن التفقه في الدين وانصرافهم إلى العلوم المادية التى لا تطلب لوجه الله ولا للدار الآخرة وإنما لنيل حطام الدنيا. فأصبح الناس لا همّ لهم بالدين إلا قليلا. ترى أحدهم يُنفق الأموال الطائلة على نفسه وذويه لطلب هذه العلوم وتحصيلها بينما لا يُلقي بالا بالعلم الشرعي حتى عندما يعطى بالمجان. وصار سواد الناس الأعظم جهالا، وهذا فتح المجال أمام الدجالين وعلماء السوء الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله، فنشروا أنواعا من البدع والضلال. ومن هؤلاء الدجالين إبراهيم بن يعقوب الزكزكي الذي تولى كبر نشر التشيع في البلاد وساعده على ذلك سكوت أكثر العلماء وخصوصا من مشايخ الطرق الصوفية وغير هم

 

أثر الصوفيـة

لايستطيع أحد إنكار دور المتصوفة في انتشار التشيع في نيجـيريا ولو من طريق سالبة وأعني بها السكوت عن فضائحهم وفظائعهم مثل شَتْم الصحابة وتكفيرهم وممارسة المتعة وكذالك أعمال الشغب والعنف التي عرفت بها الفرقة منذ نشأتها الأولى. فلم يُعرف عن أحد من مشايخ الطرق الصوفية أنه أنكر عليهم رغم كلامهم ومشاجراتهم مع مخالفيهم من الفرق والطوائف الأخرى. وعلى العكس من ذلك فقد كان بينهم تفاهم وتعاون وتواصل حتى كانوا يخرجون في تظاهرات ومسيرات دينية مشتركة تُرفع فيها صورُ شيوخ الطرق الصوفية إلى جانب صور رموز الشيعة ورؤسائه
ولا عجب في ذلك؛ فالتصوف والتشيع غصنان لشجرة واحدة وهي شجرة البدعة الملعونة في القرآن. يقول العلامة ابن خلدون رحمه الله عن أصل التصوف والتشيع وتداخلهما: “ثم حدث أيضا عند المتأخرين من الصوفية الكلام في الكشف وفيما وراء الحس. وظهر من كثير منهم القول على الإطلاق بالحلول والوحدة، فشاركوا فيها الإمامية والرافضة لقولهم بألوهية الأئمة وحلول الإله فيهم. وظهر فيهم أيضا القول بالقطب والأبدال، وكأنه يحاكي مذهب الرافضة في الإمام والنُّقباء وأُشربوا أقوال الشيعة.” (مقدمة ابن خلدون، ص ٢٥٤)

ويقول في موضع آخر: “ثم إن هؤلاء المتأخرين من الصوفية المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك…وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدّائنين أيضا بالحلول وإلهية الأئمة مذهبا لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر.” (المقدمة، ص ٣٨٦)

ومع كل هذا الإتحاد والإشتراك في الأصول كما وصفه العلامة ابن خلدون، ومع التفاهم والتعاون الذي بينهم كما هو مشاهَد في كثير من مدن نيجـريا وقراها مثل مدينة كنو وغيرها، فإن ثمة فروقا أساسية بين الطائفتين لأن الصوفية رغم انحرافاتهم الخطيرة في العقيدة والفكر والسلوك إلا أنهم مع ذلك كله يُعدون من فرق أهل السنة بالمعنى العام إذ أنهم يُقرّون بخلافة الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم إلى جانب اعترافهم بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كرابع الخلفاء الراشدين. والرافضة كما هو معلوم لا يقـرّون بإمامة الثلاثة بل ولا بإسلامهم ويرون التبرأ منهم أصلا من أصول الدين لا يصح إيمان المرء إلا به

وعلى هذا الأساس فإن علماء الشيعة يُكفّرون الصوفية كلَّهم بدون استثناء، ويعتبرونهم من النواصب أعداء أهل البيت، لأنهم يتولّون الخلفاء الثلاثة ولا يتبرءون منهم، وهذا عندهم معناه بُغْض أهل البيت لأن كل من يحبُّ أبابكر وعمرَ فهو عندهم مبغض لعلي وأهل بيته. يقول شيخ الرافضة ومحدثهم وفقيههم الحـرّ العاملي: “إعلم أن هذا الإسم وهو اسم التصوف كان مستعملا في فرقة من الحكماء الزايغين عن الصواب، ثم بعدها في جماعة من الزنادقة وأهل الخلاف من أعداء آل محمد كالحسن البصري وسفيان الثوري ونحوهما، ثم جاء فيمن جاء بعدهم وسلك سبيلهم كالغزالي رأس الناصبين لأهل البيت…ثم سرى الأمر إلى تعلق بعضهم بجميع طريقتهم وصار من تبع بعض مسالكهم سندا لهم…وصار اعتقادهم في النواصب والزنادقة أنهم على الحق، فتركوا أمور الشريعة. روى شيخنا الجليل الشيخ بهاء الدين محمد العاملي في كتاب الكشكول، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم من أمتي اسمهم الصوفية ليسوا مني وإنهم يهودُ أمتي وهم أضل من الكفار وهم أهل النار.)” (رسالة الإثني عشرية في الــردّ على الصوفية للحر العاملي، ص ١٣-١٦)

وعَقَدَ شيخ الرافضة المعروف بغلوّه وتشدده وهو المدعوّ نعمة الله الجزائري، عقد في كتابه الأنوار النعمانية (ج ٢ ص ٣٠٧) بابا بعنوان “ظُلْمَة في أحوال الصوفية والنّواصب” وصف فيه الصوفية بأوصاف يتورع ذو المروءة عن نقلها كلها ولا يتسع المقام لنقل بعضها

ومع ما رأيت من تكفير شيوخ الرافضة للصوفية فإن مشايخ الطرق الصوفية في نيجـيريا قد ساهموا ولا زالوا يساهمون في انتشار مذهبهم ربما عن جهلٍ وربما عن بغضٍ وكراهيةٍ للسنة ودعاة السنة فإن الكراهية تُعمي وتُصم. إلا أن الأوضاع بدأت تتغير إذ لوحظ مؤخرا وجود فجوة وجفاء بين الفريقين أدى إلى اصطدام بينهما في بعض الأحايين. فمثلا حدث اشتباك عنيف بين أتباع طريقة من الطرق الصوفية وبين بعض الشيعة في ضاحية من ضواحي مدينة كادونا تسمى “رغاسا” قبل عامين تقريبا جُرح فيها العديد من الجانبين. وسبب الشجار كما نقلت وسائل الإعلام هو ممارسة طقوس يوم عاشوراء إذ دعا علماء الطريقة الصوفية إلى صوم ذلك اليوم كما هو السنة بينما دعا رؤساء الشيعة إلى الحداد لذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه

أثر الإستعمـار

ومن أسباب انتشار التشيع في نيجيـريا فصل الدين عن الدولة وهو من الكفريات التي فرضها الإستعمار على المسلمين فرضا، وبذلك أمسى الدين بمعزل عن الحياة واضطر إلى زاوية ضيقة من الفضاء الإجتماعي، وأصبح يتيما بلا راع يرعاه: لا دولة قائمة ولا مؤسسة عريقة ولا منظمة قوية. وهذا أتاح الفرصة للدجالين والمتعالمين أن ينشرو البدع ويتكلمو في مسائل العلم بغير علم دون رقيب ولا حسيب. وصار الدين حمى مستباحا يلجه كل من هبَّ ودبَّ، ويتكلم فيه ويُفتي من شاء دون أي ضابط. أما الحكام فلا يهتمون بالدين إلا ريثما يخدم مصالحهم السياسية، وكثير منهم يفضل التعامل مع المتعالمين والدجالين الذين يساعدونهم على تضليل العامة وإلجام أفواههم وشراء ولائهم، فأصبح الدجاجلة والحكام العلمانيون يستمتع بعضهم ببعض وينصر بعضهم بعضا ويتعاونون على الإثم والعدوان ومعصية الرسول. وهكذا ضاع الدين بين جهل المتعالمين وهوى الدجالين ودنيا العلمانيين، وراجت سوق البدعة وانتشرت الفرق الضالّة ومنها الرافضة البغيضة

تلك أهم أسباب انتشار التشيع في نيجيريا: عجز العلماء وقعودهم عن واجبهم وفشو الجهل ومكر الإستعمار الذى جعل من المجتمعات الإسلامية نسخة لمجتمعه اللاّديني حيث لا يحذى الدين بأي اهتمام أو رعاية فيكون لعبة في أيدي اللاّعبين

مراحل انتشار التشيع في نيجـيريا

       لقد مرّ التشيع في انتشاره بثلاث مراحل. الأولى مرحلة التقيّة والنفاق والخديعة، وهي المرحلة التي كان زعماء الرافضة ينادون فيها باسم تجديد الدين والإصلاح الإجتماعي والنّضال ضد الظلم والجهل والأمية. وفي هذه المرحلة انتشر التشيع انتشارا واسعا في مدة يسيرة نسبيا. وقد ساعد على هذا الإنتشار الجهل بالشرع وقلة الثقافة الدينية والتعطش للإصلاح والتغيير من جانب الشباب وعدم الإطلاع على نوايا تجّار الرفض الخبيثة

أما المرحلة الثانية فهي التي خرج منها زعيم الرافضة الزكزكي من طور التقيّة والنّفاق إلى دور الجهر بعقيدته الشيعيّة ودعوة أتباعه إلى اعتناقها وترديد مقالات الرافضة المعروفة مثل القول بالأئمة المعصومين وتحريف القرآن وتكفير الصحابة وجواز المتعة وغيرها. وقد أحدث هذا هزة عنيفة في أوساط الحركة مما سبب انقسامها إلى قسمين: قسم بزعامة الزكزكي وهم الرافضة الأقحاح الذين لا يتورعون عن سبّ الصحابة ولعنهم وتكفيرهم وممارسة الدعارة باسم المتعة وغير ذلك من عقائد الرافضة وأعمالهم. والقسم الثاني بزعامة تلميذ الزكزكي أبي بكر المجاهد وهم الذين أعلنوا براءتهم من المذهب الشيعي والتزامهم بالسنة إلا أنهم لا تزال آثار التشيع ظاهرة عليهم مثل التَكَتُّم والسريّة والإستخفاف ببعض البدع والتقرب من مشايخ الطرق الصوفية وكراهة الدعاة إلى السنة أحيانا

ونتج من هذا الإنقسام ضعفُ الحركة الشيعية وخللٌ في تركيبتها الدعائية وبالتالي فتورٌ في انتشارها ونشاط أبنائها وخصوصا في المدن الكبرى وفي معاقل الحركة المعروفة مثل الجامعات والكليات والمدارس. ويرجع الفضل في ذلك إلى جهود دعاة السنة من مختلف الطوائف مثل جماعة إزالة البدعة وإقامة السنة وجماعة السلفيين والقلّة القليلة من المتنوّرين من جماعة التجديد الإسلامي

ويبدو أن انتشار التشيع قد بدأ يدخل مرحلته الثالثة بعد ما تمّ طرد الرافضة من المدن الكبرى تقريبا وذلك بعد أحداث مدينة سكتو التي تعد كارثة حقيقية للرافضة في نيجـيريا. وهذه المرحلة هي أخطر مراحل انتشار التشيع حيث صرف زعماءهم جل همهم إلى القرى والبلدان النائية يعملون فيها لنشر المذهب. ويكمن خطر هذه الخطة الأخيرة في كون هذه المناطق النائية يَقلُّ فيها التعليم غالبا وينتشر فيها الفقر والأمية مما يسهل للرافضة نشر عقائدهم الخبيثة بين البسطاء من أبناء هذه المناطق. ولا يخفى أن أكثر الدعاة يتمركزون في المدن حيث الكهرباء ومياه الشرب النقيّة وسائر مرافق الحياة ولا يسكن البوادي منهم إلا قليلا. وهذا بدوره فسح المجال واسعا أمام دعاة الرفض الذين يستعملون أساليب الإغراء بالأموال إلى جانب التَّسَتُّر بحبّ أهل البيت والولاء لمشايخ الطرق الصوفية وغير ذلك من وسائل الرافضة المعروفة

أخطـار انتشار التشيع في نيجيـريا

       هناك أخطار جسيمة تكمن في انتشار التشيع في كل مجتمع مسلم وفي نيجـيريا بالذات، منها

أولا: انتشار التشيع خطر على العقيدة لأن اعتناق عقائد الرفض ردة صريحة عن الإسلام. فكل من اعتقد عصمة الأئمة وأنهم يعلمون الغيب ولا يخفى عليهم شيء في الأرض ولا في السماء، وأنهم أفضل من الأنبياء والرسل والملائكة المقربين، وأن الصحابة كلهم ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة أو سبعة منهم، وأن القرآن محرّف ومبدّل، وأن كربلاء خيرٌ من مكة والمدينة، كل من اعتقد هذه العقائد لا شك أنه كافر مُرْتَدٌ عن دين الإسلام

ثانيا: انتشار التشيع خطر على الحياة الإجتماعية لأنه يفرق كلمة المسلمين ويوقع بينهم العداوة والبغضاء؛ فإن الرافضة يربون أتباعهم على بغض المسلمين من لدن الصحابة إلى يومنا هذا

ثالثا: انتشار التشيع خطر على الأمن والإستقرار لأنه يوقع العداوة والبغضاء كما تقدم ولأن الرافضة يستحلون دماء المسلمين وأموالهم ويربون أتباعهم على التعطش للدماء وإثارة الفتن والأحقاد وإعانة الكفار على المسلمين وغير ذلك مما هو معروف من تاريخهم المظلم ومشاهد من واقعهم الأليم

رابعا: انتشار التشيع خطر على التقدم السياسي والإزدهار الإقتصادي للمسلمين، وهذا أيضا معلوم من تاريخهم ومشاهد من واقعهم الملموس. فإن الزكزكي لما بدأ دعوته في الثمانينيات من القرن الماضي نفّر شباب المسلمين من التعليم فهجروا المدارس والجامعات، وتوقف آلاف الشباب عن الدراسة في كافة المراحل والمستويات كما تركوا العمل في الوظائف الحكومية وغيرها بشبهة أن ذلك تورط في نظام “الطاغوت” وبذلك خسر المسلمون كثيرا من الخبرات العلمية والتقنية التي هم في أمس الحاجة إليها في حياتهم الدنيوية والأخروية. واليوم يعيد التاريخ نفسه فنجد زعماء الرافضة ورؤساءهم يحثون أتباعهم على عدم الإشتراك في عملية التسجيل والتصويت في الإنتخابات العامة وعدم المشاركة في الحياة السياسية عموما

خاتمة: نسأل الله حسنها

                                                 

ظهر التشيع في نيجيريا في أواسط الثمانينات من القرن الماضي الميلادي على إثر الثورة الايرانية التى عملت على نشر المذهب في ربوع العالم الإسلامي. وانتشرت تعاليم الرفض وعقائده على أيدى فئة من الناس تنقصهم الثقافة الدينية وإن كانوا في طلائع المجتمع بفضل اتصالهم بالمؤسسات الرسمية وحسن استعمالهم لوسائل الاعلام. فهم يَنْدَسُّون في صفوف هيئات التدريس في الجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات المالية والإعلامية وغيرها

وقد ازداد نشاطهم في الآونة الأخيرة حيث طرقوا المجال السياسي بالتقرب إلى الحكام بعد أن كانوا يحاربونهم، فإن زعيمهم الزكزكي الذى ظل عشرين عاما يكيل اللّعنات للحكومات المتعاقبة وينعتها بالطاغوت مثل حكومة “شيخو شاغارى” وحكومات “محمد بخارى” و”إبراهيم بابنجيدا” و”ثانى أباتثا” و”عبد السلام أبوبكر” وكلها حكومات يرأسها رجال مسلمون لكن الزكزكي تجنب معاملتها وظل ينتقدها وينعتها بأنها حكومات كافرة عميلة لأمريكا واسرائيل حتى إذا قامت حكومة “أوبا سنغو” وهو كافر ومعلوم بعدائه الشديد للإسلام والمسلمين أصبح الزكزكي من المقربين لدى الحكومة. ويبدوا أن “أوبا سنغو” الذى يتمتع بعلاقات طيبة مع حكام ايران قد أدرك ضرر الشيعة على الإسلام فأحاط الفرقة بمزيد من العناية الرسمية (من وراء الستار طبعا) وأوعز إلى حكام الولايات بتمكين أتباعها وإحلالهم مراكز النفوذ في الإدارات المحليّة

ومما يجدر التنبه له ازدياد نشاط ايران في نيجيريا في الآونة الأخيرة وتدخلاتها السافرة في شئونها الخاصة ونواياها العدوانية تجاهها، ومن الأدلة على ذلك الكميّات الهائلة من السلاح الذي ضبط في ميناء “لاجوس” عام ٢٠١٠ والتي مصدرها ايران. وقد اعترفت الحكومة الايرانية رسميا بتورط بعض موظفي سفارتها في “أبوجا” في تهريب الأسلحة إلى نيجيريا

وفي شهر فبراير لعام٢٠١۳ تمَّ ضبط خليّة إرهابية من قبل أجهزة أمن المخابرات النيجيرية (SSS) كانت تخطط لعمليات إغتيالات بحق شخصيات نيجيرية مسلمة منها الرئيس الأسبق “إبراهيم بابنجيدا” و سلطان سكتو المقال “إبراهيم دسوقي”. وثبت بعد التحقيق أن الجهة الممولة لهذه الخلية والتي تقف وراء هذا المخطط العدواني هي حكومة ايران

وفي نفس العام أيضا تم العثور على كمية هائلة من الأسلحة والمتفجرات في بيت بمدينة كانو يعود لأفراد من الجالية اللبنانية في المدينة. وبعد التحقيق تأكد أن هؤلاء الأفراد هم في الواقع أعضاء لحزب الله اللبناني الذراع الخارجي للإرهاب الايراني

ولا شك أن هذا يشكل مصدر قلق بالغ ويوجب على الجهات المعنية أخذ مواقف صارمة حياله

ومما يجدر التنبه له أيضا التحول الملحوظ في انتشار التشيع في نيجيريا حيث صرف زعماء الفرقة جلّ همهم مؤخرا إلى نشر المذهب في القرى والمناطق النائية لاسيما بعد أحداث “سكتو” وطرد دعاة الرافضة من المدن. وهذا لاشك سوف تكون له عواقب كارثية. فإن الشيعة اليوم تنتشر في هذه المناطق انتشار النار في الهشيم وتسري فيها سريان السمّ في الأحشاء ولا يقف أمام انتشارها إلا جهود فردية متفرقة تفتقد النظام والمؤسسية. والسبب في ذلك على ما أعتقد هو أن أكثر المسلمين في هذه البلاد لم ينتبهوا إلى أن الشيعة، زيادة على كونها فرقة ضالة تناقض عقائد الإسلام، فهي أيضا سبب لزعزعة الأمن والإستقرار. فيجب على جميع المسلمين أن يدركوا أن انتشار الرفض في نيجيريا مشكلة دينية واجتماعية وأمنية، ولا بدّ من وقفه قبل تفاقم الأمر واستفحاله. ولا بدّ لذلك من جهود منظّمة يشارك فيها المسلمون كلهم على اختلاف طبقاتهم وأشغالهم واختصاصاتهم. والله الموفق لا إله غيره ولا رب سواه

التوصيـات

  • يجب على المسلمين وخصوصا العلماء والدعاة منهم أن يوحدوا الصفوف ويضاعفوا الجهود لمكافحة انتشار التشيع في نيجيريا لأن انتشاره فتنة والفتنة أكبر وأشدّ من القتل.

  • ينبغي التصدي لانتشار الرفض عن طريق عمل مؤسسي مُوحّد يوفر الإمكانات ويضمن النجاح والتأثير؛ فإن القوم لهم إمكانيات مادية وتنظيمية هائلة ولا يمكن مقارعتهم إلا بمثلها.

  • ينبغي العناية بوسائل الإعلام الحديثة وبهذا الصدد نقترح إنشاء صحيفة تصدر باللغة الإنجليزية وتظهر بمظهر العَلْمانية لمخاطبة “النخبة المثقفة” من الذين يحبون الإسلام ولكن ليست عندهم ثقافة دينية كافية فينبهرون بزخارف “الثورة” ولا يهتدون إلى الإسلام الصحيح والعقيدة الحقة.

  • يجب توجيه عناية الدعاة إلى القرى والبوادي والمناطق النائية وخلق جوّ ملائم للتواصل مع سكانها بهدف إنقاذهم من خطر التشيع المحدق بهم.

  • لا بدّ من مَزْج أعمال الدعوة بالعمل الخيري والإغاثي نظرا للفقر المنتشر بين أهالينا ولاسيما سكان البوادي منهم.

 

أربعون بيتا في رثاء الشيخ أبي بكر محمود جومي، قاضي قضاة نيجيريا

توفي رحمه الله يوم الجمعة 11/9/1992

د/ عمر محمد لبطو

أعينيّ جودا بالغزير من الــــــــــــدم

وما لكما لا تبكيان أخا العلــــــــــــم

أخو العلم محمود ابن بكر معلـــــــــم

مرب حكيم موقظ كل نائـــــــــــــــم

صبــور حليـم عالـم مـتـفـنّـــــــــــــن

له يـده الطولى على كل عالـــــــــــم

مجدّد دين الله في الأرض بعد مــــــا

عفا أثره الوضّاح في العرب والعجـم

أنار سبيل الحق بالحق فاهـتـــــــــدى

به كل من نال السلامة ملهــــــــــــم

به فتح الرحمن غلفا من القلــــــــوب

وصمّا من الآذان سكت من الصمـــم

وأبصر قوم بعد ما كاد بصرهـــــــم

يجيء عليه بالعمى كثرة الإثــــــــــم

فأصبح نهج الحق أبيض ناصعــــــا

وولت جيوش الجهل والكبر والضيــم

تذكرت يوما قـام فيـه عــــــــــــداءه

وهموا بأمر لم ينالوه مؤلـــــــــــــــم

أحاطوا به كالسور وهو بوسطهـــــم

فألقى عليه الله ستر المسلّـــــــــــــــم

فلم يلق سوءا منهم غير أنهـــــــــــم

أصيبوا بشلـل للتقهقر ملــــــــــــــزم

أبى الله إلا أن يقيم لدينــــــــــــــــــه

بناء قوي الأسس غير مهـــــــــــــدم

أقام رجالا جاهدوا بنفوسهـــــــــــــم

وأموالهم حقا وفازوا بمغنــــــــــــــم

أزال بفضل الله آثار بدعـــــــــــــــة

طغى زبدها زورا على الحق والعلم

فأضحى ذووها حائرين بجهلهـــــــم

وراحوا حيارى ظالم إثرظالـــــــــم

وناضل بالقرآن والقلم البـــــــــريء

وبالأثر الموحى إلى خير آدمــــــــي

ألا يا عباد الله أبكوا معي علــــــــى

فقد جبل شامخ ذي مكـــــــــــــــارم

فقير غني خـائف ومخــــــــــــــوف

أمير بلا تاج ونار بلا ضــــــــــــرم

غناه تقاه، فقره لم يكد يزحــــــــــــــــــــــ

ـزحه عمّا نوى من عزائــــــــــــــــم

تراه نحيل الجسم لكنّ صـــــــــــدره

حوى قلب أسد لا يقارب بالضيـــــم

له همة لو رام زهره لنالهــــــــــــــا

وأنزلها من فوق عليائها “جومــــي”

يصب على الأعداء من نار حجــــة

لها حرها الفتاك بالقلب لا الجســـــم

أمير يكاد الناس يقتتلون فــــــــــــي

إطاعة أمر منه باليد أو فــــــــــــــم

تراوده الدنيا ويدفع كيـــــــــــــــدها

ويمضي بخير سالما غير آثـــــــــــم

ترفع عن دنيا تدنس باثمهـــــــــــــا

رجال فكانوا وهو كالمسك والــــــدم

أيا لعباد الله هل جاد عصرنــــــــــا

بنابغة خير وأفضل من “جومـــــي”؟

خليليّ من لي بالمنية شرهــــــــــــا

وشـر المنايـا فــوق طـــوق ابــن آدم

ومن ذا يعزّيني عن الشيخ بعد مـــا

سرى حبه مسراه في اللحـم والـــــدم

فيا أسفى ـ والعين تبيض من أسى ـ

على مثوى شيخ كبير معمّـــــــــــــم

ويا حرّ قلب استنار بفضلــــــــــــه

ورقّ بارشاد المواعظ من “جومــي”

لقد غربت شمس المعارف بعــــــده

وقام على أنقاضها كالمآتــــــــــــــم

سقى الله هذا الترب كم ساق ساكنـه

إلينا أياد كالسحاب الــــــــــــــرواكم

فيا أيهذا الشيخ فارقت دارنا الــــــــــــــــــ

ـدنية لكن مـا تـزال مع القــــــــــــوم

نظل مع المذياع نسمع صوتكـــــــــا

وننظر في “التلفاز” طيفك في “الفلـم”

فحلقة درس الشيخ ما زال عهدهـــا

جديدا وما زالت رسالتها تسمـــــــــي

تفنن في التفسير والفقه والحــــديث

وفاق على أقرانه في المكــــــــــــارم

أب لليتامى ملجأ للأرامـــــــــــــــل

مرب لجيل الناس غير مزاحــــــــــم

له الفضل في إنشاء جيل مثقــــــف

غيور على الإسلام حامي الحـرائـــم

أقام لمجد الدين صرحا مـــــــؤزرا

وأحيا تراثا كاد يمضي إلى العــــــدم

سقاه إله العرش كأس نعيمـــــــــــه

وأسكنه الفردوس دار التنعـــــــــــــم

 

 

 

سلسلة كتيبات الشيعة2

الإتفاق العقدي

 

بين

الشيعة والصوفية

بقلم

الأستاذ الدكتور/ عمر محمد لبطو

مقدمـة

بسم الله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

إن من الأشياء التي لا يختلف عليها اثنان أن البدعةَ ملةٌ واحدةٌ كما أن الكفرَ ملةٌ واحدةٌ. والذي يجمع المبتدعة كلهم هو تركُ ما جاء به الرسل واتباعُ الهوى، وهذا عين ما جمع الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم. لذا دأب علماؤنا على تسمية المبتدعة بأهل الأهواء. فالبدع ما ظهر منها وما بطن، ما دقَّ منها وما جلَّ، إنما يجمعها هذا الأصل الأصيل. وقد تجتمع البدع على أكثر من أصلٍ، وتتفق طوائفها على أكثر من قاعدةٍ، وتتشابه فرقها في أكثر من ناحيةٍ. ومن البدع التي اتفقت في كثير من أصولها وعقائدها وشعائرها بدعة التشيُّع والتصوف. فهما وجهان للعملة الواحدة – كما يقال – وتوأمان ولدا من رحم واحدة وغصنان للشجرة الملعونة في القرآن.

وينبغي أن يُعلم من البداية أن التصوفَ والرفضَ مظهران من مظاهر الحركة الباطنية التي تهدف إلى هدم الإسلام وتقويض بناءه. لذا تجدهم يجتمعون على عقائدَ وآراءَ مناقضةٍ للإسلام، كما يجتمعون في الشركيات من تعظيم القبور والطواف بها والصلاة إليها ودعاء من فيها من دون الله عز وجل. وكذلك يجتمعون في محاربة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ومعاداة أولياء الله من سلف الأمة من الصحابة والتابعين وغيرهم ممن هم حملة القرآن والسنة وحماة الإسلام وحرّاس عقيدته

كما ينبغي أن يُعلم أن التصوف الذي نعنيه هنا – وفي كل هذه الرسالة – هو التصوف الفلسفي البدعي الذي لا يَنْبَني على الكتاب والسنة، وليس التصوف السني الذي هو الزهد والسلوك المُقَيَّد بالكتاب والسنة، مثل تصوف الإمام الجنيد وتصوف شيخ الإسلام عبد القادر الجيلاني وتصوف الإمام المجاهد الشيخ عثمان بن فودي رحمهم الله. فليس المراد بالتصوف هنا تصوف مثل هؤلاء العلماء وإن كان بعض أتباعهم يُخْلط بين التصوف السني والبدعي فهم منهم براء.

وفي الأسطر التالية نحاول إلقاء الضوء على بعض مواضع الإتفاق بين الشيعة والمتصوفة ونواحي الشَّبْه بينهما.

إنتسابهم لعلي بن أبي طالب

أول ما يلفت نظر الباحث إلى اتفاق الصوفية والشيعة في أصلهم وعقائدهم انتسابهم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. فكلا الفرقتين تدعي أنها تنتسب في الأصل إلى هذا الصحابي الجليل. أما انتساب الرافضة إليه فواضح؛ فهو الإمام الأول المنصوص على إمامته من قبل الرسول صلى الله عليهوسلم، بل هو الذي جاء النبي لبيان إمامته التي هي أصل أصول الدين والتي لا يقبل الله من أحد صلاة ولا زكاة ولا صياما إلا باعتقادها

أما الصوفية فينتسبون إليه عن طريق الخرقة المشهورة التي هي رمز الولاية الكبرى. والخرقة في زعمهم أصلها من لباس الجنة ألبسها الله نبيه إبراهيم عليه السلام حينما ألقاه الكفار في النار وبها صارت النار بردا وسلاما عليه. فتوارثها الأنبياء إلى أن وصلت إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وورثها منه علي بن أبي طالب ومن بعده توارثها الأئمة والأقطاب فصارت رمز الإمامة والقطبانية يتوارثها الأئمة وكبار الأولياء إلى يومنا هذا. وهي باقية علي حالها لأنها من لباس الجنة لا يؤثر فيها مرّ الأيام وكرّ الدهور.1 وبهذه الأسطورة نسبت الصوفية نفسها إلى علي رضي الله عنه، فكما أنه الإمام الأول وأبو الأئمة فهو كذلك القطب الأول وأبو الأولياء والأقطاب

 

كلاهما باطنية قرامطة

التصوف والرفض مظهران من مظاهر الحركة الباطنية القرمطية وما الفرق الشيعية والطرق الصوفية إلا استمرار لجهود الفلاسفة الملحدين التي تهدف إلى هدم الإسلام وتقويض بناءه. فكلاهما يؤمن بأن الدين ظاهر وباطن، أو شريعة وحقيقة، وأن الباطن هو لب الدين وحقيقته وأما الظاهر فهو القشور، وأن هذا الباطن أخذوه من النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الأئمة والأوصياء والأقطاب والأولياء، وأنه لا يعرفه إلا الخاصة وأنهم هم الخاصة الذين يعرفونه عن طريق الوراثة من الأوصياء والأولياء، وأما غيرهم من المسلمين من لدن عهد الصحابة إلى يومنا هذا فهم عوام لا يعرفون من الدين إلا القشور.2 ومن هذا الباب دخل الإلحاد والزندقة والفساد إلى دين الإسلام وبه تذرعت الفرق المنحرفة والهدامة إلى تحقيق أهدافها كالإسماعيلية والنصيرية والتجانية والبهائية وغيرها

جمعهم لأخس المذاهب وأخبثها

الصوفية والشيعة جمعوا أخس المذاهب وأخبثها فهم جهمية في نفي الصفات وملاحدة في اعتقاد وحدة الوجود وخوارج ووعيدية في تكفير المسلمين ومرجئة في قولهم إن حب الأئمة والمشايخ حسنة لا تضر معها سيئة. وعمدتهم في اتباع هذه الطرائق هم أساتذتهم الفلاسفة الوثنيون أصحاب العلوم الحقيقية المضنون بها على غير أهلها!

إعتقادهم استمرار النبوة بعد محمد(ص)

المتصوفة والروافض يعتقدون استمرار النبوة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويرون نزول الوحي علي الأئمة والأولياء. أما الرافضة فيصرحون بذلك تصريحا وهو أمر تواتر عنهم وامتلئت به كتبهم المعتبرة عندهم. جاء في كتاب بحار الأنوار – وهو من كتب الحديث المعتبرة عندهم – عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (إمام الشيعة السادس) أنه قال: “إنا نُزادُ بالليل والنهار، ولولا أنا نزادُ لنفد ما عندنا. فقال أبو بصير ]راوي الكلام[: جعلت فداك من يأتيكم؟ قال: إن منا من يعاين معاينة، ومنا من يُنقرُ في قلبه كيت وكيت، ومنا من يَسمعُ بأذنه وقعا كوقع السلسلة في الطست. قال: قلت: جعلت فداك من يأتيكم بذلك؟ قال: هو خلق أكبر من جبريل وميكائيل.”3

وفي بصائر الدرجات عن أبي عبد الله أنه قال: “إن الروحَ خلقٌ أعظمُ من جبريلَ وميكائيلَ كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يسدده ويرشده وهو مع الأوصياء من بعده.”4

وهذا صريح في ادعاء نزول الوحي علي الأئمة حتى إنه لم يترك طريقة من طرق نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم مثل النفث في الروع وسماع صوت كصوت الجرس في الطست إلا أثبته للأئمة. وهذا الذي أوردناه قليل من كثير. وهناك روايات تفيد أن جبريل عليه السلام نزلَ على فاطمة رضي الله عنها وكلمها وأنه أتاها بكتاب خرج به علي رضي الله عنه على الناس.5

أما الصوفية فإنهم لا يصرّحون عادة مثل هذا التصريح إلا أنه قد اشتهر عند أتباع الطريقة التجانية أن الملك هو الذي نزل بالصلاة المعروفة عندهم وهي “صلاة الفاتح لما أغلق” نزل بها الملك من السماء مكتوبة في صحيفة من نور.6 وهذا مقرر في كتبهم المعتبرة عندهم، مثل “جواهر المعاني” وغيره، ولم نسمع من شيوخهم الصغار والكبار من ينكر ذلك. وهذا أيضا صريح في دعوى نزول الوحي علي المشايخ والأولياء بل هو أبلغ من دعوى الشيعة لأن المنزّل في هذه الدعوى الصوفية أُنزل مكتوبا في صحيفة من نور تلمس بالأيدي وترى بالعيون

ولا شك أن هذا يفيد اعتقاد استمرار النبوة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذ أن كلَّ من ينزل عليه الملك بشيء من السماء فهو نبي بلا مراء ولا سيما إذا أمره بتبليغه للناس ودعوتهم إليه كما في شأن “صلاة الفاتح لما أغلق”

هجرهم للقرآن وتنفير الناس منه

بما أن التشيع والتصوف دعوة باطنية تهدف إلى هدم الإسلام وطمس معالمه وإبطال دعوته فإن أصحاب هذه الدعوة يحاربون القرآن الكريم محاربة لاهوادة فيها إذ أن القرآن هو حبلُ الله المتينُ ولن يزال الناس على إسلامهم ما داموا متمسكين به. ولكل من الفريقين طرقا ووسائل لمحاربة الكتاب العزيز وإبطال قدسيته وتنفير الناس منه كي يبدلوه بغيره

أما طريقة الشيعة فهي معروفةٌ مٍشهورةٌ، فهم يُنفون ثبوتَ القرآن من أصله ويُنكرون حفظه من الله تعالى ويَعْتقدون تَحْريفَه وتَغْييرَه وثبوتَ الزيادة والنقصان فيه. وهذا أمر لا يحتاج إلى استدلال بل ولا إلى تمثيل لشهرته واستفاضته عنهم ومعرفة العام والخاص به، ولأن الشيعة لا ينكرونه ولا يحاولون إخفاءه إلا عندما يريدون اصطياد البسطاء والجهال فيلجئون إلى التقيّة والنفاق

وعقيدة الرافضة في هذا القرآن الذي بأيدي الناس اليومَ والذي يتلوه المؤمنون آناء الليل وأطراف النهار في صلاتهم وخارجها أنه محرَّفٌ ومبدَّلٌ، وأن هذا المصحف لا يمثل إلا جزءًا يسيرًا من القرآن المنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم وأن الذين بدلوه وحرفوه هُمُ الصحابة رضوان الله عليهم وذلك بحذف فضائحهم الواردة فيه وفضائل عليّ وأهل بيته التي جاءت منصوصا عليها في الذكر الحكيم. وكتبهم المعتبرة عندهم مشحونة بالروايات التي تدل على ذلك. جاء في كتاب بصائر الدرجات للصفَّار بسنده عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (إمام الشيعة الخامس) أنه قال: “ما يستطيع أحد أن يدّعي أنه حفظ القرآنَ كلَّه ظاهرَه وباطنَه غير الأوصياء.”7 وعنه أيضا: “ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كلّه كما أنزله الله إلا كذّاب، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده.”8

وجاء في كتاب الكافي – وهو أصح الكتب عندهم – مقدار ما أسقط من القرآن بزعمهم. فعن أبي عبد الله: “أن القرآن الذي جاء به جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعةَ عشرَ ألف آية.”9 وهذا يعني أن ثلثي القرآن قد أسقط حيث إن عدد آيات القرآن الموجود الآن لا يتجاوز ٦٢٣٦10

وعلماء الشيعة يصدقون هذه الروايات و يقررونها في كتبهم. يقول هاشم بن سليمان البحراني وهو من كبار مفسريهم: “إعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات.”11

وقد قام أحد كبار علماءهم المتأخرين وهو النوري الطبرسي بتأليف كتاب ضخم في إثبات دعوى تحريف القرآن ضمّنه آلاف الروايات التي تدل على هذه العقيدة عندهم، وذكر في الكتاب أنه لا يعرف من بين علماء الشيعة قاطبة من يخالف في هذا غير أربعة نفر.12

هذا، وللرافضة أساليب أخرى في تنفير الناس من القرآن مثل زعمهم أنه لا يجب العمل بالقرآن حتى يقوم قائمهم (يعني مهدي الشيعة) الذي عنده وحده القرآن الكامل الحقيقي وعلم تفسيره13

إلى غير ذلك من الأساليب التي تهدف إلى زعزعة إيمان المسلمين بكتاب ربّهم وتضعيف ثقتهم به وقطع صلتهم معه حتى يسهل جرُّهم إلى الكفر باسم محبة أهل البيت والولاء لهم

أما الصوفية فلهم أسلوب مغاير وإن كان الهدف واحد. فهم لا يَطعنون في ثبوت القرآن وقدسيته ولا يُنكرون حفظ الله له ولكنهم يُصرفون الناس عنه وعن تلاوته وتدبره والإهتداء بهديه عن طريق توفير بديل له أسهل منه وأوصل إلى المقصود. وهذا الأسلوب يتَّضح بجلاء عند أقطاب الطريقة التجانية الذين يزينون لأتباعهم أن “صلاة الفاتح لما أغلق” التي يزعمون أنها وحيٌ من الله وأن الملك نزل بها في صحيفة من نورهي أفضلُ من القرآن بستمائة مرة أو ستة آلاف مرة.14 ثم يقررّون لهم أن المسلم العاصي لا ينبغي له أن يقرأ القرآن لأن القرآن يلعنُه، وأن مداومة الصلاة على النبي – بصيغة الفاتح لما أغلق طبعا – أفضلُ في حقه لأنه يكسب ملايين الثواب ويدخل الجنة بدون حساب أو عقاب بتلاوة هذا النوع من الصلاة بينما يزداد طردا ولعنا وبعدا من الله بتلاوة القرآن.15

وقد يتّبعون نفس الأسلوب ولكن بذريعة أخرى فيزعمون أن فهم القرآن ليس أمرا ميسرا لعامة الناس وإنما للخاصة وخواص الخاصة منهم ولذلك فالإشتغالُ بتلاوته محفوفٌ بالمخاطر وعلى المرء أن يشتغل بدله بمطالعة كتب العلماء وتقليدهم في الأحكام ولا يتجازف بمحاولة فهم شيء أو استنباط حكم من القرآن لأن هذا قد يجره للهلاك من حيث لا يشعر. وفي مثل هذا يقول الذي وصفوه بالعالم العلامة العارف بالله تعالى الشيخ أحمد الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين: “ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية(!) فالخارج عن المذاهب الأربعة ضالٌ مضلٌ وربما أداه ذلك للكفر لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر.”16 فانظر يا رعاك الله كيف أن القرآن الذي أنزله الله هدى ورحمة وبشرى للعالمين قد أصبح عند أقطاب الصوفية العارفين بالله أصلا من أصول الكفر. فكيف يقترب من القرآن من يصدق هذيان هذا العارف الدجّال. وهل قائل هذا الكلام يؤمن بالقرآن؟

وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية قصة عارف آخر وهو عفيف الدين سليمان التلمساني أنه قَرَأ كتاب فصوص الحكم لابن عربي الطائي فقيل له: إن فصوصكم يخالف القرآن. فقال: “القرآنُ كله شركٌ وإنما التوحيدُ في كلامنا.”17

ومثل هذا الكلام كثير عند الصوفية مما يدل على أنهم – مثل إخوانهم الرافضة – لا يؤمنون بقدسية القرآن وأنه من عند الله حقا وإن كانوا لا يصرحون بذلك إلا نادرا

تفضيل الأئمة والمشايخ على الأنبياء

الشيعة والمتصوفة يُفضّلون أئمتَهم ومشايخَهم على الأنبياء والمرسلين إلا أن الرافضة – كالعادة – أشدُّ صراحةً وجرأةً في ذلك. يقول أحد كبار علماء الشيعة وهو المدعوّ بعبد الله شُبَّر: “يجب الإيمان بأن نبينا وآله المعصومين أفضلُ من الأنبياء والمرسلين ومن الملائكة المقربين لتضافر الأخبار بذلك وتواترها.”18 هذه عقيدة الرافضة في أئمتهم. وأما قوله “نبينا” فهذا من جنس ما يقال ذرُّ الرّماد في العيون؛ ومما يدل عليه أن الخميني في النص الآتي عمَّ ولم يَسْتَثْن

يقول الخُميني: “فإن للإمام مقامًا محمودًا، ودرجةً ساميةً، وخلافةً تكوينيةً تخضعُ لولايتها وسيطرتها جميعُ ذرات هذا الكون. وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌ مرسلٌ.”19

وهي عين عقيدة المتصوّفة في أقطابهم وأولياءهم ويتضح ذلك بجلاء في وصفهم للقطب ووظيفته في الكون. فهو”خليفة الله في جميع مملكته الإلهية بلا شذوذ، متصفا بجميع صفات الله وأسمائه حتى كأنّه عينُه.”20 فالشيخ الصوفي – في نظر المتصوفة – ليس مبلغا عن الله وداعيا إليه بإذنه فحسب، بل هو خليفتُه في جميع مملكته يتصرف فيها كيف يشاء. فأين هذا من النبي الذي هو بشرٌ يوحى إليه يقفُ عند هذا الوحي ولا يتجاوزه قيد أنملة؟ ولاحظ كيف اتحدت عبارة الطائفتين في المبنى والمعنى. تشابهت قلوبهم، قد بيّن ربنا الآيات لقوم يوقنون

قولهم إن الأئمة والمشايخ يعلمون الغيب

يعتقد الرّافضة والصوفيّة أن أئمتَهم وأولياءَهم يعلمون الغيبَ. أما الرافضة فيصرحون بذلك تصريحا في غاية الجُرْأة، وأما الصوفية فيراوغون مراوغة الثعالب ربما لالتصاقهم بأهل السنة أكثر. وروايات الشيعة التي تفيد هذا المعنى أكثر من أن تدخل تحت الحصر. جاء في كتاب الكافي تحت “باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء صلوات الله عليهم” عن أبي عبد الله أنه قال: “ورب الكعبة ورب البنيَّة – ثلاث مرات – لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلمُ منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علمَ ما كان ولم يُعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وراثة.”21

ويقول عالمهم محمد بن نعمان الملقب بالمفيد: “إن الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وسلم قد كانوا يعرفون ضمائرَ بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه.”22

أما الصوفية فلا يُصَرّحون أبدا بأن أولياءَهم ومشايخَهم يعلمون الغيبَ ولكن يُفهم من بعض عباراتهم أنهم يعتقدون ذلك. فمثلا جاء في كلام السيد العربي بن السائح وهو يدافع عن شيخه التجاني الذي دعا على أهل قرية من المسلمين بأن يَسُدَّ الله أبوابَ رحمته في وجوههم وأن يسلط عليهم الكفار، قال: “ودعاؤه عليهم بهذا في بساط الشريعة وجهة الغيرة الإيمانية في بساط الحقيقة مجاراة ما كُوشف به في سرّه من نفوذ الأقدار الربّانيّة. ولا يُقال على مثل هذا مما يصدر من أمثال هذا الشيخ الكبير لو دعا لهم بالهداية مثلا لكان أولى لأنهم (أي الأولياء الكبار) غرقَى في بحار المشاهدة وجميعُ حركاتهم وسكناتهم في جميع أقوالهم وأفعالهم جاريةٌ على حكم ما يتجلى الحق به على قلوبهم وأيضا قد روي في بعض الأخبار إذا أراد الله بقوم سوءا يوحي إلى قلوب أوليائه: لا تسألوني في أمر القوم فإني عليهم غضبان. فيجيبونه بطلب النجاة لأنفسهم: اللهم سَلّمْ سَلّمْ.”23

وهذا كلام في غاية الخطورة، ويبين بوضوح أن السيد ابن السائح يعتقدُ أن شيخه التجاني وأمثالَه من أقطاب الصوفية يعرفون ما تجري به المقاديرُ قبل وقوعها وأن الله يوحي إلى قلوبهم بما يريدُ فعلَه كأنه يستشيرُهم أو يشعرهم حتى لا يسألوه خلاف ما يريدُ فتحصل مصادمة! وانظر إلى الكلمات والعبارات التي يستعملها: الشريعة…الحقيقة…الكشف…السرّ…غرقى في بحار المشاهدة…وأخيرا يوحي الله إلى القلوب! فكأنه يأخذ بيد سامعه فيوصله إلي مراده بلطف وبطريقة ملتوية طويله. وأخيرا لم يقل: “أوحى الله إليهم” بل “أوحى إلى قلوبهم.” ولكن ما الفرق؟!

وهذا الكلام مثالٌ جيّد لطريقة الباطنية في جرّ البسطاء والحمقى والجهال إلى اعتقاد الكفر: المراوغة والإلتواء (ليّا بألسنتهم) وشيء يسير من الإرهاب الفكري وهو ما يشير إليه قوله: “أمثال هذا الشيخ الكبير.”

الإمامُ والغوث خليفتان لله على جميع خلقه

الرافضة والصوفية يعتقدون أن الإمامَ والقطبَ الغوثَ خليفتان لله تعالى على جميع مملكته الإلهية، أي أنهم يتصرفون في الكون نيابةً عنه، ولم يعد الله يتصرف في الكون وليس هوكل يوم في شأن بل الشأن الآن للإمام الغوث

يقول “الإمام” الخميني: “فإن للإمام مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون.”24

ويقول الشيخ علي حرازم في وصف القطبانية: “هي الخلافة العظمى عن الحق مطلقا في الوجود جملة وتفصيلا حيثما كان الرب إلها كان هو خليفته في تصريف الحكم وتنفيذه في كل من عليه ألوهية الله تعالى.”25

ويقول في موضع آخر إن القطب “هو خليفة الله في جميع مملكته الإلهية بلا شذوذ متصفا بجميع صفات الله وأسمائه حتى كأنه عينُه.”26

ومعنى هذا إقالة الله من ألوهيته (غفرانك اللهم) وإعطاء مهامّ الإلهية وصلاحيّاتها وكافة سلطاتها التنفيذية – كما يقولون بلغة السياسة العصرية – للإمام والغوث فهو المتصرفُ والمُنفّذ والفعّالُ لما يريدُ وله تخضعُ جميعُ ذرات الكون، وبإيجاز شديد هو الإله الجديد بعد استقالة الإله القديم، فلنعبُدْه ولنصطبرْ لعبادته! وهذا عين مرادهم ومقصودهم ولذلك اشترطوا في عبادة هذا الإله الجديد الشرط التالي. قال الشيخ علي حرازم: “وشرطه الخاص (أي الورد التجاني) لمن قدر عليه استحضار صورة القدوة (أي الشيخ التجاني) بين يديه وأنه جالس بين يديه من أول الذكر إلى آخره ويَسْتمدُّ منه.”27

فانظر إلى هذا الشرط الباطني الماكر: المريد يجلس من أول الذكر إلى آخره يذكر اسم “الله” ويستحضر صورة “الشيخ” في قلبه ويستمد منه. فمن لم يفهم أن هذا الشيخ هو الإله الذي يدعوه بذكره فهو أضل من حمار أهله

 

فاطمة والشيخ التجاني هما معكم أينما كنتم

الرافضة والصوفية يعتقدون أن فاطمةَ رضي الله عنها والشيخَ التجانيَّ هما معهم أينما كانوا. أما عن الشيخ التجاني فهذا واضحٌ مما تقدم قريبا من أنه يكون مع المريد أثناء الورد من أول الذكر إلى آخره؛ فإن هذا الورد – ولا سيما ذكر عصر يوم الجمعة – يقام في وقت واحد (وهو من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس) في كل الأقطار التي يتواجد فيها التجانيون. فيقام مثلا في قرى نيجيريا ومدنها، وفي غانا وفي السّنغال وغيرها، والشيخ التجاني معهم جميعا في آن واحد بل جالس بين أيديهم يمدُّهم. وهو معهم أينما كانوا، ليس بعلمه فحسب بل ظاهر العبارة يفيد أنه بجسمه، أو نقول بذاته؟!

أما السيدة فاطمة رضي الله تعالى عنها فبحسب اعتقاد الرافضة أنها تكون معهم أينما كانوا بصورتها النُّورية

سُئل آيتهم العُظمى جوادُ التبريزي: هل يجوز الإعتقاد بأن الصدّيقة الطّاهرة السيّدة الزَّهْرَاء عليها السلام تَحْضُرُ بنفسها في مجالس النساء في آن واحد في مجالسَ متعدّدة بنفسها ودمها ولحمها؟ هذا نص السؤال

فأجاب: “الحضورُ بصورتها النُّوريّة في أمكنة متعددة في زمان واحد لا مانع منه، فان صورتَها النوريةَ خارجةٌ عن الزمان والمكان، وليستْ جسما عنصريا ليحتاجَ إلى الزَّمان والمكان، والله أعلم.”28

استخفافهم بالنبيّ وطعنُهم فيه

المتصوفة والشيعة – على الرغم من الدعوى العريضة لحبّ النبي والولاء لأهل بيته – فهم يستخفون بمقام النبوّة ويَطْعنون في شخص النبي صلى الله عليه وسلم وينالون من مَنْصبه العظيم. فتارة يَسْخَرون منه وتارة يجعلون الأئمة والأولياء نُظَراء له. بل ما تركوا درجة ولا ميزة ولا فضلا ولا مقاما ولا مَنْقَبَة للنبي صلى الله عليه وسلم إلا أشركوا فيها معه الأئمة والأولياء

إبراهيمُ ومحمدٌ والتجانيُّ خليلُ الله

لقد أخبر الله تعالى في كتابه العزيز أنه اتخذ نبيه إبراهيم خليلا، فقال جلّ من قائل: “ومن أحسنُ دينًا ممنْ أسلمَ وجهَه لله وهو محسنٌ واتّبعَ ملَّة إبراهيم حنيفًا، واتخذ اللهُ إبراهيمَ خليلًا.”(النساء: 125). وثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخي وصاحبي، وقد اتخذ اللهُ عزّ وجلّ صاحبَكم خليلا.” ولكن الشيخ التجاني الذي جعل نفسه نظيرا ومنافسا للنبي صلى الله عليه وسلم لم يرُقْ له أن يذهب هذان النبيّان من أولي العزْم بهذه الخصوصيّة وحدهما فأراد أن يثبت أنه فوقهما فجمع لنفسه مقامين هما المحبة والخلة. قال الشيخ عمر الفوتي من أقطاب التجانية: “لشدّة عنايته (أي الله تعالى) بهذا الشيخ العظيم (أي التجاني) جَمَعَ له بين مقام المحبّة والخُلَّة الناشئَيْن من هذه الدائرة التي بها اتخذ اللهُ تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم حبيبًا وسيدَّنا إبراهيمَ خليلا لوراثته إياهما من هذين النبيين.”29

وقوله “اتخذ الله محمدا حبيبا” يشير به إلى الحديث الآخر الذي فيه “ألا وأنا حبيب الله ولا فخر” وهو حديث ضعيف

لواء الحمد بيد النبي وعلي والشيخ التجاني يوم القيامة

روى الإمام مسلم وأبو داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر.”30

فكأن هذا شقَّ على الرافضة أن يذهب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الفضل العظيم والمقام الرفيع وحده فرووا أن إمامهم علي بن أبي طالب هو سيد الخلق كلهم يوم القيامة وأن مناد ينادي في المحشر: يا معشر الإنس والجن هذا إمامكم، وينصب له منبر من نور فيقوم عليه ويخطب الخلق أجمعين.31

وجاء الشيخ التجاني فدخل السّباق وادعى لنفسه هذه المنقبة العظيمة. نقل الشيخ فتحا النظيفي في كتاب الدرة الخريدة: “إذا جمع الله خلقه في الموقف ينادي مناد بأعلى صوته حتى يسمعه كلُّ من في الموقف: يا أهل المحشر هذا إمامكم الذي كان مدد كم منه.”32

ومعنى هذا أن عليَّ بن أبي طالب، في نظر الشيعة، والشيخَ التجاني، في نظر التجانيين، هما إماما أهل المحشر كلهم حتى الأنبياء والمرسلين وحتى نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم. وزادت التجانية فادعت أن مَدَدَ الخلق يأتي من الشيخ التجاني، وهذا يدل على أن التجاني يفوق الأنبياء بدرجات بل ويفوق نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لأنه لا يَمُدُّ أحدا ولا يمد حتى نفسه بشهادة القرآن، بل إن الله تعالى لم يعلمه من جملة ما علمه بأن أحدا غيره سبحانه وتعالى يستطيع إيصال الإمْدَاد إلى أحد أو شيء من المخلوقات، وهذا ما أمره الله أن يعلّم جميعَ الناس في قوله: “قل إنما أدعوا ربي ولا أشرك به أحدا. قل إني لا أملك لكم ضرًّا ولا رشدًا. قل إني لن يجيرني من الله أحدٌ ولن أجد من دونه ملتحدًا. إلا بلاغا من الله ورسالاته، ومن يعص اللهَ ورسولَه فإن له نارَ جهنم خالدين فيها أبدًا.”(الجن: 20-23)

الشيخ التجاني أعطي السبع المثاني

لقد أخبر الله تعالى أنه أعطى نبيَّه محمدا صلى الله عليه وسلم السبع المثاني فقال مخاطبا نبيَّه: “ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم.”(الحجر: 87). وفسر الشيخ عبدُ الله بن فودي هذه الآيةَ فقال: “كأن الله يقول له صلى الله عليه وسلم: لقد أعطيناك القرآن العظيم الذي يُستحقر دونه كل نعمة فعليك به واستغن عن غيره واستغن بالعلم عن الشهوات.”33

أما الصوفية الذين لا يحبُّون أن يروا النبي صلى الله عليه وسلم يذهب هو وحده بمثل هذه المناقب والخصوصيات العظام فأعطوا هذه الخصوصية لأنفسهم صراحةً. رَوَى صاحب الرماح أن الشيخ التجاني قال: “أعطاني الله من السبع المثاني ما لم يعطه للأنبياء وإن الله أعطاني ما لم يعطه لأحد من الشيوخ أبدًا.”34

النور المحمدي والنور العلوي

وحتى في الأمور التي هي أساطير بشهادة العلماء والعقلاء فإن القوم يغيظهم أن يروا النبي صلى الله عليه وسلم يستأثر بها وحده ويأبون إلا أن يشركوا أئمتهم وأقطابهم فيها. لقد اشتهر عن الصوفية القول بالنّور المحمدي الذي هو أول ما خلق الله بزعمهم ومنه فاض العَالَمُ وفاضت الخلائق أجمعون. ويستندون في هذا القول إلي أحاديث موضوعة مثل قوله: “أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر،” وهو حديث مختلق مكذوب35 ولكن يتشبثون به ليُضفوا علي أوليائهم المُزوَّرين مزايا لا يستحقونها لو كانت حقيقةً فكيف وهي مزورةٌ أيضا

وجاءت الشيعة فنسبت لأئمتها هذا النّور الأسطوري واختلقت هي الأخرى رواياتٍ لإثباتها. قال “الإمام” الخميني: “إعلم أيها الحبيب أن أهل بيت العصمة عليهم السلام يُشاركون النبيَّ في مقامه الروحاني الغيبي قبل خلق العَالَم، وأنوارهم كانت تسبح وتقدس منذ ذلك الحين، وهذا يفوق قدرة استيعاب الانسان حتى من الناحية العلمية.”36

وسئل المرجع الشيعي الميرزا حسين الحائري عن هذا النور الوهمي فجاء في جوابه: “إنه سبحانه خلق في أول الإيجاد نورا مقدسا شريفا شعشعانيا، فنسبه إلى نفسه وصفاته، فخلق من ذلك النور محمدا وخلق من نور نبيه عليا أميرَ المؤمنين عليه السلام، كالضوء من الضوء، وكالشمعة من الشمعة، وهذه الشمعة الثانية تمثل الشمعة الأولى بكل مزاياها من الصفات اللّاهوتية، إلا أن الفضل للأولى لأوليتها ووساطتها في وجود الثانية، وكذلك سائر المعصومين يعني فاطمة الزهراء وأبنائها الطيبين الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعين.”37

وهذا النور الوهمي الأسطوري الذي يتهافتون عليه من العقائد الوثنية التي أدخلتها الباطنية إلى دين الإسلام وتلقاها هؤلاء الجهال الذين لم تستـنر عقولهم وقلوبهم بنور القرآن والسنة فصاروا يصدقون بكل ما توحيه إليهم شياطينهم من الإنس والجن. وهي مأخوذة من فلسفة الفيض المعروفة وهي من أقدم الفلسفات عند اليونان الوثنيّين

وهذا الذي رأيناه من الإستخفاف بمقام النبوة وخلق نظراءَ للنبي صلى الله عليه وسلم من قبل كلا الفريقين من الرافضة والصوفية استمرار لجهود الباطنية في إبطال الوحي       وتكذيب الأنبياء ودحض رسالاتهم وتمهيد الطريق لإحلال الشرك محل التوحيد. ومع الأسف الشديد فقد قام فريق من المسلمين بإسم التصوف والتشيع يساندون هذه الدعوة ويدافعون عنها بكل جد وإخلاص وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. ولا يخفى أن هذا من آثار غياب علم السنة والكتاب، والإعتصام بهديهما، والسير على منهاجهما

إنتقاص الصحابة ومعاداتهم

ومن أساليب محاربة الوحي عند الباطنية إنتقاصُ نقلته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاداتُهم والطعنُ فيهم ليُتوصل به إلى الطَّعن في القرآن والسنة وصرف الناس عنهما. وقد لعب الفريقان – الشيعة والصوفية – دورا خطيرا في تحقيق هذا الهدف

الرافضة عقيدتُهم في الصحابة معروفةٌ، وموقفهم منهم معروفٌ مشهورٌ. هم يقفونمن الصحابة موقفَ العداوة والبغضاء، والحقد والضغينة، ويظهر هذا في مطاعنهم الكثيرة علي الصحابة التي تزخر بها كتبهم القديمة والحديثة. ويعتقدون كفرهم وردتهم إلا نفرا يسيرا منهم38 كما يرون أنهم شرُّ عباد الله في الأرض39 ولا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرؤ منهم.40

ولا يخفى ما في هذا من الكيد للإسلام ومحاولة إبطاله من أصله لأنه إذا كان الصحابة الذين هم نقلة الكتاب والسنة كفارا فقد بطل ما نقلوه وأوصلوه إلينا من الدين. وأيضا فهذه العقيدة تنطوي على الكفر الصراح لأنها تتضمن تكذيبا للقرآن الذي شهد للصحابة برضى الله وجنة الخلد، وهذا عين الكفر والعياذ بالله

أما الصوفية فإنهم لايُصرّحون بعداوة الصحابة وربما تظاهروا بمحبتهم واحترامهم والولاء لهم. ولكنَّهم يُطلقون أحيانا عبارات تكون عند التأمل طعنا في الصحابة وانتقاصا لهم ونيلا من منصبهم العظيم. ومن ذلك ما قرَّرَه أقطابُ الطريقة التجانية أن النبي صلى الله عليه وسلم “كان يُلقي أحكام الخاص للخاص والعام للعام في حياته، أما بعد وفاته فقد انقطع إلقاء العام للعام وبقي إلقاء الخاص للخاص” ويعتبرون أوراد طريقتهم التي يزعمون أنهم تلقوها من النبي مشافهة، يقظةً لا منامًا، هي من القاء الخاص للخاص.41 وإذا اعتبرنا أن هذه الأوراد لم يعرفها الصحابة ولم تكن من جملة ما ألقاه إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، تَرَتَّبَ عليه أن صحابة رسول الله من جملة العوام الذين لم يتلقوا هذا الإلقاء الخاص

ومثله – وأصرح منه – ما روي عن الشيخ التجاني أنه قال: “أقول لكم إن مقامنا عند الله في الآخرة لا يصله أحد من الأولياء، ولا يقاربه لا من صَغُر ولا من كَبُر، وإن جميع الأولياء من عصر الصحابة إلى النفخ في الصور ليس فيهم من يصل مقامنا ولا يقاربه لبعد مَرَامه عن جميع العقول وصعوبة مسلكه على أكابر الفحول.”42

وهذا الكلام صريح في تفضيل الشيخ التجاني نفسه على الصحابة، بل هو – في نظره – أفضل منهم بمراحلَ إذ أنهم لا يصلون مقامه ولا يقاربونه لبعد مرامه كما قال

ولا حاجة بنا إلى رد هذا الهذيان؛ فإن كل مسلم سليم العقيدة، لم يُصَبْ بداء البدعة، يَعْلَمُ يقينا أن جميع أولياء الباطنية لو جُمعوا في صعيدٍ واحدٍ فإنهم لا يبلغون شراك نعل أدنى صحابي، وأن غبارًا أثاره فَرَسُ صحابي في بَدْر أو أُحُد خير من مليء الأرض من مثل هؤلاء الأولياء الذين هم حطب جهنم إن لم يتوبوا. نسأل الله لنا ولهم العافية

ومن ذلك ما ذكره الإمام المجاهد الشيخ عثمان بن فودي رحمه الله في كتابه “حصن الأفهام” عن متطاول مغرور يقول: “ليُزَاحمنّ كتفي أكتاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب الجنة حتى يعلموا أنهم قد خلّفوا من وراءهم رجالا.” وكأن هذا المتطاول المغرور لم يسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو أنفق أحدُكم مثلَ أحدٍ ذهبا ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه.” (أبو داود)

هذا، وهناك غيرُ ما ذكرنا من العقائد التي اتفقت عليها الرافضة والصوفية نواحٍ تشابهوا فيها لتشابه قلوبهم وأهدافهم واتحاد أصلهم باعتبارهم غصنان للشجرة الملعونة في القرآن ألا وهي شجرة البدعة. وفيما يلي نذكر طرفا من هذه النواحي

تعظيم القبور والزيارات البدعية والشركية إليها

الشيعة والصوفية يتفقون في الشركيات من تعظيم القبور والبناء عليها والطواف بها والصلاة إليها ودعاء من فيها من دون الله عز وجل. ولهم في ذلك مبالغات عجيبة تشهد بضلالهم وبعدهم عن التوحيد الخالص الذى جاءت الرسل لإرساء بناءه

افترء الكذب وتكذيب الصدق ووضع الأحاديث والعمل بها

اتفقت الطائفتان في افتراء الكذب وتصديقه وتكذيب الصدق ووضع الأحاديث والعمل بها ودعوة الناس إليها. فصار لهما أوفر نصيب من قوله تعالى: “فمن أظلم ممن كذَب على الله وكذبَّ بالصدق إذ جاءه.”(الزمر: 32). ومن عجيب أمرهم أنهم يتفقون في معاداة من جاء بالصدق وصدَّق به كما في قوله تعالى: “والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون.”(الزمر: 33) وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبع نهجهم. وهذا منتهى الظلم

فالشيعة عامة دينهم مبني على الكذب وهم أكذب الطوائف باتفاق العلماء. أما المتصوفة فهم – بالقياس إلى إخوانهم الرافضة – أقلُّ كذبا ولكنهم أيضا يختلقون الأساطير في كرامات الأولياء ومناقبهم بما لا يصدقه العقل السليم

الطاعة العمياء لمراجعهم وأولياءهم

يتفق عوام الشيعة والطّرُقية في الطاعة العمياء لعلمائهم ومشايخهم ويَتَرَبَّون تربية خاصة تُصيّرهم كالآلة الصمّاء لا يسألون ولا يستفهمون بَلْه المُناقشة. وهذا من مكر الباطنية الذين يستهوذون على قلوب الناس ليسهل عليهم إضلالهم. بخلاف تعليم النبوة الذي يسعى إلى تحرير العقول وتنويرها، ولذلك كثر في الروايات: “ولم يا رسول الله؟”…”ولا أنت يا رسول الله؟”…”أرأيت يا رسول الله؟” وغيرها من العبارات التي تدل على السؤال والنقاش والمراجعة

استغلال الفريقين لأتباعهم

ونتيجةً لاستعباد قلوبهم فإن مراجع الشيعة ومشايخ الطرق الصوفية يستغلون أتباعهم روحيا وماديا وأدبيا. أما الرافضة فهناك الخُمُسُ المفروض والعتاوات المدفوعة عن يدٍ وما يُلْقَى في المشاهد والأضرحة وغير ذلك. هذا زيادة على التَمَتّع بنساء الناس وبناتهم. وقليل منهم من يترفع عن هذا إلا من عصم الله

وأما دجاجلة الطرق الصوفية فكثير منهم يعيش على الهدايا والصدقات إلى جانب ما يحصلون عليه عن طريق الدَّجَل والشعوذة. وقد رأينا كثيرا منهم مات وترك أموالا طائلة ولم تكن له طريقة كسب معروفة. وربما ادعوا أنهم يحصلون على الأموال من طريق الكرامة وهو كذب مفضوح

خاتمــة: نسأل الله حسنها

وبعد هذا العرض السريع لبعض العقائد التي اتفق عليها الرافضة والصوفية نرى من الإنصاف أن نبين أن كثيرا من الذين ينتمون إلى التصوف والتشيع – خصوصا في نيجيريا – لا يعرفون حقيقة ما هم عليه من الشرك والضلال، ولا يدركون أنهم أبواقٌ في أيدي أعداء الله وأعداء الرسل من الفرق الباطنية الهدّامة، وذلك لعموم الجهل – ولا سيما الجهل بالكتاب والسنة – هذا من جهة، ومن جهة أخرى كثرة أساليب الدعاية التي تستخدمها هذه القوى الخفية والإمكانات الهائلة المتوفرة لديها

كما ينبغي أن نبيّن للقارىء الكريم أننا لسنا أول من قال بالإتفاق العقدي بين الشيعة والصوفية، بل هذه حقيقة مسلّم بها بين العلماء علي إختلاف مذاهبهم ومشاربهم. ونضرب هنا مثلا بما قاله أحد العلماء الذين لا يتهمهم أحد بأنهم من أتباع شيخ الإسلام ابن تيمية أو أنهم من الطائفة الوهابيّة ألا وهو العلّامة عبد الرحمن بن خلدون. يقول رحمه الله في كتابه الشهير الموسوم بمقدمة ابن خلدون: “ثم حدث أيضا عند المتأخرين من الصوفية الكلام في الكشف وفيما وراء الحس. وظهر من كثير منهم القول على الإطلاق بالحلول والوحدة، فشاركوا فيها الإمامية والرافضة لقولهم بألوهية الأئمة وحلول الإله فيهم. وظهر فيهم أيضا القول بالقطب والأبدال، وكأنه يحاكي مذهب الرافضة في الإمام والنُّقباء وأُشربوا أقوال الشيعة.” (مقدمة ابن خلدون، ص ٢٥٤)

ويقول في موضع آخر: “ثم إن هؤلاء المتأخرين من الصوفية المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك…وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدّائنين أيضا بالحلول وإلهية الأئمة مذهبا لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر.” (المقدمة، ص ٣٨٦)

ومن الإنصاف أيضا أن نبين أنه مع كل هذا الإشتراك في الأصول والإتفاق في العقائد كما وصفه العلامة ابن خلدون، وكما رأيناه موضحا في هذه الرسالة الوجيزة، فإن ثمة فروقا أساسية بين الطائفتين لأن الصوفية رغم انحرافاتهم الخطيرة في العقيدة والفكر والسلوك إلا أنهم مع ذلك كله يُعدّون من فرق أهل السنة بالمعنى العام إذ أنهم يُقرّون بخلافة الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم إلى جانب اعترافهم بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كرابع الخلفاء الراشدين. والرافضة كما هو معلوم لا يقـرّون بإمامة الثلاثة بل ولا بإسلامهم ويرون التبرأ منهم أصلا من أصول الدّين لا يصح إيمان المرء إلا به

وعلى هذا الأساس فإن علماء الشيعة يُكفّرون الصوفية كلَّهم بدون استثناء، ويعتبرونهم من النّواصب أعداء أهل البيت، لأنهم يتولّون الخلفاء الثلاثة ولا يتبرءون منهم، وهذا عندهم معناه بُغْض أهل البيت لأن كل من يحبُّ أبابكر وعمرَ فهو عندهم مبغض لعلي وأهل بيته. يقول شيخ الرافضة ومحدثهم وفقيههم الحـرّ العاملي: “إعلم أن هذا الإسم وهو اسم التصوف كان مستعملا في فرقة من الحكماء الزايغين عن الصواب، ثم بعدها في جماعة من الزنادقة وأهل الخلاف من أعداء آل محمد كالحسن البصري وسفيان الثوري ونحوهما، ثم جاء فيمن جاء بعدهم وسلك سبيلهم كالغزالي رأس الناصبين لأهل البيت…ثم سرى الأمر إلى تعلق بعضهم بجميع طريقتهم وصار من تبع بعض مسالكهم سندا لهم…وصار اعتقادهم في النواصب والزنادقة أنهم على الحق، فتركوا أمور الشريعة. روى شيخنا الجليل الشيخ بهاء الدين محمد العاملي في كتاب الكشكول، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم من أمتي اسمهم الصوفية ليسوا مني وإنهم يهودُ أمتي وهم أضل من الكفار وهم أهل النار.)” (رسالة الإثني عشرية في الــردّ على الصوفية للحر العاملي، ص ١٣-١٦)

وعَقَدَ شيخ الرافضة المعروف بغلوّه وتشدّده وهو المدعوّ نعمة الله الجزائري، عقد في كتابه الأنوار النعمانية (ج ٢ ص ٣٠٧) بابا بعنوان “ظُلْمَة في أحوال الصوفية والنّواصب” وصف فيه الصوفية بأوصاف يتورع ذو المروءة عن نقلها كلها ولا يتسع المقام لنقل بعضها

ومع ما رأيت من تكفير شيوخ الرافضة للصوفية فإن مشايخ الطرق الصوفية في نيجـيريا قد ساهموا ولا زالوا يساهمون في انتشار مذهبهم ربما عن جهلٍ وربما عن بغضٍ وكراهيةٍ للسنة ودعاة السنة فإن الكراهية تُعمي وتُصم

فيجب على من أنقذهم الله من هذا الضلال أن يعملوا بجد ودأب لإنقاذ إخوانهم الذين ابتلوا بالسقوط في هاوية البدع والضلال كل حسب طاقته. ويتأكد الوجوب على العلماء وطلبة العلم والدعاة أن يضاعفوا الجهود ويوحدوا الصفوف وأن يواصلوا الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة راجين من الله تعالى حسن المثوبة. كما يجب على الأثرياء وأصحاب الجاه أن يسهموا بما آتاهم الله من مال وجاه؛ فإن مقاومة البدعة والضلال في المجتمع المسلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، كل حسب طاقته

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله. ونحمده سبحانه وتعالى أن أنقذنا من الشرك والإلحاد بغير حول منَّا ولا قوة، ومنَّ علينا بالإسلام والسنة. فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله

الهـــوامش

(1) منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية، ج 4 ص 242-245

(2) التحفة السنية بتوضيح الطريقة التجانية للشيخ الدكتور محمد الطَّاهر ميغري، ص 78-79

(3) بحار الأنوار للمجلسي، ج 26 ص 53

(4) بصائر الدَّرَجَات للصفار، ص 476

(5) أنظر: حقيقة الشيعة لعبد الله الموصلي، مكتبة الامام البخاري، القاهرة، 2006 ص 141

(6) جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض أبي العباس التجاني لعلي حرازم، ج1 ص 137 – 138

(7) بصائر الدرجات للصفار، ص 312

(8) نفس المصدر

(9) أصول الكافي للكليني، ج 2 ص 634

(10) تفسير ابن كثير، ج 1 ص 7

(11) مقدمة كتاب البرهان في تفسير القرآن للبحراني، ص 36

(12) فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب للنوري الطبرسي، ص 34

(13) حقيقة الشيعة لعبد الله الموصلي، ص 154 وما بعدها

(14) جواهر المعاني لعلي حرازم، ج 1 ص137-138

(15) نفس المصدر. ويراجع: التحفة السنية لمحمد الطاهر ميغري، ص 127-129

(16) حاشية الصاوي على تفسير الجلالين للشيخ أحمد الصاوي المالكي، مؤسسة دار العلوم لخدمة الكتاب الاسلامي، دمشق، بدون تاريخ، المجلد الثاني، ج 3 ص 9

(17) أورد هذه الحكاية عبد الكريم الخطيب في كتابه “المهدي المنتظر ومن ينتظرونه

(18) حق اليقين في معرفة أصول الدين لعبد الله شبّر، ج 1 ص 209

(19) الحكومة الإسلامية للخميني، ص 52

(20) جواهر المعاني، ج 2 ص 145

(21) أصول الكافي للكليني، ج 1 ص 261

(22) أوائل المقالات لمحمد بن نعمان المفيد، ص 75

(23) بغية المستفيد للسيد العربي بن السائح، دار الكتب العربية الكبرى، بدون تاريخ، ص 183

(24) الحكومة الإسلامية للخميني، ص 52

(25) جواهر المعاني، ج 2 ص 89

(26) نفس المصدر، ج 2 ص 145

(27) نفس المصدر، ج 1 ص123

(28) رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم لعمر الفوتي، بحاشية جواهر المعاني، ج 2 ص 30

(29) أنظر: التاج الجامع للأصول من أحاديث الرسول، ج 3 ص 228

(30) كشف الغمة في معرفة الأئمة لأبي الحسن الأربلي، ج 1 ص 141

(31) الدرة الخريدة شرح الياقوتة الفريدة للشيخ محمد فتحا بن عبد الواحد النظيفي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر، 1392/1971، ج 1 ص 105

(32) ضياء التأويل في معاني التنزيل للشيخ عبد الله بن فودي، مطبعة الاستقامة، القاهرة، 1380/1961، ج 2 ص 216

(33) رماح حزب الرحيم، ج 2 ص 28

(34) أنظر: المنار المنيف في الصحيح والضعيف للإمام ابن القيم

(35) الأربعون حديثا للخميني(!)، دار التعارف، بيروت، بدون تاريخ، ص 604

(36) الدين بين السائل والمجيب للميرزا حسين الحائري، منشورات مكتبة الامام الصادق العامة، الكويت، بدون تاريخ، ج 2 ص 181

(37) الروضة من الكافي، ج 8 ص 245

(38) تفسير القمي لأبي الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي، ج 2 ص 449

(39) حق اليقين لعبد الله شُبَّر، ص 53

(40) جواهر المعاني، ج 1 ص 141

(41) نفس المصدر، ج 2 ص 176

تعريف بأهم مصادرالبحث ومصنفيها

       

  • كتاب الكافي

       

لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، دار الكتب الاسلامية، طهران، بدون تاريخ

أول أصح الكتب الأربعة عندهم. قال أغا برزك الطهراني: “الكافي في الحديث هو أجل الكتب الأربعة الأصول المعتمدة، لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول….” (الذريعة إلى تصانيف الشيعة، لآغا برزك الطهراني، دار الأضواء، بيروت-لبنان، 1403، ج 17 ص 245)

 

وقال عباس القمي “هو أجل الكتب الإمامية والذي لم يعمل للإمامية مثله”. (حاشية الإحتجاج للطبرسي، أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، منشورات الأعلمي للمطبوعات، بيروت-لبنان، ط ثانية، 1403/1983)

  • أوائل المقالات في المذاهب المختارات

لمحمد بن مجمد بن النعمان الملقب بالمفيد، دار الكتاب الإسلامي، بيروت-لبنان، 1403/1983

  • الإختصاص

style=”text-align: right;”>لمحمد بن محمد بن النعمان المفيد، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين بالحوزة العلمية في قم، ايران، دون تاريخ.

مؤلف هذين الكتابين وَصَفَه الطوسي بأنه “انتهت إليه رياسة الإمامية في وقته.” (الفهرست لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ط ثالثة، 1403/1983مؤسسة الوفاء، بيروت-لبنان، ص 190)

وقال عنه يوسف البحراني “من أجل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم.” (لؤلؤة البحرين في الإجازات وتراجم رجال الحديث، يوسف بن أحمد البحراني، تحقيق محمد صادق بحر العلوم، دار الأضواء، بيروت-لبنان، ط ثانية، 1406/1986، ص 358)

  • تفسير العياشي

محمد بن مسعود بن عياش المعروف بالعياشي، نشر المكتبة العلمية الإسلامية، طهران، بدون تاريخ

والمؤلف وصفه الطوسي بقوله “كان أكثر أهل المشرق علما وفضلا وأدبا وفهما ونبلا في زمانه.” (رجال الطوسي، محمد بن الحسن الطوسي، المطبعة الحيدرية في النجف، 1380، ص 497)

وقال عنه المجلسي “من عيون هذه الطائفة ورئيسها وكبيرها.” (بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، محمد باقر المجلسي، مؤسسة الوفاء، ط ثانية، 1403، ص 130)

  • كتاب الغيبـة

أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ط ثانية، مطابع النعمان، دون تاريخ ولا مكان الطبع

  • أمالي الطوسي

أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ط ثانية، 1401، لم يذكر دار الطبع

مؤلف هذين الكتابين والملقب عندهم بشيخ الطائفة قال عنه الحلّي “شيخ الإمامية-قدس الله روحه- رئيس الطائفة جليل القدر، عظيم المنزلة، ثقة عين صدوق، عارف بالأخبار والرجال والفقه….” (رجال الحلّي، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلّي، ط ثانية، 1381/1961، المطبعة الحيدرية، بالنجف، ص 148)

  • بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد

محمد بن الحسن بن فروخ الصفّار، منشورات الأعلمي، طهران، 1362

والمؤلف قال عنه النجاشي “كان وجها في أصحابنا القميّين، ثقة عظيم القدر…توفي عام 290.” (مقدمة بحار الأنوار للمجلسي، ص 89)

  • كتاب سليم بن قيس الكوفي

سليم بن قيس الهلالي الكوفي، منشورات مؤسسة الأعلمي، بيروت-لبنان، دون تاريخ

هذا المؤلف (ت 90) زعموا أنه من أصحاب علي رضي الله عنه. قال المجلسي في الثناء علي كتابه “هو أصل من أصول الشيعة وأقدم كتاب صنف في الإسلام….” (مقدمة البحار، ص 189)

وعن الإمام الصادق أنه قال “من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبّينا كتاب سليم بن قيس الهلالي فليس عنده من أمرنا شيء.” (مقدمة بحار الأنوار للمجلسي، ص 189)

  • البرهان في تفسير القرآن

هاشم بن سليمان الحسيني البحراني، المطبعة العلمية، قم-ايران،1393

والمؤلف (ت 1107) قال عنه يوسف البحراني “كان فاضلا محدثا، جامعا متتبعا للأخبار بما لم يسبق إليه سابق سوى شيخنا المجلسي. وقد صنف كتبا عديدة تشهد بشدة تتبعه واطلاعه.” (لؤلؤة البحرين، ص 63)

  • فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب

حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي، طبعة حجرية دون تاريخ ولا مكان الطبع

والمؤلف (ت 1320) قال عنه آغا برزك الطهراني “إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة، ومن أعظم علماء الشيعة وكبار رجال الإسلام في هذا القرن….كان آية من آيات الله العجيبة كَمُنَت فيه مواهب غريبة وملكات شريفة أهلّته بأن يعدّ في الطليعة من علماء الشيعة….ترك شيخنا آثارًا هامة قلّما رأت عين الزمان نظيرها في حسن النظم وجودة التأليف وكفى بها كرامة له.” (نقباء البشر في القرن الرابع عشر لآغا برزك الطهراني، مطبعة سعيد مشهد، نشر دار المرتضى للنشر، مشهد-ايران، ط ثانية، 1404، ج 2 ص 544-545).

  • مرآة العقول في شرح أخبار الرسول

محمد باقر المجلسي، ط ثانية، 1404، دار الكتب الاسلامية، طهران

  • بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار

محمد باقر المجلسي، ط ثانية، 1403، مؤسسة الوفاء، بيروت-لبنان.

ومؤلف هذين الكتابين (ت 1111) قال عنه الحرّ العاملي “عالم فاضل، ماهر محقق مدقق، علّامة فهّامة، فقيه متكلم، محدث، ثقة ثقة، جامع للمحاسن والفضائل، جليل القدر عظيم الشأن.” (أمل الآمل لمحمد بن الحسن الحر العاملي، تحقيق أحمد الحسيني، نشر دار الكتاب الإسلامي، قم-ايران، دون تاريخ، ج 2 ص 248)

  • عقائد الإمامية

محمد رضا المظفر، ط ثانية، 1391، مطبوعات النجاح، القاهرة

والمؤلف (ت 1383) أثنى عليه آغا برزك الطهراني بقوله “عالم جليل وأديب معروف، من أفاضل أهل العلم وأشراف أهل الفضل والأدب. له سيرة طيبة من يومه.” (نقباء البشر، ج 2 ص 772-773).

  • كشف الغمة في معرفة الأئمة

أبو الحسن علي بن عيسى الأربلي، نشر مكتبة بني هاشم، تبريز-ايران، 1381

والمؤلف (ت 693) قال عنه المجلسي “من أكابر محدثي الشيعة، وأعاظم علماء المائة السابعة وثقاتهم.” (بحار الأنوار، ص 145)

  • الخصـال

أبوجعفر محمد بن علي بن الحسن بن بابويه القمي الملقب بالصَّدوق، تصحيح علي أكبر الغفاري، نشر مكتبة الصدوق، دار التعارف، دون تاريخ

  • علل الشرائع

أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن بن بابويه القمي، منشورات المكتبة الحيدرية، النجف-عراق، 1385/1966

  • حق اليقين في معرفة أصول الدين

عبد الله بن شُـبَّر، دار الكتاب الإسلامي بدون تاريخ

والمؤلف (ت 1242) من كبار علماءهم المتأخرين. قال عنه محمد صادق الصدر “كان علما من أعلام الشيعة، وشخصية بارزة، لذلك كان محط أنظار أهل العلم.” (مقدمةكتاب حق اليقين بقلم محمد صادق الصدر، ص: ى)

  • الحكومة الإسلامية

آية الله روح الله الخميني، المكتبة الإسلامية الكبرى، بدون تاريخ ولا دار الطبع

  • كشف الأسرار

آية الله روح الله الخميني، ترجّمه عن الفارسية د. محمد البنداري، وعلّق عليه سليم الهلالي، ط أولى، 1408/1987، دار العمار للنشر والتوزيع، عمان-الأردن

  • عقائد الإمامية الاثني عشرية

إبراهيم الموسوى الزنجاني النجفي، مؤسسة الوفاء، بيروت-لبنان، دون تاريخ

  • الأنوار النعمانية

نعمة الله الموسوى الجزائري، مطبعة شركة جاب، تبـريز-ايران، دون تاريخ

  • تفسـير القمي

أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمّـي، ط ثانية، 1387، مطبعة النجف

style=”text-align: right;”>والمؤلف (ت 307) قال عنه النجاشي “ثقة في الحديث ثبت معتمد، صحيح المذهب، سمع فأكثر وصنف كتبا.” (بحار الأنـوار، ص 128)

  • مفتاح الجنان في الأدعية والزيارات والأذكار

مجهول المؤلف، نشر مكتبة الماحوري، البحرين، دون تاريخ

  • علم اليقين في أصول الدين

محمد بن المرتضي المدعو بالمولى محسن الكاشاني، بدون تاريخ ولا دار الطبع

  • كتاب الرجعـة

style=”text-align: right;”>أحمد بن زين الدين الأحسائي، ط ثانية، منشورات مكتبة العلاّمة الحائري العامة، كربلاء، دون تاريخ.

والمؤلف (ت 1241) يعد من كبار علماء الشيعة المتأخرين. قال عنه الخونساري “غرة الدهر وفيلسوف العصر….لم يعد في هذه الأواخر مثله في المعرفة والفهم، والمكرمة والحزم، وجودة السليقة وحسن الطريقة.” (روضات الجنات للخونساري، ج 1 ص 307-308).

  • كتاب المحـاسن

أحمد بن محمد بن خالد البرقي، ط ثانية، دار الكتب الإسلامية، قم-ايران، دون تاريخ

  • جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض أبي العباس التجاني

الشيخ علي حرازم بن العربي براده، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط ثالثة، 1375/1955

والمؤلف هو أكبر تلاميذ الشيخ التجاني وخليفته الأول. لازمه طوال حياته وجمع تعاليمه وآراءه وأقواله في هذا الكتاب. يُعتبر الكتاب المرجع الأول والأهم للطريقة التجانية إذ أن الشيخ التجاني لم يترك كتابا ولا رسالة من تأليف نفسه

أثار الكتاب جدلا واسعا في الأوساط العلمية حيث أن بعض العلماء اتهم مؤلفه علي حرازم بانتحاله وسرقته. وعلى كل حال فالكتاب هو المرجع الأول للطريقة لأن الشيخ التجاني نفسه قد باركه وزكاه وأوصى مريديه بقراءته والعمل بما فيه. وهو معتبر لدى كافة التجانية

  • التحفة السنية بتوضيح الطريقة التجانية

الشيخ الدكتور محمد الطاهر ميغـري الفلاتي البرناوي الكنوي، طبعة محليه، بدون تاريخ

هذا الكتاب، مع الكتاب الآخر المُعَنْوَن “الشيخ إبراهيم إنياس السنغالي: حياته وآراءه وتعاليمه” للمؤلف، لم يُؤَلَّف مثلهما في نقد الطريقة التجانية على ما أعلم. والمؤلف كان تجانيا كبيرا من المقدمين في الطريقة، ثم هداه الله فتركها وألف هذا الكتاب لكشف النقاب عنها. عمل محاضرا بقسم الدراسات الإسلامية في جامعة بايرو بكانو واستوطن المدينة حتى وفاته في أواخر التسعينيات من القرن الماضي. وقد تشرفت بالتلمذة عليه وترجمت هذا الكتاب إلى لغة الهوسا تحت إشرافه. ولا تزال الترجمة في عداد المخطوطات، يسر الله طبعها

سلسلة كتيبات الشيعة3

مقتطفات

من

وصف شيخ الإسلام للرّافضة

جمع وإعداد

الدكتور/ عمر محمد لبطو

مـقـدمـة

بسم الله الرحمن الرحيم. إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

أما بعد، فإنه لما رأيت بدعة الرافضة قد أطلت برأسها الكريه وكشرت عن أنيابها كالغول المخيف عمدت إلى كتاب منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية وعندي منه مختصران: قديم وحديث. أما القديم فالمنتقى من منهاج الإعتدال للإمام الذهبي وأما الحديث فمختصر المنهاج للشيخ عبد الله الغنيمان. فقلت: الحمد لله؛ هذا الداء وهنا الدواء. ولكن بقيت مشكلة وهي قصور همم كثير من إخواني الطلبة حتى لم يعد أحدهم يقرأ الكتاب إذا جاوزت صفحاته الخمسين، وكلا النسختين اللتان عندي تعدّ صفحاته بالمئين. فما الحيلة؟ إذا لا بدّ من اختصار المختصرات والإقتطاف من المنتقات!

وقد كنت أنتقد المنتقات والمختصرات فإذا أنا مضطر إلى إحداث بدعة المقتطفات، ولكني سرعان ما التمست المعاذير – وما أسرع ما يلتمس الإنسان المعاذير إذا وقع في المحاظير – فقلت في نفسي: لئن جعلتهم يقرءون فنعمت البدعة هذه

وبقيت مشكلة أخرى وهي: ما ذا أقتطف للإخوة والثمار كلها يانعة والأزهار بارقة! وأخيرا رأيت أن أجني لهم الأوصاف التي وصف بها شيخ الإسلام الرافضة وهي حصيلة معرفته الواسعة لهذه الفرقة الضالة المضلة التي جمعت الشر كله وخلت من الخير كله! وسبحان خالق الخير والشر، الحكيم الذي يضع الشيء في موضعه اللائق به

هذا، وجردت الكتاب عن الإحالة وهو ذنب إن لم يسامحني فيه العلماء – وما للعلماء ولهذه المقتطفات – فإني على يقين أن الإخوة الطلبة – وهم من أكتب لهم – سوف يسامحون ويتفاهمون؛ فما أكثر ما ينزعجون بالإحالات وهم من يقرءون للإختبارات والإمتحانات، ولا يبالون بالتحقيقات والتدقيقات

وأشهدكم، إخواني، أنّي لم أزد في هذه المقتطفات إلا العناوين، وإلا بعض تعليقات يسيرة مصدّرة بقولي “قلت”. وليس لي فيها إلا بقدر ما يحصل عليه من الدرجة تلميذ تلقى دروس الخط أو دوّن موضوع الإنشاء. فكل عملي فيها جمع وترتيب وتبويب. فإن سلّمني الله فلم يكن لي ولا عليّ فهذا غاية المأمول

وبعد، يا إخواني الطلبة، لئن قسوت عليكم في هذه المقدمة فانظروا إليها نظرتكم إلى دعابة الجد لأحفاده، وإن أكن لم أبلغ من الكبر عتيا، فإني – والله – ما أردت بذلك إلا إثارة إهتمامكم وإيقاظ هممكم. فاقبلوها مني هدية واعتبروها تحديّا. فإلى القراءة أيها الإخوة، القراءةَ القراءةَ يا شباب! فإنه أول أمرٍ أمَر به ربكم، وأول شأنٍ إعتنى به في العهد المدني نبيكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مدينة كانو المحروسة

ينـاير، ٢٠١4

وكتب

أبو الرجال الصغار (أحمد وزيد وعبد الرحمن وعباس وحمزة)

والبنت الصغيرة الجميلة

(زبيـــدة)

عمـــــر بن محمد لبطو بن أبي بكـــر، عفى الله تعالى عنه

 

ترجمة شيخ الإسلام إبن تيمية

نسبه وولادته

هو الشيخ الإمام الربّانى، إمام الأئمة ومفتى الأمة، وقريع الدهر، شيخ الإسلام، وبحر العلوم سيد الحفاظ، وفارس المعانى والألفاظ، فريد العصر، وبركة الأنام، وعلامة الزمان، وترجمان القرآن، علَم الزهَّاد وأوحد العبّاد، قامع المبتدعين وآخر المجتهدين تقى الدين أبو العباس أحمد بن شيخ الإمام العلامة شهاب الدين، أبى المحاسن عبد الحليم، بن الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام مجد الدين أبى البركات عبد السلام بن أبى محمد عبد الله بن أبى القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن على بن عبد الله بن تيمية الحرّانى نزيل دمشقق، وصاحب التصانيف التى لم يسبق إلى مثلها. (إقتباس من العقود الدريَّة فى مناقب إبن تيمية لمحمد بن أحمد بن عبد الهادى الحنبلى)

ولد شيخ الإسلام أحمد بن تيمية بحـرَّان يوم الإثنين عاشر – وقيل ثانى عشر – من شهر ربيع الأول سنة 661 من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسافر والده بالأسرة إلى الشام وقدمت الأسرة على دمشق فى عام سبع وستين وستمائة

طلبه للعلم

نشأ ابن تيمية فى حجور العلماء راشفا كؤوس الفهم راتعا فى رياض التفقة ودوحات الكتب الجامعة لكل فن من الفنون، خصوصًا علم الكتاب العزيز والسنة النبوية ولوازمها. ونشأ نشأة دينية وتربّى تربية إسلامية عريقة، فكان برًّا بأمه ورعا عفيفا، زاهدا تقيا، عابدا ناسكا، صوَّاما قوَّاما، ذاكرا الله تعالى على كل أحواله، وكان ذكيا قوى الذاكرة واسع الحفظ سريع الفهم دقيق النظر قوى الحجة

وسمع شيخ الإسلام من مشاهير علماء زمانه مثل الشيخ زين الدين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسى، وابن أبى اليسر، والكمال بن عبد، والمجد بن عساكر، والجمال يحيى بن الصيرفى، وأحمد بن أبى الخير، والقاسم الأربلى، والشيخ فخر الدين بن البخارى، والكمال عبد الرحيم وأبى القاسم بن عيلان، وأحمد بن شيبان وغيرهم كثير

وعنى منذ نعومه أظفاره بالحديث، وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب فى المكتب، وحفظ القرآن وأقبل على الفقه وقرأ العربية، وأقبل على التفسير إقبالاً كليا حتى حاز فيه قصب السبق، وأحكم أصول الفقه وتفنن فى كل العلوم الموجودة فى عصره حتى صار إمامًا ومرجعا للمسلمين

تلاميذه ومؤلفاته

كان رحمه الله قوى الشخصية مخلصا لدينه وأمته ملازما للخشية والمراقبة فوهبه الله المهابة والمودة، فكان لكلامه صولة على القلوب وتأثيرًا فى النفوس، وهيبة مقبولة، ونفعا يظهر أثره وتنفعل له النفوس وتركن إليه. وبهذه المواهب وغيرها إستطاع أن يربى جيلا بأكمله على الجهاد والتضحية وقول الحق والعمل للإصلاح

تخرّج على يد شيخ الإسلام خلق كثير ممن أخذ منه ولازمه وشاركه بعض محنه. وظهر أثره فى سيرة تلاميذه وجهادهم وآثارهم العلمية. ومن أشهر تلاميذه أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبى بكر المعروف بإبن قيم الجوزية، ومحمد بن أحمد بن عبد الهادى الحنبلى، وعماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير ومحمد بن عثمان الذهبى

جهاده ومحنه

كان شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أمة فى رجل وكان آية فى عطائه وجهاده. عاش فى زمن الإضطراب والفتن وظهور البدع وضعف السنة فوقف نفسه لنصرة الحق ومقارعة الباطل، واستعمل قلمه وسيفه ولسانه. فتكالب عليه الأعداء من كل صوب وكثر حساده ومنافسوه، وسعوا به إلى الحكام فلقى بسبب ذلك من المحن ما يطول وصفه. وحبس مرات عديدة وطورد من أرض إلى أرض كل ذلك وهو ثابت صابر محتسب لا يخاف فى الله لومة لائم ولا يبالى بما يلاقى من الشدائد والمحن. ولم يزل كذلك حتى وافته منيتة

وفاته وجنازته

توفى رحمه الله محبوسا بقلعة دمشق وكانت وفاته ليلة الإثنين العشرين من ذى القعدة سنة ثمان وإثنين وسبعمائة. وحضر جنازته خلق كثير فكان يومًا مشهودا لم ير الناس جنازة مثلها. رحمه الله تعالى رحمة واسعة

تعريف بالكتاب وموضوعه

إن منهاج السنة النبويّة فى نقض دعاوى الرافضة والقدرية من أعظم كتب الإمام المجاهد الصابر المصابر شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية، قد ناضل فيه عن الحق وأهله، ودحض الباطل وفضحة

وشباب الإسلام اليوم بأمس الحاجة إلى قراءة هذا الكتاب، ومعرفة محتواه؛ حيث أطل الرفض على كل بلدٍ من بلاد الإسلام وغيرها بوجهه الكريه، وكشر عن أنيابه الكالحة، وألقى حبائله أمام من لا يعرف حقيقته، مظهرًا غير مبطن ديدن كل منافق مفسد ختال، فاغنز به من يجهل حقيقته، ومن لم يقرأ مثل هذا الكتاب

والغالب على مذاهب أهل البدع والأهواء، أنها تتراجع عن الشطح وعظيم الضلال، ما عدا مذهب الرفض فإنه يزداد بمرور الأيام تطرفًا وانحدارًا، وتماديًا فى محاربة أولياء الله وأنصار دينه، وقد ملئت كتب الرافضة بالسباب والشتائم واللعنات لخير خلق الله بعد الأنبياء – أعنى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضى الله عنهم – وهم لا يتورعون عن تكفير الصحابة، ولا سيما كبارهم وسادتهم، مثل أبى بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذي النورين، وإخوانهم – رضوان الله عليهم – الذين أطفئوا نار المجوس، وحطموا معبوداتهم

وإكفار الصحابة ومن يتولاهم فى كتبهم المعتمدة عندهم لا يحصره نقل، فهم يتعبدون بلعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعتقدون أن الشيعة بأئمتهم هم الناس، وما عداهم همج للنار وإلى النار، والله لا يقبل من مسلم حسنة مهما بالغ فى الإحسان ما لم يكن شيعيًا كما فى كتابهم (الوافى، الباب السابع والثامن بعد المائة). وفى (الكافى) أحد الكتب الموثوق بها –عندهم- ما يبين عن حقدهم الدفين على الإسلام ومن جاء به، ومن حمله واعتنقه، وهم يرون أن القرآن نزل لشيئين

أحدهما: الثناء على علي بن أبى طالب رضى الله عنه ومدحه وإعلاء شأنه وذريته

والثانى: ثلب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر معايبهم، ولهذا قالوا: إنه ضاع من القرآن ثلثاه أو ثلاثة أرباعه

وهم يعتمدون فى دينهم على الكذب الذى يلصقونه بأئمتهم، والأدعاءات الكاذبة، فصاروا من أكذب الناس، وأكثرهم تكذيبا للحق وتصديقًا بالباطل، ومع ذلك يرمون الصحابة بالنفاق، فنبتهل إلى الله تعالى أن يزيدهم غيظًا وأن يكبتهم بكمدهم وكل من غاظه الإسلام


جهل الرافضة

الرافضة أجهل الناس وأكذبهم

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهم من أكذب الناس فى النقليَّات ومن أجهل الناس فى العقليات، يصدقون من المنقول بما يعلم العلماء بالإضطرار أنه من الأباطيل، ويكذبون بالمعلوم من الإضطرار المتواتر أعظم تواتر فى الأمة جيلا بعد جيل ولا يميزون فى نقلة العلم ورواة الأحاديث والأخبار بين المعروف بالكذب أو الغلط أو الجهل بما ينقل، وبين العدل الحافظ الضابط المعروف بالعلم والآثار، وعمدتهم فى نفس الأمر على التقليد وإن ظنوا إقامته بالبرهانيات، فتارة يتبعون المعتزلة والقدرية، وتارة يتبعون المجسمة والجبرية

وهم من أجهل هذه الطوائف بالنظريات ولهذا كانوا عند عامة أهل العلم والدين من أجهل الطوائف الداخلين فى المسلمين، ومنهم من أدخل على الدين من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد

الرافضة أعظم طوائف القبلة جهلا

وفى معرض الرد على الرافضة الذين اتهموا الصحابة الذين بايعوا أبا بكر بأنهم طلاب الدنيا، قال

فكيف يقال مع هذا أن الذين بايعوه كانوا طلاب الدنيا أو جهالاً، ولكن هذا وصف الطاعن فيهم، فإنك لا تجد فى طوائف القبلة أعظم جهلا من الرافضة ولا أكثر حرصاً على الدنيا، وقد تدبَّرتهم فوجدتهم لا يضيفون إلى الصحابة عيبا إلا وهم أعظم الناس إتصافا به، والصحابة أبعد منه، فهم أكذب الناس بلا ريب، كمسيلمة الكذّاب إذ قال: أنا نبى صادق، ولهذا يصفون أنفسهم بالإيمان ويصفون الصحابة بالنفاق. وهم أعظم الطوائف نفاقا والصحابة أعظم الخلق إيمانا

ثم قال

ثم من المعلوم لكل عاقل أنه ليس فى علماء المسلمين المشهورين أحد رافضى، بل كلهم متفقون على تجهيل الرافضة وتضليلهم، وكتبهم كلها شاهدة بذلك، وهذه كتب الطوائف كلها تنطق بذلك. وهم دائما يذكرون من جهل الرافضة وضلالهم ما يعلم معه بالإضطرار أنهم يعتقدون أن الرافضة من أجهل الناس وأضلهم، وأبعد طوائف الأمة عن الهدى، كيف ومذهب هؤلاء الإمامية قد جمع عظائم البدع المنكرة، فإنهم جهمية قدرية رافضة، وكلام السلف والعلماء فى ذم كل صنف من هذه الأصناف لا يحصيه إلا الله، والكتب مشحونة بذلك، ككتب الحديث والآثار والفقه والتفسير والأصول والفروع وغير ذلك. وهؤلاء الثلاثة شرُّ من غيرهم من أهل البدع كالمرجئة والحرورية

جهلهم وظلمهم أعظم من أن يوصف

قال: وهؤلاء القوم مع أهل السنة بمنزلة النصارى مع المسلمين، فالنصارى يجعلون المسيح إلها ويجعلون إبراهيم وموسى ومحمدًا أقل من الحواريين الذين كانوا مع عيسى، وهؤلاء يجعلون عليا هو الإمام المعصوم، أو هو النبى أو إله، والخلفاء الأربعة أقل من مثل الأشتر النخعى وأمثاله الذين قاتلوا معه، ولذا كان جهلهم وظلمهم أعظم من أن يوصف، ويتمسكون بالمنقولات المكذوبة، والألفاظ المتشابهة، والأقيسة الفاسدة، ويدعون المنقولات الصادقة بل المتواترة، والنصوص البينة، والمعقولات الصريحة


كذب الرافضة

اتفاق أهل العلم على كذبهم

       قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون إمتيازهم بكثرة الكذب

ثم ذكر بعض النقول عن علماء السلف، فقال

قال أبو حاتم الرازى: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: قال أشهب بن عبد العزيز: سئل مالك عن الرافضة فقال: لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون

وقال أبو حاتم حدثنا حرملة قال: سمعت الشافعى يقول: لم أر أحدا أشهد بالزور من الرافضة

وقال مؤمل بن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة، فإنهم يكذبون

وقال محمد بن سعيد الأصبحانى: سمعت شريكًا يقول: أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة؛ فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه دينا

وقال أبو معاوية: سمعت الأعمش يقول: أدركت الناس وما يسمونهم إلا الكذَّابين

ثم قال شيخ الإسلام

والمقصود هنا أن العلماء كلهم متفقون على أن الكذب فى الرافضة أظهر منه في سائر طوائف أهل القبلة

وقال أيضا

ومنهم من إدعى إلهية البشر، وادعى النبوة فى غير النبى صلى الله عليه وسلم؛ وادعى العصمة فى الأئمة، ونحو ذلك مما هو أعظم مما يوجد فى سائر الطوائف. واتفق أهل العلم على أنَّ الكذب ليس فى طائفة من المنتسبين إلى القبلة أكثر منه فيهم

كذبهم على الله

وقال فى بيان معنى قول الله تعالى: “والذى جاء بالصدق وصدَّق به أولئك هم المتقون” قال

والصحابة الذين كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن القرآن حق، هم أفضل من جاء بالصدق وصدَّق به بعد الأنبياء، وليس فى الطوائف المنتسبة إلى القبلة أعظم إفتراء للكذب على الله وتكذيبهم بالحق من المنتسبين إلى التشيع، ولهذا لا يوجد الغلو فى طائفة أكثر مما يوجد فيهم

تكذيبهم للحق وتصديقهم للباطل

قال فى معرض الردّ عليهم فى دفاعهم عن أصحاب الردّة وإنكارهم أمر مسيلمة الكذاب

وفى الجملة فأمر مسيلمة الكذاب وادعاؤه النبوة، واتباع بنى حنيفة له باليمامة، وقتال الصدِّيق لهم على ذلك، أمر متواتر مشهور، قد علمه الخاص والعام، كتواتر أمثاله، وليس هذا من العلم الذى تفرد به الخاصة، بل علم الناس بذلك أظهر من علمهم بقتال الجمل وصفين، فقد ذكر عن بعض أهل الكلام أنه أنكر الجمل وهذا الانكار- وان كان باطلا – فلم نعلم أحدا أنكر قتال أهل اليمامة، وأن مسيلمة الكذاب إدعى النبوة، وأنهم قاتلوه على ذلك

لكن هؤلاء الرافضة من جحدهم لهذا وجهلهم به بمنزلة إنكارهم لكون أبى بكر وعمر دفنا عند النبى صلى الله عليه وسلم، وإنكارهم لموالاة أبى بكر وعمر للنبى صلى الله عليه وسلم، ودعواهم أنه نصَّ على علي بالخلافة. بل منهم من ينكر أن تكون زينب ورقية وأم كلثوم من بنات النبى صلى الله عليه وسلم، ويقولون إنهن لخديجة من زوجها الذى كان كافرَا قبل النبى صلى الله عليه وسلم

ومنهم من يقول إن عمر غصب بنت علىٍّ حتى زوجه بها، وأنه تزوج غصبا فى الإسلام، ومنهم من يقول إنهم بعجوا بطن فاطمة حتى أسقطت، وهدموا سقف بيتها على من فيه، وأمثال هذه الأكاذيب التى يعلم من له أدنى علم ومعرفة أنها كذب. فهم دائما يعمدون إلى الأمور المعلومة المتواترة ينكرونها وإلى الأمور المعدومة التى لا حقيقة لها يثبتونها، فلهم أوفر نصيب من قوله تعالى: “ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو كذَّب بالحق”، فهم يفترون الكذب ويكذِّبون بالحق، وهذا حال المرتدين

وهم يدعون أن أبا بكر وعمر ومن اتبعهما إرتدوا عن الإسلام وقد علم الخاص والعام أن أبا بكر هو الذى قاتل المرتدين، فإن كانوا يدعون أن أهل اليمامة مظلومون قتلوا بغير حق، وكانوا منكرين لقتال أولئك متأوِّلين لهم، كان هذا مما يحقق أن هؤلاء الخلف تبع لأولئك السلف، وأن الصدِّيق وأتباعه يقاتلون المرتدين فى كل زمان

تعصبهم فى الباطل

قال شيخ الإسلام رحمه الله فى بيان تعصبهم وتجاوزهم الحدَّ فى الباطل

لا نعلم طائفة أعظم تعصبا فى الباطل من الرافضة. حتى إنهم دون سائر الطوائف عُرف منهم شهادة الزور لموافقهم على مخالفهم، وليس فى التعصب أعظم من الكذب. وحتى إنهم فى التعصب جعلوا للبنت جميع الميراث ليقولوا إن فاطمة رضى الله عنها ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم دون عمه العباس رضى الله عنه. وحتى أن فيهم من حرَّم لحم الجمل لأن عائشة قاتلت على جمل، فخالفوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة والقرابة لأمر لا يناسب ذلك. فإن ذلك الجمل الذى ركبته عائشة رضى الله عنها مات، ولو فرض أنه حى فركوب الكفار على الجمال لا يوجب تحريمها، وما زال الكفار يركبون جمالاً ويغنمها المسلمون منهم، ولحمها حلال لهم، فأى شىء فى ركوب عائشة للجمل مما يوجب تحريم لحمه؟ وغاية ما يفرضون أن بعض من يجعلونه كافرًا ركب جملاً، مع أنهم كاذبون مفترون فيما يرمون به أم المؤمنين رضى الله عنها

ومن تعصبهم أنهم لا يذكرون اسم “العشرة” [لكراهتهم للعشرة المبشرين بالجنة] بل يقولون: تسعة وواحد، وإذا بنوا أعمدة أو غيرها لا يجعلونها عشرة، وهم يتحرون ذلك في كثير من الأمور

ومن تعصبهم أنهم إذا وجدوا مسمّى بعلىّ أو جعفر أو الحسن أو الحسين بادروا إلى إكرامه مع أنه قد يكون فاسقًا، وقد يكون فى الباطن سنيَّا، فإن أهل السنة يسمّون بهذه الأسماء. كل هذا من التعصب والجهل

ومن تعصبهم أنهم يبغضون بنى أمية كلهم لكون بعضهم كان ممن يبغض عليًّا. وقد كان فى بنى أمية قوم صالحون ماتوا قبل الفتنة، وكان بنو أمية أكثر القبائل عمالاً للنبى صلى الله عليه وسلم، فإنه لما فتح مكة إستعمل عليها عتّاب بن أسيد بن أبى العاص بن أمية، واستعمل خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، وأخويه أبان بن سعيد وسعيد بن سعيد على أعمال أخر. واستعمل أبا سفيان بن حرب بن أمية على نجران أو إبنه يزيد ومات وهو عليها. وصاهر نبى الله صلى الله عليه وسلم ببناته الثلاث لبنى أمية، فزوّج أكبر بناته زينب بأبى العاص بن الربيع بن أمية بن عبد شمس، وحمد صهرهُ لما أراد علي أن يتزوج ببنت أبى جهل، فذكر صهرا له من بنى أمية بن عبد شمس فأثنى عليه فى مصاهرته، وقال: حدثنى فصدقنى ووعدنى فوفَّى لى. وزوّج إبنتيه لعثمان بن عفان، واحدة بعد واحدة، وقال: لو كانت عندنا ثالثة لزوَّجناها عثمان

وكذلك من جهلهم وتعصبهم أنهم يبغضون أهل الشام لكونهم كان فيهم أولاً من يبغض عليًّا، ومعلوم أن مكة كان فيها كفار ومؤمنون، وكذلك المدينة كان فيها مؤمنون ومنافقون، والشام فى هذه الأعصار لم يبق فيه من يتظاهر ببغض علىِّ، ولكن لفرط جهلهم يسحبون ذيل البغض، وكذلك من جهلهم أنهم يذمون من ينتفع بشىء من آثار بنى أمية، كالشرب من نهر يزيد، ويزيد لم يحفره ولكن وسَّعه، وكالصلاة فى جامع بناه بنو أمية، ومن المعلوم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى إلى الكعبة التى بناها المشركون، وكان يسكن فى المساكن التى بنوها، وكان يشرب من ماء الآبار التى حفروها، ويلبس من الثياب التى نسجوها، ويعامل بالدراهم التى ضربوها، فإذا كان ينتفع بمساكنهم وملابسهم، والمياه التى أنبطوها، والمساجد التى بنوها، فكيف بأهل القبلة؟

فلو فرض أن يزيد كان كافرًا وحفر نهرًا لم يكره الشرب منه بإجماع المسلمين، ولكن لفرط تعصبهم كرهوا ما يضاف إلى من يبغضونه


زندقة الرافضة ونفاقهم

أصل بدعتهم عن زندقة ونفاق

قال شيخ الإسلام رحمه الله

والرافضة أصل بدعتهم عن زندقة وإلحاد، وتعمد الكذب فيهم كثير، وهم يقرون بذلك حيث يقولون: ديننا التقية، وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما فى قلبه، وهذا هو الكذب والنفاق، ويدَّعون مع هذا أنهم هم المؤمنون دون غيرهم من أهل الملة

ويصفون السابقين الأولين بالردة والنفاق، فهم فى ذلك كما قيل: “رمتنى بدائها وانسلّت”، إذ ليس فى المظهرين للإسلام أقرب إلى النفاق والردة منهم، ولا يوجد المرتدون والمنافقون فى طائفة أكثر مما يوجد فيهم، واعتبر ذلك بالغالية من النصيرية وغيرهم، وبالملاحدة والإسماعيلية وأمثالهم

أكثرهم إما زنادقة أو محلدون

قال رحمه الله

وأكثر ما تجد الرافضة إما فى الزنادقة المنافقين الملحدين وإما فى جهال ليس لهم علم بالمنقولات ولا بالمعقولات، قد نشئوا بالبوادى والجبال، وتجبروا على المسلمين، فلم يجالسوا أهل العلم والدين، وإما فى ذوى الأهواء ممن قد حصل له بذلك رساية ومال، أو له نسب يتعصب له كفعل أهل الجاهلية، وأما من هو عند المسلمين من أهل العلم والدين فليس فى هؤلاء رافضى لظهور الجهل والظلم فى قولهم

وتجد ظهور الرفض فى شر الطوائف كالنصيرية والإسماعيلية، والملاحدة الطرقية، وفيهم من الكذب والخيانة وإخلاف الوعد ما يدل على نفاقهم، كما فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: “آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”، زاد مسلم: “وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم”. وأكثر ما توجد هذه الثلاثة فى طوائف أهل القبلة فى الرافضة

قولهم بالعصمة لم يوافقهم عليه إلا الملاحدة

قال:

وأما عصمة الأئمة فلم يقل بها إلا الإمامية والإسماعيلية وناهيك بقول لم يوافقهم عليه إلا الملاحدة المنافقون، الذين شيوخهم الكبار أكفر من اليهود والنصارى والمشركين. وهذا دأب الرافضة دائما، يتجاوزون عن جماعة المسلمين إلى اليهود والنصارى والمشركين فى الأقوال والموالاة والمعاونة والقتال وغير ذلك

فهل يوجد أضل من قوم يعادون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ويوالون الكفار والمنافقين؟ وقد قال الله تعالى: “ألم تر الى الذين تولوا قومًا غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون. أعد الله لهم عذابا شديدًا إنهم ساء ما كانوا يعملون”

 

الرفض مشتق من الشرك والإلحاد والنفاق

وقال شيخ الإسلام فى معرض رده عليهم قولهم إن النبى صلى الله عليه وسلم دعا الله قائلاً: “واجعل لى وزيرًا من أهلى، عليًا أشدد به ظهرى”، قال رحمه الله

فمن زعم أن النبى صلى الله عليه وسلم سأل الله أن يشد أزره بشخص كما سأل موسى أن يشد أزره بهارون فقد افترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخسة حقَّه، ولاريب أن الرفض مشتق من الشرك والإلحاد والنفاق، لكن تارة يظهرلهم ذلك فيه وتارة يخفى.


ولاءهم للكفار ومعاونتهم

توليهم الكفار

قال شيخ الإسلام فى وصف أحوالهم

وهم غالبا لا يتناهون عن منكر فعلوه، بل ديارهم أكثر الديار منكرًا من الظلم والفواحش وغير ذلك. وهم يتولون الكفار الذين غضب الله عليهم، فليسوا مع المؤمنين ولا مع الكفار، كما قال تعالى: “ألم تر إلى الذين تولوا قومًا غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم”

وكثير منهم يواد الكفار من وسط قلبه أكثر من موادَّته للمسلمين، ولهذا لما خرج الترك الكفار من جهة المشرق فقاتلوا المسلمين وسفكوا دمائهم ببلاد خراسان والعراق والشام والجزيرة وغيرها، كانت الرافضة معاونة لهم على قتال المسلمين، ووزير بغداد المعروف بالعلقمى هو وأمثاله كانوا من أعظم الناس معاونة لهم على قتال المسلمين، وكذلك النصارى الذين قاتلهم المسلمون بالشام كانت الرافضة من أعظم أعوانهم، وكذلك إذا صار لليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم، فهم دائما يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم

قلت: هذا دأبهم فيما مضى وهو ديدنهم فى الحاضر ويكفيك مثالا على ذلك تعاونهم مع الغزاة النصارى من الأمريكان وغيرهم حينما احتلّوا العراق وجاسوا خلال الديار وعاثوا فى الأرض الفساد، فكانت الميليشيات التابعة لشيوخ الرافضة من أعظم أعوانهم، وكذلك لما غزا اليهود لبنان كانت الشيعة من أعظم أعوانهم على قتل الفلسطينيين وسفك دماءهم وإخراجهم من أرضهم

معاداتهم لأولياء الله وموالاتهم للكفار

ثم قال شيخ الاسلام

ولكن هذا حال الرافضة دائما يعادون أولياء الله المتقين من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، ويوالون الكفار والمنافقين. فإن أعظم الناس نفاقًا فى المنتسبين إلى الإسلام هم الملاحدة الباطنية الإسماعيلية، فمن احتج بأقوالهم فى نصرة قوله، مع ما تقدم من طعنه على أقوال أئمة المسلمين، كان من أعظم الناس موالاة لأهل النفاق ومعاداة لأهل الإيمان

وقال فى الرد على مؤلف كتاب منهاج الكرامة الذى سماه شيخ الإسلام بحق “منهاج الندامة”، قال:

ومن العجب أن هذا المصنف الرافضى الخبيث الكذاب المفترى يذكر أبا بكر وعمر وعثمان وسائر السابقين الأولين، وسائر أئمة المسلمين من أهل العلم والدين بالعظائم التى يفتريها عليهم هو وإخوانه، ويجىء إلى من قد اشتهر عند المسلمين بمحادّته لله ورسوله، فيقول: “قال شيخنا الأعظم”، ويقول: “قدس الله روحه” مع شهادته بالكفر عليه وعلى أمثاله، ومع لعنة طائفته لخيار الأولين والآخرين.

قلت: وفى عصرنا هذا وفى ديارنا هذه نرى من يذكر إمام الرافضة المتعصب الخبيث المدعو بآية الله روح الله الخمينى ثم يقول: “قدَّس الله سرَّه”. مع أن الخمينى هذا هو القائل فى حق أبى بكر وعمر رضى الله عنهما: “إننا هنا لاشأن لنا بالشيخين، وما قاما به من مخالفات للقرآن، ومن تلاعب بأحكام الإله، وما حلّلاه وحرَّماه من عندهما، وما مارساه من ظلم ضد فاطمة إبنة النبى صلى الله عليه وسلم وضد أولاده، ولكننا نشير إلى جهلهما بأحكام الإله والدين.” (كشف الأسرار للخميني، ص126).

ليت شعرى! أى سر لهذا المجوسى المتعصب غير سرِّ المتعة والتقية حتى يسأل الله تقديسه؟ ولكنه الجهل المركب والضلال البعيد والخسران المبين، نعوذ بالله من الخذلان.

ثم قال شيخ الإسلام:

فإنهم – أى الرافضة – دائما يستعينون بالكفار والفجار على مطالبهم، ويعاونون الكفار والفجار على كثير من مآربهم، وهذا أمر مشهود فى كل زمان ومكان، ولو لم يكن إلا صاحب هذا الكتاب “منهاج الندامة” وإخوانه، فإنهم يتخذون المغل والكفار أو الفساق أو الجهال أئمة بهذا الإعتبار

 

مشابهة الرافضة لليهود والنصارى

مشابهتهم لليهود والنصارى

قال شيخ الإسلام رحمه الله وهو يصف نفسية الشيعة الخبيثة

ومن أعظم خبث القلوب أن يكون فى قلب العبد غلَّ لخيار المؤمنين وسادات أولياء الله بعد النبيين. ولهذا كان بينهم وبين اليهود من المشابهة وابتاع الهوى وغير ذلك من أخلاق اليهود. وبينهم وبين النصارى من المشابهة فى الغلوّ والجهل واتباع الهوى، وغير ذلك من أخلاق النصارى، ما أشبهوا به هؤلاء من وجه وهؤلاء من وجه، وما زال الناس يصفونهم بذلك

مواطئة قولهم لقول اليهود

قال

وآية ذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود. قالت اليهود: لا يصلح الملك إلا فى آل داود، وقالت الرافضة: لا تصلح الإمامة إلا فى ولد علي. وقالت اليهود: لا جهاد فى سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال، وينزل سيف من السماء. وقالت الرافضة: لا جهاد فى سبيل الله حتى يخرج المهدى وينادى مناد من السماء

واليهود يؤخرون الصلاة إلى إشتباك النجوم وكذلك الرافضة يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم

واليهود تزول عن القبلة شيئا، وكذلك الرافضة

واليهود تنود فى الصلاة، وكذلك الرافضة

واليهود تسدل أثوابها فى الصلاة، وكذلك الرافضة

واليهود لا يرون على النساء عدة، وكذلك الرافضة

واليهود حرَّفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرَّفوا القرآن

واليهود قالوا إفترض علينا خمسين صلاة، وكذلك الرافضة

واليهود لا يخلصون السلام على المؤمنين إنما يقولون: السام عليكم – والسام الموت – وكذلك الرافضة

واليهود لا يأكلون الجرى والمرماهى والذناب (أنواع من السمك)، وكذلك الرافضة

واليهود لا يرون المسح على الخفين، وكذلك الرافضة

واليهود يستحلون أموال الناس كلهم، وكذلك الرافضة

واليهود تسجد على قرونها فى الصلاة، وكذلك الرافضة

واليهود لا تسجد حتى تخفق برءوسها مرارًا شبه الركوع، وكذلك الرافضة

واليهود تبغض جبريل ويقولون: هو عدونا من الملائكة، وكذلك الرافضة يقولون غلط جبريل بالوحي على محمد

وكذلك الرافضة وافقوا النصارى في خصلة: النصارى ليس لنسائهم صداق وانما يتمتعون بهن تمتعا، وكذلك الرافضة يتزوجون بالمتعة ويستحلون المتعة

 

فضل اليهود والنصارى على الرافضة

ثم قال

وفضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين: سئلت اليهود: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب موسى. وسئلت النصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: حواري عيسى. وسئلت الرافضة: من شرّ أهل ملتكم؟ قالوا: أصحاب محمد

أمروا بالإستغفار لهم فسبّوهم، والسيف عليهم مسلول إلى يوم القيامة، لا تقوم لهم راية، ولا يثبت لهم قدم، ولا تجمع لهم كلمة، ولا تجاب لهم دعوة، دعوتهم مدحوضة، وكلمتهم مختلفة، وجمعهم مفترق “كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله”

فيهم جهل النصارى وخبث اليهود

وقال أيضا

ولهذا كان الرافضة من أجهل الناس وأضلهم، كما أن النصارى من أجهل الناس، والرافضة من أخبث الناس كما أن اليهود من أخبث الناس، ففيهم نوع من ضلال النصارى ونوع من خبث اليهود

 

الرافضة قطب رحى الفتن

هم أساس كل فتنة

قال شيخ الإسلام رحمه الله

أما الفتنة فإنما ظهرت فى الإسلام من الشيعة، فإنهم أساس كل فتنة وشر، وهم قطب رحى الفتن، فإن أول فتنة كانت فى الإسلام قتل عثمان

وقد روى الإمام أحمد فى مسنده عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ثلاثة من نجا منهن فقد نجا: موتى وقتل خليفة مضطهد بغير حق، والدجَّال”

ومن استقرأ أخبار العالم فى جميع الفرق تبين له أنه لم يكن قط طائفة أعظم إتفاقا على الهدى والرشد، وأبعد عن الفتنة والتفرق والإختلاف، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم خير الخلق بشهادة الله لهم بذلك، إذ يقول: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”

وأبعد الناس عن الطائفة المهدية المنصورة هم الرافضة، لأنهم أجهل وأظلم طوائف أهل الأهواء المنتسبين إلى القبلة، وخيار هذه الأمة هم الصحابة، فلم يكن فى الأمة أعظم إجتماعًا على الهدى ودين الحق ولا أبعد عن التفرق والإختلاف منهم، وكل ما يذكر عنهم مما فيه نقص، فهذا إذا قيس إلى ما يوجد فى غيرهم من الأمة كان قليلا من كثير

 

هم أصل كل بليَّة

قال رحمه الله

ومن نظر فى كتب الحديث والتفسير والفقه والسير علم أن الصحابة رضى الله عنهم كانوا أئمة الهدى، ومصابيح الدّجى، وأن أصل كل فتنة وبلية هم الشيعة ومن انضوى إليهم، وكثير من السيوف التى سلت فى الإسلام إنما كانت فى جهتهم، وعلم أن أصلهم ومادتهم منافقون، اختلقوا أكاذيب، وابتدعوا آراء فاسدة ليفسدوا بها دين الإسلام، ويستزلوا بها من ليس من أولى الأحلام، فسعوا فى قتل عثمان، وهو أول الفتن، ثم أنزووا إلى علىٍّ، لاحبا فيه ولا فى أهل البيت، لكن ليقيموا سوق الفتنة بين المسلمين

ولهذا تجد الشيعة ينتصرون لأعداء الإسلام المرتدين، كبنى حنيفة أتباع مسيلمة الكذاب، ويقولون: إنهم كانوا مظلومين، كما ذكر صاحب هذا الكتاب ]يعنى “منهاج الندامة” الذى يرد عليه[، وينتصرون لأبى لؤلؤة الكافر المجوسى. وقد رُوى أنه طلب من عمر أن يكلم مولاه فى خراجه، فتوقف عمر، وكان من نيته أن يكلمه، فقتل عمر بغضا فى الإسلام وأهله، وحبا للمجوس وانتقاما للكفار، لما فعل بهم عمر حيث فتح بلادهم، وقتل رؤساءهم، وقسَّم أموالهم

فهل ينتصر لأبى لؤلؤة مع هذا إلا من هو أعظم الناس كفرًا بالله ورسوله، وبغضا فى الإسلام، ومفرط فى الجهل لا يعرف حال أبى لؤلؤة؟

قلت

ودولة “إيران” اليوم التى تدَّعى أنها جمهورية إسلامية قد بنت على قبر هذا الكافر ضريحا فحما وضربت عليه قبة عالية وجعلته مزارا يؤمه أهل الجهل من كل صوب، منهم الشيعة النيجيريون أهل الجهل والتنطع. كل هذا لأن أبا لؤلؤة المجوسى قتل الخليفة الراشد عمر رضى الله عنه. يعظمون قاتل عمر، ويخلِّدون ذكراه، ثم يدعون الإسلام ومحبة أهل البيت! وليس هذا هو العجب بل العجب كل العجب هو هؤلاء الحمر عُمْىُ القلوب والأبصار الذين يتبعون الإيرانيين ويحبونهم ويوالونهم ويجادلون عنهم. نعوذ بالله من عَمَى القلوب

ثم قال شيخ الإسلام

ودع ما يسمع وينقل عمَّن خلا، فلينظر كل عاقل فيما يحدث فى زمانه وما يقرب من زمانه من الفتن والشرور والفساد فى الإسلام، فإنه يجد معظم ذلك من قبل الرافضة، وتجدهم من أعظم الناس فتنا وشرًا، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن والشر وإيقاع الفساد بين الأمة

ونحن نعرف بالعيان والتواتر العام وما كان فى زماننا من حين خروج جنكيز خان ملك الترك الكفار، وما جرى فى الإسلام من الشر. فلا يشك عاقل أن استيلاء الكفار المشركين على بلاد الإسلام وعلى أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنى هاشم، كذرية العباس وغيرهم، بالقتل وسفك الدماء، وسبى النساء واستحلال فروجهن، وسبى الصبيان واستعبادهم، وإخراجهم عن دين الله إلى الكفر، وقتل أهل العلم والدين من أهل القرآن والصلاة، وتعظيم بيوت الأصنام – التى يسمونها البذخانات والبيع والكنائس – على المساجد، ورفع المشركين وأهل الكتاب من النصارى وغيرهم على المسلمين، بحيث يكون المشركون وأهل الكتاب أعظم عزًا وأنفذ كلمة وأكثر حرمة من المسلمين، إلى أمثال ذلك مما لا يشك عاقل أن هذا أضرَّ على المسلمين من قتال بعضهم بعضا، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما جرى على أمته من هذا، كان كراهته له وغضبه منه أعظم من كراهته لإثنين مسلمين تقاتلا على الملك، ولم يسب أحدهما حريم الآخر، ولا نفع كافراً، ولا أبطل شيئا من شرائع الإسلام المتواترة، وشعائره الظاهرة

ثم مع هذا الرافضة يعاونون أولئك الكفار، وينصرونهم على المسلمين، كما قد شاهده الناس لما دخل هولاكو ملك الكفار الترك الشام سنة ثمان وخمسين وستمائة، فإن الرافضة الذين كانوا بالشام بالمدائن والعواصم، من أهل حلب وما حولها، ومن أهل دمشق وما حولها وغيرهم، كانوا من أعظم الناس أنصارًا وأعوانا على إقامة ملكه، وتنفيذ أمره فى زوال ملك المسلمين

وهكذا يعرف الناس – عامة وخاصة – ما كان بالعراق لما قدم هولاكو إلى العراق، وقتل الخليفة، وسفك فيها من الدماء ما لا يحصيه إلا الله، فكان وزير الخليفة ابن العلقمى والرافضة، هم بطانته الذين أعانوه على ذلك بأنواع كثيرة، باطنة وظاهرة، يطول وصفها

وهكذا ذكر أنهم كانوا مع جنكيز خان، وقد رآهم المسلمون بسواحل الشام وغيرها، إذا اقتتل المسلمون والنصارى هواهم مع النصارى، ينصرونهم بحسب الإمكان، ويكرهون فتح مدائنهم، كما كرهوا فتح عكا وغيرها، ويختارون إدالتهم على المسلمين، حتى إنهم لما انكسر عسكر المسلمين سنة غازان – سنة تسع وتسعين وخمسمائة – وخلت الشام من جيش المسلمين، عاثوا فى البلاد، وسعوا فى أنواع من الفساد، من القتل وأخذ الأموال، وحمل راية الصليب، وتفضيل النصارى على المسلمين، وحمل السبى والأموال والسلاح من المسلمين إلى النصارى أهل الحرب بقبرص وغيرها

فهذا – وأمثاله – قد عاينه الناس، وتواتر عند من لم يعاينه، ولو ذكرت أنا ما سمعته ورأيته من آثار ذلك لطال الكتاب، وعند غيرى من أخبار ذلك وتفاصيله ما لا أعلمه

 

خلوّهم من كل خير

لافقه فيهم ولا زهد ولا جهاد

قال شيخ الإسلام رحمه الله

لا تجد أحدا من أعيان الأمة إلا وهو معترف بفضل الصحابة عليه وعلى أمثاله، وتجد من ينازع فى ذلك كالرافضة من أجهل الناس، ولهذا لا يوجد فى أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضى، ولا فى أئمة الحديث، ولا فى أئمة الزهد والعبادة، ولا فى أئمة الجيوش المؤيدة المنصورة رافضى، ولا فى الملوك الذين نصروا الإسلام وأقاموه وجاهدوا عدوه من هو رافضى، ولا فى الوزراء الذين لهم سيرة محمودة من هو رافضى

وأكثر ما تجد الرافضة إما فى الزنادقة المنافقين الملحدين وإما فى جهال ليس لهم علم بالمنقولات ولا بالمعقولات، قد نشئوا بالبوادى والجبال، وتجبروا على المسلمين، فلم يجالسوا أهل العلم والدين، وإما فى ذوى الأهواء ممن قد حصل له بذلك رياسة ومال، أوله نسب يتعصب له كفعل أهل الجاهلية، وأما من هو عند المسلمين من أهل العلم والدين، فليس فى هؤلاء رافضى؛ لظهور الجهل والظلم فى قولهم

وتجد ظهور الرفض فى شر الطوائف كالنصيرية والإسماعيلية، والملاحدة والطرقية، وفيهم من الكذب والخيانة وإخلاف الوعد ما يدل على نفاقهم، كما فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: “آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، إذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”. زاد مسلم: “وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم”. وأكثر ما توجد هذه الثلاث فى طوائف أهل القبلة فى الرافضة

وقال رحمه الله فى موضع آخر

لم ير الزهد والجهاد فى طائفة أقلّ منه فى الشيعة، والخوارج المارقون كانوا أزهد منهم وأعظم قتالاً، حتى يقال فى المثل: حملة خارجية. وحروبهم مع جيوش بنى أمية وبنى العباس وغيرهما فى العراق والجزيرة وخراسان والمغرب وغيرها معروفة، وكانت لهم ديار يتحيزون فيها لا يقدر عليهم أحد

هم دائما مغلوبون مقهورون

       وقال رحمه الله

وأما الشيعة فهم دائما مغلوبون مقهورون منهزمون، وحبهم للدنيا وحرصهم عليها ظاهر، ولذا كاتبوا الحسين رضى الله عنه فلما أرسل إليهم إبن عمه ثم قدم بنفسه غدروا به، وباعوا الآخرة بالدنيا، وأسلموه إلى عدوه، وقاتلوه مع عدوه، فأى زهد عند هؤلاء؟ وأى جهاد عندهم؟

هم أشد الناس خوفا من لوم اللاَّئم

وقال رحمه الله تعالى

الرافضة أشد الناس خوفًا من لوم اللاَّئم، ومن عدوِّهم، وهم كما قال تعالى: “يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون”. ولا يعيشون فى أهل القبلة إلا من جنس اليهود فى أهل الملل.

 

حجة الخوارج وسيفهم أقوى من حجة الرافضة وسيفهم

وقال فى معرض المقارنة بين بدعة الرافضة وبدعة الخوارج

وحجة الخوارج أقوى من حجة الشيعة، كما أن سيوفهم أقوى من سيوف الشيعة، ودينهم أصح، وهم صادقون لا يكذبون، ومع هذا فقد ثبت بالسنة المستفيضة عن النبى صلى الله عليه وسلم واتفاق أصحابه أنهم مبتدعون مخطئون ضُلاَّل، فكيف بالرافضة الذين هم أبعد منهم عن العقل والعلم والدين والصدق والشجاعة والورع، وعامة خصال الخير؟

الشيعة ما زالوا مقهورين مخذولين لا ينصرون إلا مع غيرهم

وقال فى معرض الرد على الحديث الموضوع المكذوب: “اللهم اخذل من خذله وانصر من نصره” يعنى عليا رضى الله عنه، قال:   والعسكر الذين قاتلوا مع معاوية ما خذلوا قط، بل ولا فى قتال علي، فكيف يكون النبى صلى الله عليه وسلم قال: ” اللهم اخذل من خذله وانصر من نصره” والذين قاتلوا معه لم ينصروا على هؤلاء، بل الشيعة الذين يزعمون أنهم مختصون بعلى ما زالوا مخذولين مقهورين لا ينصرون إلا مع غيرهم: إما مسلمين وإما كفار، وهم يدعون أنهم أنصاره، فأين نصر الله لمن نصره؟! وهذا وغيره مما يبين كذب الحديث

الشيعة لا يعرف أوهى من حججهم

قال شيخ الإسلام رحمه الله

لا يعلم فى طوائف أهل البدع أوهى من حجج الرافضة بخلاف المعتزلة فإن لهم حججا وأدلة قد تشتبه على كثير من أهل العلم والعقل. وأما الرافضة فليس لهم حجج قط تنفق إلا على جاهل أو ظالم صاحب هوى يقبل ما يوافق هواه، سواء كان حقا أو باطلاً

حجج الرافضة أبطل من حجج الخوارج

قال شيخ الإسلام فى مقارنة حجج الرافضة والخوارج

وحجج الخوارج وإن كانت باطلة بلا ريب فحجج الرافضة أبطل منها، والخوارج أعقل وأصدق وأتبع للحق من الرافضة؛ فإنهم صادقون لا يكذبون، أهل دين ظاهرًا وباطنًا، لكنهم ضالون مارقون، مرقوا من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية

وأما الرافضة فالجهل والهوى والكذب غالب عليهم، وكثير من أئمتهم وعامتهم زنادقة ملاحدة، ليس لهم غرض فى العلم ولا فى الدين بل: “إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس، ولقد جاء هم من ربهم الهدى”

حماقات الرافضة

قال شيخ الاسلام رحمه الله

وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جدا: مثل كون بعضهم لايشرب من نهر حفره يزيد، مع أن النبي والذين كانوا معه كانوا يشربون من آبار وأنهار حفر ها الكفار

وبعضهم لا يأكل من التوت الشامي، ومعلوم أن النبي ومن معه كانوا يأ كلون مما يجلب من بلاد الكفار من الجبن، ويلبسون ما تنسجه الكفار، بل غالب ثيابهم كانت من نسيج الكفار

ومثل كونهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة، أو فعل شيء يكون عشرة، حتى في البناء لايبنون عشرة أعمدة، ولا بعشرة جذوع ونحو ذلك، لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح رضوان الله عليهم أجمين، يبغضون هؤلاء إلا علي بن أبي طالب.   ويبغضون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، الذين بايعوا رسول الله تحت الشجرة، وكانوا ألفا وأربعمائة، وقد أخبر الله أنه قد رضي عنهم

وثبت في صحيح مسلم وغيره، عن جابر أيضا: أن   غلام حاطب بن أبي بلتعة قال: يا رسول الله، والله ليدخلن حاطب النار، فقال النبي”كذبت، إنه شهد بدرا والحديبية

وهم يتبرء ون من جمهور هؤلاء بل يتبرء ون من سائر أصحاب رسول الله إلا نفرا قليلا نحو بضعة عشر ومعلوم أنه لو فرض في العالم عشرة من أكفر الناس، لم يجب هجر هذا الاسم لذلك، كما أنه لما قال: “وكان فى المدينة تسعة رهط يفسدور فى الأرض ولا يصلحون” لم يجب هجر اسم التسعة مطلقا، بل اسم العشرة قد مدح الله مسماه في موا ضع، كقوله تعالى في متعة الحج: “فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة”

وقال تعالى: “وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة”

وقال تعالى: “والفجر. وليال عشر.” وقد ثبت في الصحيح: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله تعالى”

وقال في ليلة القدر: “التمسوها في العشر الأواخر. وقد ثبت في الصحيح أن النبي قال: “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب الى الله من هذه الأيام العشر.” ونظائر ذلك متعددة

ومن العجب أنهم يوالون التسعة، وهم يبغضون التسعة من العشرة، فإنهم يبغضونهم إلا عليا

وكذلك هجر هم لاسم أبي بكر وعمر وعثمان ولمن يتسمى بذلك، حتى يكرهون معاملته، ومعلوم أن هؤلاء لو كانوا من أكفر الناس لم يشرع أن لا يتسمى الرجل بمثل أسمائهم، فقد كان في الصحابة من اسمه الوليد وكان النبي يقنت في الصلاة، ويقول: “اللهم أنج الوليد بن الوليد بن المغيرة”، وأبوه كان من أعظم الناس كفرًا، وهو الوحيد المذكور في قوله تعالى: “ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا.” وفي الصحابة من اسمه عمرو، وفي المشركين من اسمه عمرو بن عبد ودّ، وأبو جهل اسمه عمرو بن هشام

وفي الصحابـة خالد بن سعيد بن العاص من السابقين الأولين، وفي المشر كين خالد بن سفيان الهذلي

وفي الصحابة من اسمه هشام، مثل: هشام بن حكيم، وأبو جهل كان اسم أبيه هشاما. وفي الصحابة من اسمه عقبه، مثل أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري، وعقبة بن عامر الجهني، وكان في المشركين عقبة بن أبي معيط

وفي الصحابة علي وعثمان، وكان في المشر كين من اسمه علي، مثل: علي بن أمية بن خلف، قتل يوم بدر كافرا، ومثل عثمان بن طلحة قتل قبل أن يسلم، ومثل هذا كثير

فلم يكن النبي والمؤمنون يكرهون اسما من الأسماء لكونه قد تسمى به كافر من الكفار، فلو قدر أن المسمين بهذه الأ سماء كفار، لم يوجب ذلك كراهة هذه الأسماء، مع العلم لكل أحد بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو هم بها، ويقر الناس على دعائهم بها

وكثير منهم يرى أنهم كانوا منافقين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنهم منافقون، وهو مع هذا يدعوهم بها، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قد سمى بها أولاده، فعلم أن جواز الدعاء بهذه الأسماء – سواء كان ذلك المسمى بها مسلما أو كافرا- أمر معلوم من دين الإسلام، فمن كره أن يد عو أحدا بها كان من أظهر الناس مخالفة لدين الإسلام، ثم مع هذا إذا تسمى الرجل عندهم باسم علي أو جعفر أو حسن أو حسين أونحو ذلك، عاملوه وأكرموه، ولا دليل لهم في ذلك على أنه منهم

ومن حماقاتهم أيضًا: أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها، كالسرداب الذي بسامرا الذي يزعمون أنه غائب فيه، ومشاهد أخر، وقد يقيمون هناك دابة – إما بغلة وإما فرسا وإما غير ذلك – ليركبها إذا خرج، ويقيمون هناك إما في طرفي النهار وإما في أوقات أخرى من ينادى عليه بالخروج : يا مولانا اخرج، ويشهرون السلاح ولا أحد هناك يقاتلهم، وفيهم من يقوم فى أوقات دائما لا يصلي، خشية أن يخرج وهو فى الصلاة فيشتغل بها عن خروجه وخدمته، وهم فى أماكن بعيدة عن مشهده كمدينة النبى صلى الله عليه وسلم إما فى العشر الأواخر من شهر رمضان، وإما فى غير ذلك يتوجهون إلى المشرق، وينادون بأصوات عالية يطلبون خروجه

ومن المعلوم أنه لو كان موجودا وقد أمره الله بالخروج فإنه يخرج، سواء نادوه أو لم ينادوه، وإن لم يؤذن له فهو لا يقبل منهم، وأنه إذا خرج فإن الله يؤيده ويأتيه بما يركبه، وبمن يعينه وينصره، لا يحتاج أن يوقف له دائما من ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، والله سبحانه وتعالى قد عاب فى كتابه من يدعو من لا يستجيب دعاءه فقال تعالى: “ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سموا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير.” هذا مع أن الأصنام موجودة، وكان يكون بها أحيانا شياطين تتراءى لهم وتخاطهم

ومن خاطب معدوما كانت حالته أسوأ من حال من خاطب موجودا وإن كان جمادا، فمن دعا المنتظر الذى لم يخلقه الله كان ضلاله أعظم من ضلال هؤلاء، وإذا قال: أنا أعتقد وجوده كان بمنزلة قول أولئك: نحن نعتقد أن الأصنام لها شفاعة عند الله، فيعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم، ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله

والمقصود أن كليهما يدعو من لا ينفع دعاؤه، وإن كان أولئك اتخذوهم شفعاء آلهة، وهؤلاء يقولون : هو إمام معصوم ، فهم يوالون عليه، ويعادون عليه كموالاة المشركين على آلهتهم، ويجعلونه ركنا فى الإيمان لا يتم الدين إلابه، كما يجعل بعض المشركين آلهتهم كذلك، وقد قال تعالى: “ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لى من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون. ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون”

فإذا كان من يتخذ الملائكة والنبيين أربابا بهذه الحال، فكيف بمن يتخذ إماما معدوما لا وجودله؟ وقد قال تعالى: “اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا الها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون.” وقد ثبت فى الترمذى وغيره من حديث عدىّ بن حاتم أنه قال: “يارسوالله، ما عبدوهم؟ فقال إنهم أحلوا لهم الحرام وحرّموا عليهم الحلال فأطاعوهم، فكانت تلك عبادتهم إياهم.” فهؤلاء اتخذوا أناسا موجودين أربابا. وهؤلاء يجعلون الحلال والحرام معلقا بالإمام المعدوم الذى لا حقيقة له، ثم يعملون بكل ما يقول المثبتون إنه يحلله ويحرمه، وإن خالف الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، حتى إن طائفهم اذا اختلفت على قولين فالقول الذى لا يعرف قائله هو الحق لأنه قول هذا الإمام المعصوم، فيجعلون الحلال ما حلله، والحرام ما حرمه هذا الذى لا يوجد. وعند من يقول: إنه موجود، لا يعرفه أحد، ولايمكن أحد أن ينقل عنه كلمة واحدة

ومن حماقاتهم تمثيلهم لمن يبغضونه، مثل اتخاذهم نعجة – وقد تكون نعجة حمراء، لكون عائشة تسمى الحميراء – يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها وغير ذلك، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة

ومثل اتخاذهم حلسا مملوءا سمنا ثم يشقون بطنه فيخرج السمن فيشربونه، ويقولون : هذا مثل ضرب عمر وشرب دمه.

ومثل تسمية بعضهم لحمارين من حمر الرحا أحدهما: بأبى بكر، والآخر بعمر، ثم يعاقبون الحمارين جعلا منهم تلك المعقوبة لأبى بكر وعمر

وتارة يكتبون أسماءهم على أسفل أرجلهم ، حتى أن بعض الولاة جعل يضرب رجل من فعل ذ لك ويقول: إنما ضربت أبابكر وعمر، ولا أزال أضربهما حتى أعدمهما. ومنهم من يسمى كلابه باسم أبى بكر وعمر، ويلعنهما ومنهم من اذا سمى كلبه فقيل له “بكير” يضارب من يفعل ذلك، ويقول: تسمى كلبى باسم أصحاب النار

ومنهم من يعظم أبا لؤلؤة المجوسي الكافر الذى كان غلاما للمغيرة بن شعبة لما قتل عمر، ويقولون: واثارات أبي لؤلؤة. فيعظمون كافرا مجوسيا باتفاق المسلمين، لكونه قتل عمر رضي الله عنه

ومن حماقاتهم: إظهارهم لما يجعلونه مشهدا، فكم كذبوا الناس، وادعوا أن فى هذا المكان ميتا من أهل البيت، وربما جعلوه مقتولا، فيبنون ذلك مشهدا، وقد يكون ذلك قبر كافر أو قبر بعض الناس، ويظهر ذلك بعلامات كثيرة

ومعلوم أن عقوبة الدواب المسماة بذلك ونحو هذا الفعل، لايكون إلا من فعل أحمق الناس وأجهلهم، فإنه من المعلوم أنا لو أردنا أن نعاقب فرعون وأبالهب وأباجهل، وغيرهم ممن ثبت بإجماع المسلمين أنهم من أكفر الناس، مثل هذه العقوبة، لكان هذا من أعظم الجهل، لأن ذلك لا فائدة فيه، بل إذا قتل كافر يجوز قتله أو مات حتف أنفه لم يجز بعد قتله أو موته أن يمثل به، فلا يشق بطنه، أو يجدع أنفه وأذنه، ولا تقطع يده إلا أن يكون ذلك على سبيل المقابلة

فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا بعث أميرا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، وأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا، وقال: “إغزوا في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ولاتغلوا، ولاتغدروا ولاتمثلوا، ولاتقتلوا وليدًا.” وفي السنن أنه كان في خطبته يأمر بالصدقة، وينهى عن المثلة

مع أن التمثيل بالكافر بعد موته فيه نكاية بالعدو، ولكن نهى عنه لأنه زيادة إيذاء بلا حاجة، فإن المقصود كف شره بقتله، وقد حصل

فهؤلاء الذين يبغضونهم لو كانوا كفارا وقد ماتوا لم يكن لهم بعد موتهم أن يمثلوا بأبدانهم: لايضربونهم، ولا ينتفون شعورهم، مع أن في ذلك نكاية فيهم، أما إذا فعلوا ذلك بغيرهم ظنا أن ذلك يصل إليهم كان غاية الجهل، فكيف إذا كان بمحرَّم كالشاة التى يحرم إيذاؤها بغير حق! فيفعلون مالا يحصل لهم به منفعة أصلا، بل ضرر في الدين والدنيا والآخرة، مع تضمنه غاية الحمق والجهل

ومن حماقاتهم: إقامة المأتم والنياحة على من قتل من سنين عديدة، ومن المعلوم أن المقتول وغيره من الموتى إذا فعل مثل ذلك بهم عقب موتهم، كان ذلك مما حرمه الله ورسوله، فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية.” وثبت في الصحيح عنه أنه برئ من الحالقة والصالقة والشاقة

     فالحالقة: التى تحلق شعرها عند المصيبة، والصالقة: التى ترفع صوتها عند المصيبة، والشاقة: التى تشق ثيابها

وفي الصحيح عنه أنه قال: “من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه.” وفى الصحيخ عنه قال: “ان النائحة اذالم تتب قبل موتها فانها تلبس يوم القيامة درعا من جرب وسربالا من قطران.” والأحادث فى هذا المعنى كثيرة

وهولاء يأتون من لطم الخدود وشق الجيوب ودعوى الجاهلية وغير ذلك من المنكرات بعد موت الميت بسنين كثيرة ما لو فعلوه عقب موته لكان ذلك من أعظم المنكرات التى حرمها الله ورسوله فكيف بعد هذه المدة الطويلة؟

ومن المعلوم أنه قد قتل من الأنبياء ظلما وعدوانا من هو أفضل من الحسين، قتل أبوه ظلما وهو أفضل منه، وقتل عثمان بن عفان، وكان قتله أول الفتن العظيمة التى وقعت بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم وترتب عليه من الشر والفساد أضعاف ماترتب على قتل الحسين

وقتل غير هولاء ومات وما فعل أحد – من المسلمين ولا غيرهم – مأتما ولانياحة على ميت ولاقتيل بعد مدة طويلة من قتله الا هؤلاء الحمقى الذين لو كانوا من الطير لكانوا رحما ولو كانوا من البهائم لكانوا حمرًا

ومن ذلك: أن بعضهم لا يوقد خشب الطَرْفاء، لأنه بلغه أن دم الحسين وقع على شجرة من الطرفاء! ومعلوم أن تلك الشجرة بعينها لا يكره وقودها ولو كان عليها من أى دم كان، فكيف بسائر الشجر الذى لم يصبه الدم؟

ومن حماقاتهم مايطول وصفها ولا يحتاج أن تنقل بإسناد، ولكن ينبغى أن يعلم مع هذا أن المقصود: أنه من ذلك الزمان القديم يصفهم الناس بمثل هذا من التابعين وتابعيهم، كما ثبت بعض ذلك إما عن الشعبى، وإما أن يكون من كلام عبد الرحمن، وعلى التقديرين فالمقصود حاصل، فإن عبد الرحمن كان فى زمن التابعين

وإنما ذكرنا هذا، لأن عبد الرحمن كثير من الناس لا يحتج بروايته المفردة، إما لسوء حفظه، وإما لتهمته فى تحسين الحديث، ومحمد بن عمر الواقدى، وأمثالهما، فان كثرة الشهادات والأخبار قد توجب العلم، وإن لم يكن كل من المخبرين ثقة حافظا حتى يحصل العلم بمخبر الأخبار المتواترة، وإن كان المخبرون من أهل القسوق، إذا لم يحصل بينهم تشاغر وتواطؤ

والقول الحق الذى يقوم عليه الدليل يقبل من كل من قاله، وإن لم يقبل بمجرد إخبار المخبر به

فلهذا ذكرنا ما ذكره عبد الرحمن بن مالك بن مغول، فإن غاية ما فيه أنه قاله ذاكرا الأثر، وعبد الرحمن هذا يروى عن أبيه، وعن الأعمش، وعن عبيد الله بن عمر ، ولا يحتج بمفرداته، فإنه ضعيف

ومما ينبغى أن يعرف أن ما يوجد فى جنس الشيعة من الأفعال المذمومة، وإن كان أضعاف ما ذكر، لكن قد لا يكون هذا كله فى الإمامية الإثنى عشرية ولا فى الزيدية، ولكن يكون كثير منه فى الغالية وفي كثير من عوامهم، مثل ما يذكر منهم من تحريم لحم الجمل، وأن الطلاق يشترط فيه رضا المرأة، ونحو ذلك مما يقوله من يقوله من عوامهم، وإن كان علماؤهم لا يقولون ذلك، ولكن لما كان أصل مذهبهم مستندا إلى جهل، كانوا أكثر الطوائف كذبا وجهلا

خاتمة فى إنصاف الرافضة

ومع كل ما ذكره شيخ الإسلام عن الرافضة فإنه ينصفهم ويذكر أنهم ليسوا كلهم سواء فى الضلال واتباع الهوى بل فيهم من هو مؤمن صادق فى إيمانه وإنما عمّهم الجهل فصار الصفة الغالبة عليهم. وهذا مما أوجبه الله على العلماء بل على جميع المسلمين أن يكونوا شهداء لله وأن يقوموا بالقسط ولا يجرمنّهم شنئان قوم على ألا يعدلوا

الرافضة ليسوا سواء

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى

الرافضة كثير منهم ليسوا منافقين ولا كفارًا، بل بعضهم له إيمان وعمل صالح. ومنهم من هو مخطئ يرجى له مغفرة الله، لكن الجهل بمعنى القرآن والحديث شامل لهم كلهم، فليس فيهم إمام من أئمة المسلمين فى العلم والدين

والإمامية مع فرط جهلهم وضلالهم فيهم خلق كثير مسلمون ظاهرا وباطنا ليسوا زنادقة منافقين لكنهم جهلوا واتبعوا أهواءهم

بعض أقوالهم صواب

ثم قال رحمه الله

ولا كل ما أنكره الناس عليهم يكون باطلا، بل من أقوالهم أقوال خالفهم فيها بعض أهل السنة ووافقهم بعض، والصواب مع من وافقهم. لكن ليس لهم مسألة إنفردوا بها أصابوا فيها

كتــاب

نــور الألبـاب

 

 

 

للإمـام المـجـدد

الشيـخ عثمـان بن فـودى

تغمده الله برحمته

 

 

 

تحقيق

 

الدكتور / عمـر محمـد لبطـو

مـركز الدراسات الإسلامية

جامعة عثمان بن فودي

صكتـو

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما، قال العبد الفقير المضطر لرحمة ربه عثمان بن محمد بن عثمان المعروف بابن فودى، تغمده الله برحمته آمين: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ورضي الله عن السادات التابعين، والعلماء العاملين ، والأئمة الأربعة المجتهدين، ومقلديهم إلى يوم الدين

       أما بعد: فهذا كتاب نور الألباب، نافع إن شاء الله لمن عوّل عليه، أحكمت فيه الأسئلة لأبنى عليه أحكام بلاد أهل حوس، فأقول وبالله التوفيق: اعلم يا أخي، أنّ النّاس في هذه البلاد على ثلاثة اقسام: قسم منهم يعمل أعمال الإسلام، ولا يـظهر منه شىء من أعمال الكفر، ولا يسمع منه شىء مما يناقض الإسلام، فهؤلاء مسلمون قطعا تجرى عليهم أحكام الإسلام. وقسم منهم مخلط، يعمل أعمال الإسلام، ويظهر منه أعمال الكفر أو يسمع من قوله ما يناقض الإسلام، فهؤلاء كافرون قطعا لا تجرى عليهم أحكام الإسلام. وقسم منهم ما شمّ رائحة الإسلام قطّ ولا يدّعيه، فهؤلاء لا يلتبس حكمهم على أحد

       فإن قلت: بّين لنا علامة المخلطين لنعرفهم بها، قلت: سأفصل لك باذن الله تعالى أعمالهم التى كفروا بها، إذ هي علامتهم التي يعرفون بها، فأقول وبالله التوفيق: فمن أولئك المخلطين من يزعم أنه مسلم يعمل أعمال الإسلام، وهو مع ذلك يعظّم بعض الأشجار والأحجار بالذّبح عندها والصدقة، أو يصبّ العجين عليها، فهذا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام. ومنهم من يزعم أنه مسلم ، يعمل أعمال الإسلام وهو مع ذلك يكذب ببعث الأموات ويقول: لا بعث بعد الموت، فهذا أيضا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام. ومنهم من يزعم أنّه مسلم يعمل أعمال الإسلام، وهو مع ذلك يستهزئ بدين الله ويستهزئ بالتابعين، ويستهزئ بالمتواضعين ويستهزئ بالنساء اللاتي يحتجبن عن الرجال الأجانب، وهذا أيضا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام. ومنهم من يزعم أنه مسلم، يعمل أعمال الإسلام، وهو مع ذلك يزعم أنه يعلم شيئا من علم الغيب بالخط في الرمل، أو بأحوال النجوم، أو بأخبار الجن، أو بشئ من أصوات الطيور وحركاتها أو غير ذلك، وهذا أيضا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام. ومنهم من يزعم أنه مسلم يعمل أعمال الإسلام، وهو مع ذلك يأتى إلى الكهان، يسألهم عن أمره، ويصدقهم فيما يقولون، فهذا أيضا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام، ومنهم من يزعم أنه مسلم، يعمل أعمال الإسلام، وهو مع ذلك يطرح القطن وغيره على الحجارة في الطريق، أو تحت الأشجار، أو مجمع الطريقين، أو غير ذلك من المواضع التى يطرح ذلك عليها، وهو أيضا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام. ومنهم من يزعم أنه مسلم يعمل أعمال الإسلام، وهو مع ذلك يضع ثوبا أو طعاما أو غير ذلك على قبر الولي أو العالم أو العابد على طريق النذر ويظن بجهله أنه يوفى نذره وهذا أيضا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام. ومنهم من يزعم أنه مسلم يعمل أعمال الإسلام وهو مع ذلك يسحر الناس ويفرق بين شخصين إذا كانت بينهما محبّة ، ويفرق بين المرأة وزوجها، وهذا أيضا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام. ومنهم من يزعم أنه مسلم يعمل أعمال الإسلام، وهو مع ذلك يزن القرآن يضرب الدّفوف، وهذا أيضا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام. ومنهم من يزعم أنه مسلم، يعمل أعمال الإسلام، وهو مع ذلك يكتب أسماء الله تعالى والقرآن على الأعيان النجسة، مثل عظام الأموات ورؤوس الكلاب أو يكتب أسماء الله تعالى أو القرآن بالدم المسفوح من الذبح، أو يكتب أسماء الله أو القرآن ويغسلها بالماء ، ثم يفرق أجزاء ثوب الحيَّة ويخلطهما به، وهذا أيضا كافر لا تجرى عليه أحكام الإسلام. وهؤلاء المخلطين كفرهم ظاهر يرى بالعيون أو يسمع بالأذن ، فلأجل ذلك بينا أنهم لا تجرى عليهم أحكام الإسلام

       وأمّا من يعمل أعمال الإسلام ولم يظهر منه شىء من أعمال الكفر ولم يسمع منه شىء مما يناقض الإسلام ، فلا يجوز لأحد أن يقول أنه كافر لأنه إما أن يقول انه يعتقد الكفر في قلبه، وهذا لا سبيل لنا إلى اطلاعه وأما ان يقال أنه كافر لأنه يعمل الكبائر، وهذا أيضا باطل لأنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب

       فإن قلت: بيّن لنا أيضا ما أمرنا الشرع أن نفعل فيهم، وما حكم استرقاق أولادهم، وما حكم الأموال التى نهبوها من المسلمين، وما حكم من وجد بأيديهم مستعبدا و زعم أنه حرّ؟

       قلت: سأبيّن لك ذلك باذن الله تعالى، فأقول وبالله التوفيق

اعلم أنّ الكفّار ثلاثة أقسام: الأول من هو كافر صريح بالأصالة كاليهود والنّصارى والمجوس ونحوهم ممن ورث الكفر الصريح عن آبائه. الثانى: من كان مسلما ، ثم ارتدّ عن دين الإسلام ارتدادا ظاهرا فصرح بأنه خرج عن دين الإسلام ودخل في غيره من دين الكفر. الثالث: من يزعم أنه مسلم، وحكمنا بكفره لأجل ما صدر منه مما لا يقع في الظاهر إلا من كافر ، كما ذكرنا من حال أولئك المخلطين.

       فالكفار بأصالة الكفر، تسبى ذراريهم ونساؤهم، ونقسم أموالهم، ولا خلاف في ذلك بين العلماء كما في الكتاب والسنة. وفي الكفار بالارتداد خلاف: قال ابن القاسم في أهل حصن من المسلمين ارتدوا عن دين الإسلام إلى الكفر، لا تسبى ذراريهم ونساؤهم، أما أموالهم فهي للمسلمين. قال ابن رشد: وهذا هو الصحيح من جهة النظر، لأن المرتدين أحرار من أصلهم. قال: وإلى مذهب ابن القاسم في المرتدين ذهب عامة العلماء وأئمة السلف. وإذا علمت ذلك، فاعلم أن كل من فعل شيئا من تلك الأفعال الموجبة للتكفير يستتاب، فإن تاب ترك، وأن لم يتب قتل بالسيف كفرًا، ولا تسترق أولادهم

       واما ما وجد من الأموال التى نهبوها من المسلمين فيحل أخذه حيث وجد بغير شىء، لأن الذى نهبه كافر وهو يزعم أنه مسلم ليس كالذى نهبه الكافر الأصلى. وأما ما نهبه المسلمون منهم، فليس لهم أخذه، فهم يردون ولا يرد لهم. وأما من وجد بأيديهم مستعبدا و زعم أنه حر فالقول قوله حتى يتبين أنه رق، وهذا آخر ما أردنا تفصيله من حال هؤلاء المخلطين، حسب ما بينه الله تعالى لنا من كلام الأئمة رحمهم الله تعالى، وبالله التوفيق

       (فصل) في ذكر الأمور التي عمت البلوى بها في هذه البلاد أعني بلاد حوس وكثرت وان كانت مصيبة عامة في البلدان، منها ما يفعله كثير من علماء هذه البلاد من ترك الزوجات والبنات والعبيد مهملة كالأنعام، من غير أن يعلموهم ما فرض الله عليهم من عقائدهم، وأحكام وضوئهم وصلاتهم وصيامهم، وغير ذلك مما أوجب الله عليهم تعليمه، ومما أباح لهم من مسائل بيوعهم، وما شاكل البيوع ، وهذا خطأ عظيم وبدعة محرمة، وجعلوهم كالوعاء يعملون فيها حتى إذا انكسرت يطرحونها في الدمى : أى موضع النجاسة

       يا عجبا كيف يتركون أزواجهم وبناتهم وعبيدهم في ظلمات الجهل والضلال وهم يعلّمون طلابهم صباحا ومساء وما ذلك الا لأنهم مخطئون أنفسهم لأن في تعليمهم طلابهم رياء وفخرا، وهذا خطأ عظيم، لأن تعليم الزوجات والبنات والعبيد واجب، وتعليم الطلاب نفل، والواجب مقدم على النفل اجماعا . ولا يجب تعليم الطلاب على العالم إلا إذا لم يكن هناك أحد غيره، فحينئذ يجب تعليمه لهم لكن بعد تعليم أهله لأن السابق أولى أن يقدم على المسبوق

       يا نساء المسلمين، لا تسمعنّ أقوال الضالين المضلين الذين يغرونكن بان يأمروكن بطاعة الأزواج من غير أن يأمروكن بطاعة الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، ويقولون: “سعادة المرأة في طاعة زوجها”. وما ذلك الا لطلب غرضهم ومرادهم فيكن، ويكلفونكن ما لم يوجبه الله تعالى ولا رسوله عليكن أصلا من طبخ وغسل الثوب وغير ذلك مما هو كثير من مرادهم، ولا يكلفونكن مما أوجب الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، عليكن من طاعة الله ورسوله. نعم يجب على الزوجة طاعة زوجها، اجـماعا سرا وجهرا، ولو كان زوجها حقيرا جدا أو عبدا، وحرم عليها   عصيان زوجها مطلقا اجماعا الا إذا أمرها بمعصية الله تعالى، فيجب عليها الكف عن طاعته حينئذ، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأيضا إذا أطاعت المرأة زوجها كان لها أجرها مرتين، لكن بعد طاعة الله ورسوله

       ومنها الأمور التى عمت البلوى بها فى هذه البلاد قولهم: هذا يوم صالح وهذا يوم قبيح إذ كل ذلك كذب وزور وبدعة محرمة مخالفة لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسنة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، ولم يقبل ذلك أحد من علماء الإسلام من السلف الصالح والتابعين. ولا الامام مالك ولا الشافعى ولا أبو حنيفة ولا أحمد ابن حنبل وتابعوهم من المتقدمين والمتآخرين ، وانما هذا الافك منقول من كتب اليهود والنصارى الذين بدلوا وغيروا، ونبذوا طريق أنبيائهم وراء ظهورهم، واتبعوا أهواءهم وأضلوا كثيرا، وضلوا عن سواء السبيل، هذا هو الحق الذى لا شك فيه . ولا يجوز لأحد أن يقتدى باليهود والنصارى لأنهم كافرون اجماعا، ومن شك في كفرهم فكافر اجماعا، وأما ما يكتبونه لكعب الأحبار من أنه قد حكم بذلك لا يصح، إلا أن يكون قبل اسلامه حين كان على دين أهل الكتاب. ولا يجوز لأحد أن يحكم بما حكم به اليهود والنصارى قبل اسلامهم، ولم يحكم به كعب الأحبار بعد اسلامه اصلا، هذا هو الحق

       وأما الذين يقولون قد علمنا أن الأيام كلها لله، وأن اليوم لا ينفع ولا يضر،ولكن وجدنا آبائنا يعملون به فلذلك نعمل به، فهذا خطأ عظيم وبدعة محرمة، وجب على قائله التوبة والاستغفار لأنه اقتدى بأقوال الكافرين (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا ليه آباءنا) وهذا ضلال عظيم.

       يا عجبا: كيف يختارون بعض الأيام على بعض، لأن كل ما ينفع الانسان تابع للأكل والشرب اذ بهما قوام بنية الانسان. كيف وما من يوم الا وهم يأكلون ويشربون فيه ولا يضرهم ذلك فكيف يضرهم غيرهما؟ وهذا سفه وحمق وجهل وضلال وبدعة محرمة

       والحاصل أن من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يحكم بهذا الجهل ولا يعمل به، إذ لم يأت شىء من ذلك في القرآن العظيم ولا في الحديث الصحيح، بل ولا في حديث سقيم أصلا، وانما هو منقول من كتب أهل الكتاب الذين بدلوا وغيروا، وهذا هو الحق الذى لا شك فيه

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها فى هذه البلاد، الاشتغال بعلم الحروف التى لا يفهم معناها، اذ بعضها اساءة أدب، وبعضها كفر، وصورة كفرها كما أشار إليه مالك بقوله: وما يدريك لعله كفر. وقد نسب ذلك لبعض الناس أنه كان يقرأ ذلك بحضرة نصرانى والنصرانى يضحك منه فقال له في ذلك: عجبت منك انك تسب ربك ونبيك وأنت لا تشعر

       ومن الأمور التى عمت العلوى بها فى هذه البلاد، الاشتغال بتحصيل المغيبات بالقرعة وأحكام النجوم، وهذا الفعل هو مفتاح كل فتنة، لأن مرجعه إلى الكهانة وهى ضد الحق. قال العلماء: قرعة الطيور ونحوها من باب الاستقسام بالأزلام، إلى أن عدوا منه الاستفتاح في المصحف

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها في هذه البلاد، تعظيم أعياد الكفار مثل الحاجور والعنصرة وأول خميس مايو

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها فى هذه البلاد، التبرك بالصلاة على القبر، وبناء مسجد عليه، إذ لا يصلى على المقابر، ولا يبنى مسجد عليها للتبرك، ولا يتمسح بالقبر أيضا لأن ذلك من فعل النّصارى، ولا يدهن بالماء الذى يكون عليه ولا يرفع منه تراب، وانما يطلب التبرك بزيارة القبر فقط

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها في هذه البلاد، ايثار غير المهم مثل صلوات الليالى والأيام الفاضلة والعمل بالرواية الباطلة، وترك واضح العلم مثل صلوات أول خميس من رجب وليلة النصف من شعبان وليلة سبع وعشرين من رجب ووداع رمضان وصلاة يوم عاشوراء وصلاة القبر وصلاة الوالدين وصلاة الأسبوع كل يوم وليلة يختص بما يعمل فيه، وكل ذلك موضوع أى مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها فى هذه البلاد تتبع الفضائل وأنواع المندوبات. وتوهم النجاة بها، مع بقائهم على محرمات وذنوب وعيوب لا بد من ازالتها ، حتى ان كثيرا منهم يهمل الفرائض ويكثر النوافل ويسارع اليها

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها فى هذه البلاد ما يفعله الجهال من ذبح الشياه لامتشاط شعر رؤسهم ، وذبح من جاء الى البقر والغنم غريبا ، وتأديب الصبيان على عقوق الموالدين، وعدم احترام الكبير من الأفعال التى لا تجوز شرعا، لأنهم يمشون مع الصبيان إلى الصحراء ويوقدون نارا كبيرة ، ويؤدبونهم هناك بالأفعال التى لا تجوز شرعا، وهذه الأفعال خاصة بالقبيلة الفلانية في هذه البلاد، وهي حرام كتابا وسنة واجماعا

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها فى هذه البلاد، اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق والطرقات ، وعدم اجتناب المرأة أخي زوجها وابن عمه وصاحبه، وكشف العورات من الحرائر والاماء

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها فى هذه البلاد ما يفعلونه من البدعة المحرمة عند الختان ووليمة النكاح والعقيقة والصدقة للميت وغير ذلك من مواضع اجتماعهم مما لا يحصى ، لأن البدعة تزيد بقدر اجتهاد أهل البدع، وهو ما يفعلونه من اللهو واللعب، واجتماع الرجال والنساء والرقص والغناء وغير ذلك من ضلالتهم وعصيانهم وتلاعب الشيطان بهم، وكل ذلك حرام بالكتاب والسنة والاجماع. ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يحضر في ذلك الموضع وإن كان أبوه يفعل ذلك أو صهره أو شيخه ، لأن كل من يفعل ذلك فاسق اجماعا، وكذلك من يحضر فيه فاسق ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يأذن لزوجته أو ولده أو عبده أو كل من كان في حكمه أن يحضر في ذلك الموضع الملعون، ومن أذن لهم فقد عصى الله ورسوله ، ومن كان فى بلد أهلها يعملون بهذا العصيان وجب عليه أن ينهاهم عن ذلك ان قدر عليه، وإن لم يقدر عليه وجب أن يرتحل إلى موضع آخر ليس فيه هذا العصيان

       وإن لم يمكن ذلك لتعميم هذا العصيان فى جميع البلدان أو لمشقته التى تناله مما هو أعظم من ذلك، فليلزم بيته ولا يحضر هو وأهله معهم في موضع عصيانهم ولهوهم، ولا يسلم عليهم في حال عصيانهم، ولا يعينهم ولو بلقمة أو شربة ماء، ولا قول ولا فعل، ولا يطعم ضيوفهم بطعام ولا ماء لأنهم فاسقون . وكل من جاء اليهم من بلد أو غيره لينفعهم فهو عاص لله ورسوله، ويكتب عليه ذنوب بكل خطوة بخطو اليهم ذابها وراجعا. ولا يعينهم بشىء لأن ذلك تعاون على الاثم والعدوان والتعاون على الاثم والعدوان حرام. قال الشيخ محمد بن محمد بن محمد بن محمد المديونى في شرحه (فتح الجليل): بيتوتة الناس عند أهل البيت ليست إلا من أمر الجاهلية ونحوه الطعام الذى يصنعه أهل الميت في اليوم السابع يريدون بذلك القربة للميت والترحم عليه، وهذا أمر محدث لم يكن فيما تقدم، ولا هو مما يحمده العلماء رضى الله عنهم، قالوا: ليس ينبغى للمسلمين أن يقتدوا بأهل الكفر، بل ينهى كل انسان أهله عن الحضور، في مثل هذا وشبهه، من لطم الخدود وشق الجيوب واستعمال النواح

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها في هذه البلاد، انتظار الصبيان الذين بلغوا حد الختان إلى أن يبلغ من دونهم حد الختان فيختنونهم جميعا في يوم واحد ويجمعونهم في الصحراء، وكل ذلك بدعة محرمة. وأما إذا بلغ مثل الصبيان حد الختان معا لا بأس بختانهما معا وأن يدخلا في بيت واحد،لكن افتراقهما بان يبيت كل واحد منهما في بيت امه وأبيه أفضل وأحسن من البدعة المحرمة

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها في هذه البلاد ما يفعلونه من تهديد الصبيان عند الختان إذا خافوا يضربونهم، وكل ذلك حرام. ولا يجوز ايذاؤهم بشىء لأجل البكاء، بل بكاؤهم خير لأن في بكائهم عند الختان أجرا عظيما، ومن ذمهم لبكائهم عند الختان فعليه ذنب عظيم ووجب عليه التوبة والاستغفار منه

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها في هذه البلاد ما يفعلونه من الغش في البيوع، مثل خلط اللبن بالماء أو غير ذلك. ومنهم من اذا اشترى السلعة حازها وذهب قبل أن يدفع لربها ثمنها، فإذا ندم أو لم يجد بيعها بربح أو طلب منه ربها الثمن قال: خذ سلعتك أو اصبر حتى أبيعها

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها في هذه البلاد التطفيف في المكيال بالزيادة والنقصان، وهو حرام بالكتاب والسنة والاجماع، لأن صفة الكيل في الشرع أن يقعد المكيال معتدلا، ثم يصب فيه المكيل من فوقه حتى يمتلئ كاملا من غير تدكين ولا تسنيد ولا زلزلة ولا حيلة، وانما يعتدل المكيال في موضعه ويصب فيه المكيل حتى يمتلئ بطبعه

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها في هذه البلاد، عدم اصلاح المكايل وهو حرام، ويجب اصلاح المكايل فى الشرع كبارها وصغارها حتى تكون كلها على نسبة واحدة. ولا يجب أن يتفق أهل البلاد في المكيال، وانما تجب تسوية مكاييل بلد فيما بينها حتى تكون على نسبة واحدة

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها فى هذه البلاد ما يفعلونه من عدم التوارث على الكتاب كما فرض الله سبحانه وتعالى، لكنهم إذا كان في الورثة كبير، استولى على جميع التركة ويقول: هذا مال اخوانى وأنا في منزلة أبيهم، ولا يعترض أحد منهم على ذلك، حتى إذا مات استولى على تركته الأقوى، وهذا أيضا حرام كتابا وسنة واجماعا

       ومن الأمور التى عمت البلوى بها في هذه البلاد ، ما جعلوه أدبا لعظمائهم عند التحية كالانحناء، فان انحناء الرأس عند التحية حرام عند جمهور العلماء، وهو ظاهر الحديث الذى رواه الترمذى عن انس وقال هو حسن صحيح وافتى بعض العلماء بجوازه إذا لم يقصد منه أنه ركوع شرعا

       هذا آخر ما أردنا تفصيله من هذه الأمور التى عمت البلوى بها في هذه البلاد حسب ما بينه الله تعالى لنا وحسب كلام الأئمة، وبتمام تفصيلها تم الكتاب (نور الألباب) بحمد الله وحسن عونه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

       والحمد لله رب العالمين. وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين

       ورضى الله عن السادات التابعين، والعلماء العاملين ، والأئمة الأربعة المجتهدين، ومقلديهم إلى يوم الدين آمين

 

 

بـيان فـساد عـقائد الشـيعة


 

 

بقلـم

الدكتور/ عمر محمد لبطو

 

 

رئيس الجامعة الاسلامية

كشنه-نيجيريا

(سابقا)

 

 

ISBN 9783505987


 

l

مقدمة الطبعة الثانية

       بسم الله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى

       أما بعد، فهذه هي الطبعة الثانية لرسالتي “بيان فساد عقائد الشيعة” التي كتبتها خصّيصا لآبائنا الأجلاء العلماء التقليديين لتعريفهم بمساوىء هذه الفرقة وخبث معتقداتها عسى أن ينضموا الينا ويمدو لنا يد المساعدة في محاربة هذا الشر الزاحف الي ديارنا. فان مكافحة انتشار التشيع في نيجـيريا بل وفي غرب افريقيا عموما واجب لا بد من القيام به علي كل مسلم حسب المستطاع. وعلماؤنا التقليديون بصفتهم كآباء وبما آتاهم الله من محبة ومهابة في نفوس جمهور الناس وبصفتهم حملة لتراث الجهاد الفودي فهم خير من قام بهذا الواجب. وقد رأينا منهم بفضل الله تعالى تجاوبا طيبا مع هذه الدعوة حيث بدءوا يدركون مكر الرافضة الذين يتزلفون اليهم بالاحترام الزائف ويتقربون اليهم بالدعوى الكاذبة لحب أهل البيت والمشايخ. وقد بات كثير من مشايخ الطرق الصوفية يدركون تماما أن من لم يرع لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم حقا لا يبالي بمن هو دونهم من رموز الطريقة كالشيخ التجاني والشيخ عبد القادر وغيرهم

       هذا، وقد أجريت قلم التصحيح في هذه الطبعة لبعض النقاط التي لفت نظري اليها القراء الكرام ممن اطلع على الرسالة، وضمنتها تعريفا بأهم المراجع الشيعية التي اعتمدتها في كتابة الرسالة. وذالك لما رأيت من شدة اندهاش بعض القراء لما حوت تلك المراجع من الكفريات والعظائم والطامات. فكثير من القراء ممن لم يتضلع من مؤلفات الشيعة لا يكادون يصدقون أنظارهم من عجيب مارأوا في تلك المؤلفات مما تقشعر منه الجلود وتشيب منه الولدان وتدمي له القلوب قبل العيون

       وأسأل الله العلي القدير أن ينفع بهذه الطبعة كما نفع بالتي قبلها، وأن يسدد خطانا ويجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، انه ولي ذلك والقادر عليه. ولا حول ولا قوة الا بالله.

 

       مدينة كادونا                            عمر محمـد لبطو

       رجب 1431

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

     ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات اعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله

     أما بعد, فان احسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

     وبعد, فهذا ملخص لكتابي الذي ألّفته بلغة الهوسا في عقائد الشيعة الفرقة الضالة المبتدعة التي سنحت لها فرصة الانتشار في هذه البلاد في العقدين الماضيين. وعلي الرغم من انتشار الكتاب المذكور وشيوعه وقبول الناس له قبولا حسنا بفضل الله تعالى الا أنني لا أزال أشعر في قرارة نفسي بأن رسالة الكتاب, وهي بيان فساد عقائد الشيعة, لما تصل الي كل الأوساط المعني بها. ذلك أن شريحة لا بأس بها من علمائنا الأجلاء, وهم المعروفون بالعلماء التقليديين, لا يجيدون قراءة لغة الهوسا متى ما كتبت بالأحرف اللآتينية كما هو الحال في الكتاب الآنف الذكر

     لذا رأيت أن أضع ملخصا للكتاب باللغة العربية حتى تعم الفائدة و يتبين للجميع مدى خطورة هذه الفرقة المبتدعة الضالة وفساد عقائدها وما يكمن في انتشار ها من خطر علي الأمة وعلي أمنها واستقرار ها ومستقبلها

     فالكتاب اذا رسالة الي الآباء المحترمين الأجلاء من ابن بار نصوح حريص علي هدايتهم واستمرار رسالتهم في بيان الحق وهداية الناس وقيادة المجتمع. والغرض هو وضع حقائق عن فرقة الشيعة أمام هؤلاء العلماء بما يساعد هم للقيام بواجبهم من احياء للسنة واخماد للبدعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم

     ومما يدعو للأسف والحزن أن فرقة الشيعة وجدت الفرصة سانحة للأنتشار على حين غفلة من الناس وعلى رأسهم العلماء. والحق أن هذه الفرقة ما كانت لتنتشر هذا الانتشار الواسع في مدة يسيرة نسبيا لولا قصور عامة العلماء عن واجبهم. وذلك لوضوح بطلان عقائدها ومخالفتها للكتاب والسنة واجماع الأمة والعقل الصريح السليم

     ان فرقة تنتحل عداوة السلف وتعتقد كفر جميع الصحابة الا نفرا يسيرا منهم, ثلاثة أو سبعة, وتتقرب الى الله بسب أبي بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهما, ولعنهما, ان فرقة كهذه ما كان ليخفى أمر ها على الناس حتى يدخلها الشباب أفواجا. ولكن مع الأسف هذا ما حصل. ان الشيعة اتخذوا حب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ستارا لهم, وفي نفس الوقت يبغضون زوجات النبي أمهات المؤمنين عائشة وحفصة وغيرهما رضي الله عنهن, ويكفرونهن ويسبونهن وينالون منهن نيلا عظيما

     فيا ليت شعري كيف يكون مسلما من يرى أن صحابة رسول الله كلهم قد ارتدوا بعد موت النبي الا ثلاثة أو سبعة منهم؟ أو كيف يكون مسلما من يرى أن العشرة المبشرين بالجنة كلهم مخلدون في النار الا واحدا منهم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟

     وسيقف القاريء ان شاء الله تعالى علي هذه العقائد الكافرة المكفّرة التى هي من أركان دين الشيعة وركائزه. وقد اشترطت علي نفسي ألا أنقل شيئا من عقائد هم الا من كتبهم التى ألّفها علماء هم المعروفون, وذلك انصافا لهم فان العدل واجب مع الموافق والمخالف. يقول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو علي أنفسكم أو الوالدين والأقربين, ان يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما, فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا, وان تلووا أو تعرضوا فان الله كان بما تعملون خبيرا.” ويقول: “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط, ولا يجرمنّكم شنئان قوم على ألا تعدلوا, اعدلوا هو أقرب للتقوى, واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون.” فكل ما أذكره في هذه الرسالة من عقائد الشيعة وآراء هم وأحكامهم هو منقول من كتبهم التى صنفها علماء هم المعروفون المشهورون والمعترف لهم بالفضل والامامة عند هم. وهذه الكتب مطبوعة ومتداولة وميسورة عند من طلبها من مظانّها

     هذا, وقد قسمت الرسالة الي ثلاثة فصول. الفصل الأول ويشمل نبذة عن تاريخ الشيعة وبيان بعض طوائفها. والفصل الثاني وهو صلب الكتاب ولبّه ويحتوي على ذكر عقائد الشيعة الست التى اتفقوا عليها والتى بها خالفوا جماعة المسلمين وبيان فساد ها وبطلانها على ضوء الكتاب والسنة. والفصل الثالث يتناول بالشرح ظهور التشيع في نيجيريا وبعض العوامل التى ساعدت على انتشار الفرقة وخصوصا في أوساط الشباب

     وأسأل الله تعالى أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم, وأن ينفع به المسلمين والمسلمات, انه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

 

             مدينة كشنه

            15 رمضان المبارك, 1427               عمر محمد لبطو

الفصل الأول

نبذة عن تاريخ الشيعة

 

     الشيعة أقدم الفرق الضالّة التى ظهرت في تاريخ الاسلام. وسندرس في هذا الفصل موجزا لتاريخ الفرقة وبعض الطوائف المنبثقة عنها. لكن ينبغي أن نبدأ من البداية

 

تسمية الشيعة

     جرت العادة في تسمية هذه الفرقة باسم الشيعة لكن في هذه التسمية خطأ فاحش. ذلك أن هذا الاسم يشمل جميع من شايع عليا رضي الله عنه أو أحبه أو والاه ممن كان في زمنه أو جاء بعده. وهؤلاء ثلاثة أصناف

  1. غالية أو غلاة: وهم طائفة غلوا في حب علي رضي الله عنه وتوقيره وتبجيله, وربما ادعوا فيه الألوهية أو النبوة
  2. رافضة: وهم الذين يدّعون النصّ من النبي صلى الله عليه وسلم على استخلاف علي ويتبرءون من الخلفاء الثلاثة قبله أبي بكر وعمر وعثمان ومن عامة الصحابة, وينسبونهم الي الظلم والفسق والكفر
  3. زيدية: وهم أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. هؤلاء يفضلون عليّا علي سائر الصحابة ولكنهم يتولّون أبابكر وعمر وعثمان وباقي الصحابة ويحبونهم ويحترمونهم ولا يكفرونهم

     وأكثر الشيعة الموجودين في زمننا هذا هم من الطائفة الثانية (رافضة) الذين يعادون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة شديدة ويبغضونهم ويسبّونهم ويعتقدون كفر هم لأن الصحابة, في زعمهم, ارتدوا بعد وفاة رسول الله حيث أنكروا وصيته في علي ولم يبق منهم على الاسلام الا نفرا قليلا, ثلاثة أو سبعة, كما ذكرنا في المقدمة وكما نقف عليه ان شاء الله تعالى في الفصل الثاني عند ذكر عقيدة الشيعة في الصحابة

     فاطلاق اسم الشيعة علي هذه الطائفة غير صحيح؛ لأن هذا الاسم يدخل فيه الزيدية وغيرهم, بل يدخل فيه الشيعة القدماء الذين كانوا علي عهد علي ومن بعدهم, فان هؤلاء كانوا مجمعين على تفضيل أبي بكر وعمر على علي وان كانوا يرون تفضيل علي على عثمان رضي الله عنهم أجمعين. فيجب تسمية شيعة اليوم باسمهم الحقيقي “الرافضة

 

نشاة الرافضة ودور اليهود فيها

     أول من عرف أنه دعا الي أصول عقائد الرافضة رجل يهودي اسمه عبد الله بن سبأ من يهود اليمن. أسلم في عهد عثمان بن عفّان رضي الله عنه وأخذ يتنقل بين أمصار المسلمين للدعوة لهذا المعتقد ونشره وتطويره

     يقول الامام الطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك: “كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء, أمه سوداء فأسلم زمن عثمان, ثم تنقّل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم. فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام, فأخرجوه حتى أتى مصر فاعتمر فيهم فقال لهم فيما يقول: العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذّب بأن محمدا يرجع وقد قال الله “ان الذى فرض عليك القرآن لرادك الى معاد”, فمحمد أحق بالرجوع من عيسى. قال: فقبل ذلك منه, ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها. ثم قال لهم بعد ذلك: انه كان ألف نبي ولكل نبي وصي, وكان عليّ وصي محمد. ثم قال: محمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء

     ثم قال لهم بعد ذلك: من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله ووثب على وصي رسول الله وتناول أمر الأمة. ثم قال لهم بعد ذلك: ان عثمان أخذها بغير حق, وهذا وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانهضوا في هذا الأمر فحركوه, وابدءوا الطعن على أمراءكم واظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, تستميلوا الناس وادعوهم الى هذا الأمر. فبثّ دعاته وكاتب من كان استفسده في الأمصار وكاتبوه ودعوا في السر الي ما عليه رأيهم…” (تاريخ الطبري 4: 340)

     هكذا كانت بداية التشيع علي يد هذا اليهودي الزنديق الحاقد, وكان من ثمار دعوته الخبيثة مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه

     ولما ولي علي رضي الله عنه الخلافة بعد عثمان بدأت عقائد الرافضة تظهر الى حيز الوجود شيئا فشيئا الي أن بلغ خبرها عليا فانكرها أشد الانكار وتبرأ منها ومن أهلها. وجاء ابن سبأ الى مدينة الكوفة وكانت دار الخلافة أيام علي. فازداد نشاطه بها وغالا أتباعه حتى ادعى بعضهم الهية علي. فلما وقف علي رضي الله عنه على جليّة أمرهم استتابهم فلم يرجعوا فأحرقهم بالنار كما سيأتي قريبا ان شاء الله تعالى

     (وادعى ابن سبأ بعد موت علي أن عليا لم يمت وانما اختفى وسيرجع, وقال لمن نعاه له: “لو جئتمونا بدماغه في سبعين صرّة ما صدقنا موته” الملل والنحل للشهرستاني1/177)

     ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية عن دور عبد الله بن سبأ اليهودي في تأسيس حركة التشيع ووضع عقائدها, يقول: “وقد ذكر أهل العلم أن مبدأ الرفض انما كان من الزنديق عبد الله بن سبأ فانه أظهر الاسلام وأبطن اليهودية, وطلب أن يفسد الاسلام كما فعل بولص النصراني الذي كان يهوديا في افساد دين النصارى”.)فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية, 28: 483)

     وكون ابن سبأ المؤسس الأول لفرقة الرافضة والواضع لأهم عقائدها موضع اجماع بين علماء المسلمين لا يختلف في ذلك أحد. وحتى علماء الشيعة أنفسهم قد اعترفوا بذلك. وقد ذكر قصة ابن سبأ كبار علماء الشيعة المتقدمين مثل الأشعري القمي, والكشي, والنوبختي. وذكرها من علماء هم المتأخرين المامقاني. وهؤلاء من كبار علماء الرافضة المعترف لهم بالعلم والفضل عندهم وكلهم اعترف بهذه القصة وأوردوا في كتبهم هذا النص: “وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي عليه السلام أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم, ووالى عليّا عليه السلام. وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بهذه المقالة, فقال في اسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك. وهو أول من أظهر القول بفرض امامة علي عليه السلام وأظهر البراءة من أعداءه وكاشف مخالفيه. فمن هنا قال من خالف الشيعة: ان أصل الرفض مأخوذ من اليهودية.” (يراجع: المقالات والفرق للأشعري القمي ص 21؛ ورجال الكشي ص 71؛ وفرق الشيعة للنوبختي ص22؛ وتنقيح المقال للمامقاني 2: 184(.

     ويؤخذ من هذا النص أن هؤلاء العلماء الشيعة كلهم اعترفوا بأن ابن سبأ

  1. كان يهوديا فأسلم
  2. وكان يوالي عليا وأنه من شيعته ومحبيه
  3. وكان أول من أظهر القول بالوصية وبفرض امامة علي
  4. وكان أول من أظهر البراءة من أعداء علي ويعنون بهم الصحابة كلهم الا ثلاثة أو سبعة منهم

     وبهذا الاعتراف من كبار علماء الشيعة يتبين للجميع أن عبد الله بن سبأ اليهودي هو المؤسس الأول لفرقة الرافضة وأنه هو أبوهم الروحي وأن أصول معتقداتهم وأفكارهم وآراءهم هي في الحقيقة من بنات فكر هذا الزنديق. فلا غرو أن نرى العجائب عند الشيعة من بغض الصحابة وسبهم وتكفيرهم والتكذيب بالمحكمات من آيات الذكر الحكيم ومخالفة جماعة المسلمين واتباع غير سبيل المؤمنين

     هذا, وللرافضة في نشأتهم علاقة مع ديانة وثنية أخرى ألا وهي المجوسية: ديانة أهل فارس أو الفرس. وسبب علاقتهم أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما هزم جيوش كسرى وقتل ملكهم وقضى علي دولتهم اغتنم كنوزهم وسبى نساءهم وكان من بين السبايا أميرة من بنات كسرى تدعى “شهربانو”. فأعطاها عمر للحسين بن علي بن أبي طالب فتسرى بها أو أعتقها وتزوّج بها فجاءت له بذرية. فتعلق الفرس بذرية الحسين تعصبا لبنتهم وكانوا يعبدون ملوكهم ويعتقدون حلول اللآلهة فيهم. وأرادوا أن ينقلوا هذه العادة الوثنية الي الاسلام فقالوا ان أبناء الحسين رضي الله عنه هم أهل البيت وهم أئمة معصومون ورثوا أسرار النبوة عن جدّهم صلى الله عليه وسلم, فهم طاهرون مطهرون ومعصومون من الذنوب والخطايا وأفضل من الأنبياء والملائكة المقربين ويجب توليتهم واتباعهم في كل قول وعمل مثل الأنبياء والرسل تماما. وهنا التقت المجوسية باليهودية في دعوى حبّ آل بيت الرسول وتقديسهم والولاء لهم

     والحق أن هاتين الديانتين لما أخضعها الاسلام بقوة السيف وحجة القرآن وأدال دولتها الظالمة ولم تستطع الوقوف في وجه الاسلام لا في مجال الحجة ولا في ميدان القتال لجأ أصحابها الي النفاق والمكر والدهاء فأظهروا الاسلام وأبطنوا الكفر والعداوة النكراء وتستّروا بستر حب أهل البيت يحاولون افساد الاسلام من الداخل ويتربصون بالمسلمين الدوائر. وسلكوا طريق الطعن على سلف الامة من الصحابة والتابعين وغير هم من أهل القرون الثلاثة المفضلة بقصد هدم الاسلام من أساسه. ذلك أن هذا الدين انما نقله الينا الصحابة والتابعون ومن تبعهم باحسان الي يومنا هذا. فلو ثبت فيهم الطعن الذى توجهه اليهم الرافضة من الردة والكفر والفسوق والظلم لسقطت قيمة ما نقلوه فيبطل الاسلام من أساسه كجرح الشاهد تماما فانه اذا ثبت الجرح في الشاهد بطلت شهادته وكذلك الناقل والراوى اذا ثبت فيه الجرح بطلت عدالته وسقطت قيمة منقوله ومرويّه

     ومن الأدلة على ما ذكرنا أن عداوة الرافضة تزداد بحسب مكانة الرجل في الاسلام وسبقه اليه وبلائه فيه. ولذا تجد طعنهم في أبي بكر وعمر أكثر بكثير من طعنهم في غيرهما من الصحابة, كما أن لهم من المطاعن في الصحابة عموما ما ليس لهم في من بعدهم من السلف. وكذلك لهم من المطاعن في أئمة الاسلام ما ليس في من هم دونهم في الفضل. بينما يغضون الطرف عن المبتدعة عموما حتى الخوارج الذين يكفرون عليا والصحابة معه فهم لا بيغضونهم ولا يطعنون فيهم, فلو كان حبهم لعلي وموالاتهم له حقا لطعنوا في من كفّره كالخوارج

 

مراحل نشأة الرافضة

     ان الرافضة مرت بعدة مراحل في نشأتها حتى أصبحت فرقة مستقلة متميزة بعقيدتها واسمها عن سائر فرق الأمة

  1. المرحلة الأولى: دعوة عبد الله بن سبأ الى ما دعى اليه من الأصول التى انبنت عليها عقيدة الرافضة, كدعوته لعقيدة الرجعة واحداثه القول بالوصية لعلي رضي الله عنه, والطعن في الخلفاء السابقين لعلي في الخلافة

     وقد ساعد ابن سبأ في ترويج فكرته في هذه المرحلة أمران. الأول: اختياره البيئة المناسبة لدعوته حيث بثّ دعوته في بلدان الشام ومصر, والعراق. الثاني: أنه أحاط دعوته بستار من التكتم والسرية, فلم تكن دعوته موجهة لكل أحد وانما لمن علم أنهم أهل لقبولها من جهلة الناس وأصحاب الأغراض الخبيثة ممن لم يدخلوا في الاسلام الا كيدا لأهله بعد أن قوضت جيوش الاسلام عروش ملوكهم كالفرس وغيرهم

  1. المرحلة الثانية: اظهار هذا المعتقد والتصريح به, وذلك بعد مقتل عثمان وانشغال الصحابة باخماد الفتنة التى حصلت بمقتله, فوجد أتباع ابن سبأ متنفّسا في تلك الظروف, وقويت تلك العقائد في نفوسهم, الا أنه مع كل ذلك بقيت هذه العقائد محصورة في طائفة مخصوصة ممن أضلهم ابن سبأ, وليست لهم شوكة ولا كلمة مسموعة عند أحد سوى من ابتلي بمصيبتهم في مقتل عثمان وشاركهم في دمه من الخوارج المارقين
  2. المرحلة الثالثة: اشتداد أمرهم وقوتهم واجتماعهم تحت قيادة واحدة, وذلك بعد مقتل الحسين رضي الله عنه. اجتمعوا للأخذ بثأر الحسين والانتقام له من أعدائه زعموا. يقول الامام الطبري رحمه الله: “لما قتل الحسين ورجع بعض من بقي من عسكره الى الكوفة تلاقت الشيعة بالتلاوم والندم واجتمعوا تحت امرة سليمان بن صرد الخزاعي واجتمع اليه نحو عشرون ألفا بقصد الثأر من الشاميين (الخليفة الأموي وجنوده). وفي هذه الأثناء قدم الكوفة المختار بن أبي عبيد الثقفي ووجد الشيعة تحت امرة سليمان بن صرد فدعا هو الي امامة محمد بن علي (بن الحنفية) ولقبه بالمهدي فصارت الشيعة فرقتين: فرقة تحت سليمان وغرضهم الثأر للحسين, وفرقة تحت المختار وهدفهم الدعوة لمحمد بن الحنفية بالامامة. وكان هذا بداية اجتماع الشيعة”. )تاريخ الطبري 5: 551-552؛ ويراجع أيضا البداية والنهاية لابن كثير 8: 251-254)

     وخرج سليمان بن صرد بمن معه الي الشام فالتقوا مع أهل الشام عند عين تسمى “عين الوردة” واقتتلوا قتالا عظيما لمدة ثلاثة أيام ثم انتهى القتال بقتل سليمان بن صرد وكثير من أتباعه وهزموا

     فلما رجع من بقي من جيش سليمان الي الكوفة ترحم المختار على سليمان ومن كان قتل معه واستمال من بقي اليه فانضموا الي جيشه ثم شرع يتتبع قتلة الحسين من شريف ووضيع فيقتله

4. المرحلة الرابعة: انشقاق الرافضة عن الزيدية وباقي فرق الشيعة وكان ذلك سنة احدى وعشرين ومائة بعد الهجرة عندما خرج زيد بن علي بن الحسين على الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك فأظهر بعض من كان في جيشه من الشيعة الطعن على أبي بكر وعمر فمنعهم من ذلك وأنكر عليهم فرفضوه, فسموا بالرافضة, وسميت الطائفة الباقية معه الزيدية

 

الشيعة في زمن علي

     تنسب الشيعة الي علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهل كانت في زمنه وكيف كانت؟

     نعم وجد في زمن علي أفراد من الناس أظهروا التشيع له وبدت منهم بوادر البدعة وقالوا أقوالا لم يسبقهم اليها أحد من قبل. وهؤلاء كانوا ثلاثة أصناف

  1. غالية: وهم الذين غالوا في علي حتى اعتبروه الها يعبد من دون الله
  2. سبّابة: وهم الذين يسبون أبابكر وعمر رضي الله عنهما ويتهمونهم بأنهم منعوا عليا حقه في الامامة
  3. مفضّلة: وهم الذين يفضّلون عليا على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين

style=”text-align: right;”>     وقد ردّ علي جميع بدع الشيعة التى ظهرت في عهده. وفي ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: “ولما أحدثت البدع الشيعية في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ردّ ها, وكانت ثلاث طوائف

غالية وسبّابة ومفضّلة. فأما الغالية فانه حرقهم بالنار, فانه خرج ذات يوم من باب كندة فسجد له أقوام, فقال ما هذا؟ فقالوا أنت هو الله. فاستتابهم ثلاثا فلم يرجعوا, فأمر في الثالث بأخاديد فخدّت وأضرم فيها النار ثم قذفهم فيها وقال

لما رأيت الأمر أمرا منكرا   أججت ناري ودعوت قنبرا

وأما السبابة فانه لما بلغه من سب أبابكر وعمر طلب قتله فهرب منه الى قرقيسيا وكلمه فيه, وكان علي يداري أمراءه لأنه لم يكن متمكنا ولم يكن يطيعونه في كل ما يأمر هم به. وأما المفضلة فقال: لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر الا جلدته حدّ المفترين. وروي عنه من أكثر من ثمانين وجها أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبوبكر ثم عمر.” (يراجع كتاب الفتاوى لابن تيمية 35: 182-185

     وعلى كل حال فعقائد الرافضة مع ظهورها في عهد علي رضي الله عنه الا أنها بقيت محصورة في أفراد لا تمثلها طائفة أو فرقة حتى انقضى عهده وهي على تلك الحال. ولو كانت فرقة لقاتلها علي كما قاتل الخوارج رضي الله عنه. وفي ذلك يقول شيخ الاسلام أيضا: “ثم ظهر في زمن علي من تكلم بالرفض, لكن لم يجتمعوا ويصير لهم قوة الا بعد مقتل الحسين رضي الله عنه بل لم يظهر اسم الرفض الا حين خروج زيد بن علي بن الحسين بعد المائة الأولى.” الفتاوى 28: 490)

الفصل الثاني

عقائد الرافضة وبيان فسادها

 

     الرافضة من أبعد الفرق المنتسبة للاسلام عن العقيدة الاسلامية الصحيحة, بل ان عقائد الشيعة التي انفردت بها مناقضة جملة وتفصيلا لحقائق الاسلام وأصول الايمان. وفي هذا الفصل نتناول بالشرح والايضاح ستة من عقائد الرافضة التي بها خالفت الأمة ومرقت من الدين كما يمرق السهم من الرمية. وهذه العقائد ننقلها من كتب القوم أنفسهم ولا ننسب اليهم شيئا الا ما كتبه علماء هم المعترف لهم بالعلم والفضل عند هم

 

عقيدة البداء

     البداء له معنيان: الأول الظهور بعد الخفاء ومنه قوله تعالى: “وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون.” الثاني تغير الرأي عما كان عليه

     والبداء بمعنييه المتقدمتين غير جائز على الله تعالى لأنه يستلزم الجهل بالعواقب وحدوث العلم بعد الجهل والله تعالى منـزّه عن ذلك. قال ابن الأثير رحمه الله: “والبداء استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم, وذلك على الله غير جائز.” النهاية 1:109)

     لكن الرافضة يجيزون اطلاق البداء على الله تعالى بل لهم في ذلك مبالغات عظيمة حتى أصبحت هذه العقيدة من أهم العقائد عندهم. جاء في كتاب الكافي الذى هو أصح الكتب عند هم كصحيح البخاري عند أهل السنة. يروي فيه مؤلفه أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني عن أبي عبد الله (وهو الامام السادس من أئمة الشيعة الاثني عشر): “ما عبد الله بشيء مثل البداء.” (الكافي للكليني 1: 146). وعنه أيضا: “لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه.” (الكافي 1: 148). وقد اتفقت فرق الشيعة كلهم على هذه العقيدة كما صرح بذلك امامهم محمد بن محمد بن النعمان المفيد. يراجع كتابه أوائل المقالات, ص 48)

     ولهذه العقيدة فائدة عظيمة عند الرافضة؛ فان علماءهم وأئمتهم معروفون بدعوى معرفة علم الغيب وقد يخبرون عن وقوع شيء قبل أوانه ويحددون له الزمان والمكان. ولكن كثيرا ما تأتي الحوادث على خلاف ما ذكروا. وفي مثل هذا يلجئون الى عقيدة البداء فيقولون قد بدا لربكم فغيّر ما أراده. فمثلا جاءت الروايات عن أئمتهم بتوقيت خروج المهدي عند هم ثم افتضح كذب هذه الروايات بعدم خروجه في الزمن الذى حددوه فلجئوا الي البداء لحفظ ماء الوجه. يقول عالمهم أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي بهذا الصدد: “فالوجه في هذه الأخبار أن تقول ان صحت أنه لا يمتنع أن يكون الله تعالى قد وقّت هذا الأمر في الأوقات التى ذكرت, فلما تجدد ما تجدد تغيرت المصلحة واقتضت تأخيره الى وقت آخر وكذلك فيما بعد.” (كتاب الغيبة للطوسي, ص 236). وهذا قد يدفع تهمة الكذب عن الأئمة لكنه صريح في نسبة الجهل الى الله تعالى


عقيدة تحريف القرآن

   يعتقد الرافضة أن القرآن الكريم الموجود بأيدي المسلمين اليوم محرّف ومبدل, وأن هذا المصحف لا يمثل الا جزءا يسيرا من القرآن المنزل على محمد بزعمهم. وأن الذى حرف القرآن هم الصحابة وذلك بحذف فضائحهم الواردة في الكتاب وفضائل علي وأهل البيت التى جاءت منصوصا عليها في الذكر الحكيم

     وقد امتلأت كتبهم بالروايات التى تدل على ذلك. جاء في كتاب بصائر الدرجات لأحد علماء هم المشهورين ويدعى مجمد بن حسن الصفار. روى بسنده عن أبي جعفر (وهو امامهم الخامس) أنه قال: “ما يستطيع أحد أن يدّعي أنه جمع القرآن كله, ظاهره وباطنه, غير الأوصياء.” يعني أئمة الرافضة. بصائر الدرجات للصفار, ص 213)

     وعنه أيضا: “ما من أحد من الناس يقول انه جمع القرآن كله كما أنزله الله الا كذّاب, وما جمعه وما حفظه كما أنزل الا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده.” بصائر الدرجات, نفس الصفحة)

     وجاء في كتاب الكافي بيان مقدار ما أسقط من القرآن بزعمهم. فعن أبي عبد الله: “ان القرآن الذى جاء به جبريل عليه السلام الي محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية.” (أصول الكافي 2: 632). وهذا يعني أن ثلثي القرآن قد أسقط حيث أن عدد آيات القرآن الذى بأيدينا لا تتجاوز ستة آلاف ومائتين وست وثلاثين آية. (راجع تفسير ابن كثير 1: 7

     وعلماء الرافضة يصدقون هذه الروايات ويقررونها في كتبهم. بل ويصرحون بأن الصحابة الذين جمعوا القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين غيروه وحرفوه وزادوا فيه ونقصوا منه. يقول هاشم بن سليمان البحراني وهو من كبار مفسريهم: “اعلم أن الحق الذى لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذى في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات.” (البرهان في تفسير القرآن للبحراني, ص 36). ومن الذين جمعوا القرآن بعد رسول الله؟ هم أبو بكر وعثمان وكبار الصحابة معهم رضي الله عنهم. فانظر كيف يتّهمهم هذا الرافضي بتغيير كتاب الله وتحريفه. فعليه من الله ما يستحق

     وقد قام أحد كبار علماء هم المتأخرين وهو تقي الدين حسن بن محمد النوري الطبرسي بتأليف كتاب ضخم في اثبات دعوى تحريف القرآن عند الرافضة سماه “فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الأرباب” ضمّنه آلاف الروايات من أئمة الشيعة تدل على تحريف القرآن بزعمه. ثم بيّن اتفاق الرافضة قاطبة على هذه العقيدة (فصل الخطاب, ص 34)

     وللرافضه قرآنهم الخاص الذى يسمونه “مصحف فاطمة” والذى يعتقدون أنه هو القرآن الحق المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. وقرآنهم هذا يختلف عن قرآننا نحن المسلمين اختلافا كثيرا. فمثلا ان عدد آيات قرآنهم سبعة عشر ألف آية كما تقدمت الرواية عن أبي عبد الله في كتاب الكافي, بينما قرآننا عدد آياته ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية. وكذلك يختلف الكتابان في عدد السور حيث ان الشيعة يعتقدون أن في قرآنهم بعض السور, مثل سورة الولاية, التى لا توجد في قرآننا. أما عن عدد الآيات في السور فنجد في ذلك اختلافا كبيرا أيضا. فمثلا, سورة الأحزاب المكونة من ثلاث وسبعين آية في قرآننا لها في قرآن الشيعة عدد آيات سورة البقرة أي مائتان وست وثمانون آية. وسورة النور التى عدد آياتها المعروفة أربع وستون آية آياتها في قرآن الرافضة مائة وستون. وكذلك سورة الحجرات المشتملة على ثماني عشرة آية في قرآننا الذى يتلى آناء الليل وأطراف النهار هي في قرآنهم المزعوم تسعون آية. وهذه الأمثلة غيض من فيض

     ولم يقف الاختلاف بين الكتابين عند هذا الحد, بل شمل الألفاظ والمعاني. واليك بعض الأمثلة: الشيعة يقرأون آخر سورة الفاتحة هكذا: “اهدنا الصراط المستقيم. صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين.” وسورة العصر يتلونها هكذا: “والعصر ان الانسان لفي خسر. وانه فيه الى آخر الدهر. الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وائتمروا بالتقوى وائتمروا بالصبر.” أما سورة الفيل فيفتتحونها هكذا: “ألم يأتك كيف فعل ربك بأصحاب الفيل.” وهذه أمثلة قليلة أوردنا ها ليرى القارئ كيف يتلاعب الشيعة بكتاب الله عز وجل. ومن أراد المزيد من هذه العجائب فعليه بكتاب “الشيعة والقرآن” للعلامة احسان الهي ظهير رحمه الله تعالى فانه قد استخرجها من كتب الشيعة وبوّبها وصنفها أحسن تصنيف

     هذا هو قرآن الشيعة الذى يؤمنون به ولا يؤمنون بغيره الا تقيّة ونفاقا. لذلك تراهم لا يلقون بكتاب الله بالا ولا يلتفتون الى أحكامه, بل ما وافق هواهم أخذوه وما خالفه نبذوه وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون

     وهذه العقيدة لا يشك مسلم في أنها تناقض الاسلام جملة وتفصيلا وتتضمن تكذيبا للقرآن الكريم من وجهين اثنين

  1. أحدهما أن الله تعالى أخبر في كتابه العزيز أنه حفظ هذا الكتاب فلا يعتريه زيادة ولا نقصان. قال تعالى: “انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون.” وأخبر في آية أخرى أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فقال: “ان الذين كفروا بالذكر بعد اذ جاء هم وانه لكتاب عزيز. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.”
  2. الوجه الثانى أن الصحابة الذين جمعوا القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مدحهم الله في كتابه وأثنى عليهم وأخبر أنه قد رضي عنهم ورضوا عنه وأنه أعدّ لهم جنات. قال تعالى: “والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا, ذلك الفوز العظيم.”

     فمن رضي الله عنه وأعد له جنات كيف يتهم بالكفريات من تحريف لكتاب الله وزيادة فيه ونقص منه. نعوذ بالله من الزيغ والضلال واتباع الهوى

 

عقيدة الامامة

     يعتقد الرافضة أن الامامة ركن عظيم من أركان الاسلام, وأصل أصيل من أصول الايمان لا يتم ايمان المرء الا باعتقادها ولا يقبل منه عمل الا بتحقيقها

     روى الكليني عن أبي جعفر أنه قال: “بني الاسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية. قال زرارة (راوي الكلام): فقلت وأي من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية.” (الكافي, 2: 18). ويقول هاشم البحراني: “فبحسب الأخبار الواردة في أن الولاية, أي الاقرار بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وامامة الأئمة والتزام حبهم وبغض أعدائهم ومخالفيهم, أصل الايمان مع توحيد الله عز وجل بحيث لا يصح الدين الا بذلك كله. بل انها سبب ايجاد العالم وبناء حكم التكليف وشرط قبول الأعمال.” (البرهان في تفسير القرآن للبحراني, ص 19)

     ويقول محمد باقر المجلسي من كبار علمائهم المتأخرين المكثرين للتأليف: “ولا ريب أن الولاية والاعتقاد بامامة الأئمة عليهم السلام والاذعان لهم من جملة أصول الدين, وأفضل من جميع الأعمال البدنية لأنها مفتاحهن.” (مرآة العقول للمجلسي 7: 102). ويقول محمد رضا المظفر وهو من علمائهم المعاصرين: “نعتقد أن الامامة أصل من أصول الدين لا يتم الدين الا بالاعتقاد بها, ولا يجوز فيها تقليد الآباء والأهل والمربين, مهما عظموا, بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوة.” (عقائد الامامية للمظفر, ص 102)

     هذا منصب الامامة عند الشيعة؛ فان دينهم كله مبني عليها وفيها يكمن خطر الرافضة فكل من يعتقد هذه العقيدة لا بدّ له أن يلتزم بحب الأئمة وهم علي والحسن والحسين وذريتهم رضي الله عنهم. ولا بدّ له كذلك من بغض أعدائهم ويريدون بهم الصحابة كلهم الا سبعة نفر. وهذا ما يقرره شيخهم هاشم البحراني في النص الذى نقلنا عنه. والشيعة يتخذون حب أهل البيت علي والحسن والحسين وذراريهم كستار يسترون به نفاقهم وزندقتهم وبه يروّجون علي الجهلة والعامة وأشباه العامة ممن تثقفوا بالثقافة العصرية ولا يعرفون من دينهم الا الفلتات المترجمة الى الانجليزية

     ويعتقد الرافضة أن الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر اماما اختارهم الله للامامة كما اختار الأنبياء والرسل. جاء في كتاب كشف الغمة لعلي بن عيسى اللأربلي, ينسبه الى علي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الأئمة من بعدي اثنا عشر, أنت أولهم يا علي وآخرهم القائم الذى يفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها.” (كشف الغمة للأربلي 2: 507). وعن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: “نحن اثنا عشر اماما, منهم حسن وحسين ثم الأئمة من ولد الحسين.” (كتاب الخصال لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي الملقب بالصدوق, ص 478)

 

 

     وهؤلاء الأئمة هم

  1. علي بن أبي طالب رضي الله عنه, ولقبه عند الرافضة المرتضى. واذا أطلقوا لفظ أمير المؤمنين أو الأمير فانما يريدون به علي
  2. حسن بن علي رضي الله عنه, ولقبه المجتبى
  3. حسين بن علي رضي الله عنه, ولقبه عندهم الشهيد. وباقي الأئمة التسعة من ذريته
  4. علي بن حسين بن علي رحمه الله, ولقبه السجّاد. وأهل السنة يلقبونه بزين العابدين
  5. محمد بن علي رحمه الله, ولقبه الباقر. وكنيته أبو جعفر
  6. جعفر بن مجمد رحمه الله, ولقبه الصادق. وكنيته أبو عبدالله. والى هذين الامامين الخامس والسادس ينسب الرافضة جلّ رواياتهم التى بنوا عليها عقائدهم وآراءهم وأحكامهم. لكن يجب أن نعرف أن الأئمة براء من هذه الضلالات والكفريات والأساطير
  7. موسى بن جعفر رحمه الله, ولقبه الكاظم
  8. علي بن موسى رحمه الله, ولقبه الرضا. ويكنى بأبي الحسن
  9. محمد بن علي رحمه الله, ولقبه التقي. وكنيته أبو جعفر
  10. علي بن محمد رحمه الله, ولقبه النقي. مات أبوه وهو في الثامنة من عمره؛ لذلك اختلفت الرافضة في امامته لكن أكثرهم على أنه الامام العاشر
  11. حسن بن علي رحمه الله, ولقبه الزكي. ويلقب أيضا بالعسكري. أما كنيته فأبو محمد
  12. واختلف في الامام الثاني عشر وهو الذى يطلقون عليه القائم والمهدى المنتظر. فقال بعضهم ان الامام الحادي عشر لم يعقب ذكرا وان جعفر بن علي أخا الحسن بن علي هو الامام الثاني عشر. وقال بعضهم ان الامام الحادي عشر قد عقب ذكرا ويسمى محمدا وهو المهدي القائم لكنه دخل في سرداب واختفى وعمره أربع سنوات وسيرجع ليقيم مملكة الرافضة

     ويعتقد الرافضة أن امامة هؤلاء الأئمة ثابتة بالنص عليهم من الله وأن النبي عرج به الى السماء مائة وعشرين مرة في كل مرة يوصى بولاية علي. جاء في كتاب بصائر الدرجات عن أبي عبد الله أنه قال: “عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم الى السماء مائة وعشرين مرة ما من مرة الا وقد أوصى الله النبي صلى الله عليه وسلم بولاية علي والأئمة من بعده أكثر مما أوصاه بالفرائض.” (بصائر الدرجات للصفار, ص 99

     والرافضة يصفون أئمتهم بصفات الربوبية. جاء في بصائر الدرجات أيضا فيما نسبوه زورا الى علي رضي الله عنه أنه قال: “أنا عين الله وأنا يد الله وأنا جنب الله وأنا باب الله.” (بصائر, ص 81). وفي رواية أخرى أنه قال: “أنا علم الله وأنا قلب الله الواعي ولسان الله الناطق وعين الله الناظر, وأنا جنب الله وأنا يد الله.” (بصائر, ص 81)

     وروى سليم بن قيس في كتابه الذى هو من أصح الكتب عندهم ونسبه الي النبي زورا وبهتانا أنه قال لعلي: “يا علي أنت مني وأنا منك, سيط لحمك بلحمي ودمك بدمي…من جحد ولايتك جحد الله ربوبيته, يا علي أنت علم الله بعدي الأكبر في الأرض, وأنت الركن الأكبر في القيامة, فمن استظل بفيئك كان فائزا لأن حساب الخلائق اليك, ومآبهم اليك, والميزان ميزانك, والصراط صراطك, والموقف موقفك, والحساب حسابك, فمن ركن اليك نجا, ومن خالفك هوى وهلك, اللهم اشهد اللهم اشهد.” (كتاب سليم بن قيس, ص 244-245)

     هذا مقام الامامة في عقيدة الرافضة وهو فوق مقام النبوة بل هو صريح في وصف الأئمة بصفات الربوبية. ولا يخفى ما فيه من الضلال والبطلان ومناقضة عقيدة الاسلام

     ويعتقد الرافضة أن أئمتهم يعلمون الغيب, وأنهم لا يحجب عنهم شيء من أمر السماء والأرض. جاء في كتاب الكافي باب ان الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء صلوات الله عليهم, عن أبي عبد الله أنه قال: “ورب الكعبة ورب البنية (ثلاث مرات) لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما ولأنباتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان, ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة, وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وراثة.” (أصول الكافي 1: 261). ويقول محمد بن النعمان المفيد: “ان الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وسلم قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه.” (أوائل المقالات للمفيد, ص 75)

     ومن غلوّهم في الأئمة تفضيلهم على سائر الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين. جاء في كتاب علل الشرائع لأحد كبار علمائهم وهو ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق فيما نسبه الى النبي صلى الله عليه وسلم كذبا أنه قال لعلي: “ان الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين, وفضّلني على جميع النبيين والمرسلين, والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك.” (علل الشرائع للصدوق, ص 5

     ويقول امام الرافضة في هذا العصر وقائد الثورة الايرانية آية الله روح الله الخميني: “فان للامام مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون, وان من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل.” (الحكومة الاسلامية للخميني, ص 52)

     ومن غلوهم ادعاء هم نزول الوحي على أئمتهم. جاء في بحار الأنوار لعالمهم محمد باقر المجلسي عن أبي عبد الله أنه قال: “انا نزاد بالليل والنهار, ولولا أنا نزاد لنفد ما عندنا. فقال أبو بصير (راوي الكلام): جعلت فداك من يأتيكم؟ قال: ان منّا لمن يعاين معاينة, ومنا من ينقر في قلبه كيت وكيت, ومنا من يسمع بأذنه وقعا كوقع السلسلة في الطست. قال: قلت جعلت فداك من يأتيكم بذلك؟ قال: هو خلق أكبر من جبريل وميكائيل.” (بحار الأنوار للمجلسي, 26: 53)

     وفي بصائر الدرجات وهو من كتبهم المعتبرة عندهم, عن أبي عبد الله أنه قال: “ان الروح خلق أعظم من جبريل وميكائيل, كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يسدده ويرشده, وهو مع الأوصياء من بعده.” (بصائر الدرجات للصفّار, ص 476)

     فانظر الى هذا التصريح بنزول الوحي على الأئمة. ولا يشك مسلم أن من يعتقد نزول الوحي على أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مكذّب للقرآن. وهذا عين الكفر والعياذ بالله

     ومن غلوهم في أئمتهم اعتقادهم عصمتهم من كل الذنوب والخطايا, صغيرها وكبيرها, وأنه لا يجوز عليهم سهو ولا غفلة ولا نسيان. يقول المفيد: “ان الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام واقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام معصومون كعصمة الأنبياء, وانهم لا يجوز منهم صغيرة الا ما قدمت ذكر جوازه على الأنبياء, وأنه لا يجوز منهم سهو في شيء في الدين, ولا ينسون شيئا من الأحكام.” (أوائل المقالات للمفيد, ص 71-72). ويقول الصدوق: “اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة أنهم معصومون مطهرون من كل دنس, وانهم لا يذنبون لا صغيرا ولا كبيرا, ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم, ومن جهلهم فهو كافر.” (عقائد الاثني عشرية لابراهيم الموسوي الزنجاني, 2: 157)

     هذا اعتقاد الرافضة في أئمتهم, وعلى هذا الاعتقاد بنوا أركان دينهم وسائر عقائدهم وأحكامهم وعباداتهم. والقارىء يلاحظ أن عامة مروياتهم وأحاديثهم انما ينسبونها الى الأئمة. ونادرا ما ترى رواية عند الرافضة منسوبة الى النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد أصحابه لأن الرافضة في الحقيقة لا يعدلون كلام الأئمة بكلام أحد ولو كان آية من القرآن لأن القرآن عندهم غير محفوظ بل وقع فيه التغيير والتحريف كما سبق عنهم

     أما العصمة فهي خاصة بنبينا محمد عليه الصلاة والسلام, فهو الذى لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. أما غيره من الأئمة والعلماء والمشايخ فكل يخطىء ويصيب, وكل يؤخذ من كلامه ويترك كما قال الامام مالك رحمه الله تعالى

     وأما عقيدة أهل السنة والجماعة عن الامامة, أو الخلافة كما نسميها نحن, فهي تثبت بالاختيار والبيعة. فكل مسلم ذكر بالغ عاقل متصف بالعلم والعدالة والتقوى له أن يتولى الخلافة اذا تمّ اختياره والبيعة له من قبل الأمة. وعلى هذا الأساس تمّ اختيار الخلفاء الراشدين أبي بكرثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم. فالخلافة ليس مبناها على الوراثة, والخليفة رجل عادي من المسلمين لا يعرف الغيب ولا يتلقى الوحي وانما يجتهد في فهم الكتاب والسنة والعمل بهما ويستعين في ذلك بسؤال أهل العلم ومشاورة أهل الشورى

     هذا, ومن المعلوم أن أئمة الشيعة الاثني عشر لم يتول الخلافة منهم بالفعل الا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهو رابع الخلفاء الراشدين, والحسن بن علي رضي الله عنه لما قتل أبوه بايعه أتباعه لكنه سلّم الأمر لمعاوية وصالحه حقنا لدماء المسلمين وتحقيقا لبشارة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.” وأهل السنة يعتبرون هؤلاء الأئمة مسلمين صالحين فضلاء, ويكنّون لهم تقديرا واحتراما عظيمين. فمن كان منهم من الصحابة كعلي وابنيه رضي الله عنهم فانهم يعاملونهم كما يعاملون سائر الصحابة مع زيادة الحب والاجلال والاحترام لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن كان منهم من التابعين كعلي بن الحسين ومحمد بن علي فانهم يعاملونهم كما يعامل الواحد من علماء التابعين مع زيادة الحب والاجلال والاحترام لقرابتهم منه عليه الصلاة والسلام, وهكذا

     وكذلك يعتقد أهل السنة والجماعة أن عامة ما ينسبه اليهم الرافضة من الضلالات والكفريات والعظائم في رواياتهم الزائفة افتراء وكذب عليهم وهم منه براء. وقد ثبتت الروايات بتبرئهم منهم ومما ينسبونه اليهم من الأكذيب. ومن ذلك ما روى عمرو بن الأصم قال: قلت للحسن (يعني بن علي بن أبي طالب): ان الشيعة تزعم أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة. قال: “كذبوا والله ما هؤلاء بالشيعة, لو علمنا أنه مبعوث ما زوّجنا نساءه ولا اقتسمنا ماله.” (مسند الامام أحمد 1: 148). وثبت عن علي بن الحسين أنه قال: “يا أهل العراق أحبونا حب الاسلام ولا تحبونا حب الأصنام, فما زال بنا حبكم حتى صار علينا شينا.” (الحلية للحافظ أبي نعيم الأصفهاني 3: 137). كما ثبت عن محمد بن علي الباقر أنه قال لجابر الجعفي: “ان قوما بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويزعمون أني أمرتهم بذلك, فأخبر هم أني أبرأ الى الله تعالى منهم, والله بريء منهم. والذي نفس محمد بيده لو ولّيت لتقربت الى الله بدمائهم. لا نالتني شفاعة محمد ان لم أكن أستغفر لهما وأترحم عليهما, ان أعداء الله غافلون عنهم.” (الانتصار للصحب والآل لابراهيم بن عامر الرحيلي, ص 117)

 

عقيدة الرافضة في الصحابة  

     يقف الرافضة من الصحابة موقف العداوة الشديدة والبغضاء والحقد والضغينة, ويظهر ذلك في مطاعنهم الكثيرة التى تمتليء بها كتبهم القديمة والحديثة وتبوح بها ألسنة علماء هم في الأشرطة وعلى شاشات التلفزة

     فمن ذلك اعتقادهم كفرهم وردّتهم الا نفرا يسيرا منهم قيل ثلاثة وقيل سبعة. فقد روى الكليني, وروايته أصح الرويات عندهم كالبخاري عندنا تماما, عن أبي جعفر أنه قال: “كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم الا ثلاثة. فقلت ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم.” (الروضة من الكافي 8: 245). ويقول أحد علماءهم البارزين وهو نعمة الله الجزائري: “الامامية قالوا بالنص الجلي على امامة علي, وكفّروا الصحابة, ووقعوا فيهم, وساقوا الامامة الي جعفر الصادق وبعده الي أولاده المعصومين عليهم السلام. ومؤلف هذا الكتاب من هذه الفرقة وهي الناجية ان شاء الله.” (الأنوار النعمانية للجزائري 2: 244)

     وقدح الرافضة للصحابة لا يقف عند هذا الحد من تكفيرهم واعتقاد ردتهم, بل يعتقدون أنهم شرّ خلق الله, وأن الايمان بالله ورسوله لا يكون الا بالتبرؤ منهم, وخاصة الخلفاء الثلاثة وأمهات المؤمنين وخاصة عائشة وحفصة. يقول محمد باقر المجلسي وهو أحد علماءهم المرموقين: “وعقيدتنا في التبرؤ أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية, والنساء الأربع عائشة وحفصة وهند وأم الحكم, ومن جميع أشياعهم وأتباعهم, وأنهم شرّ خلق الله علي وجه الأرض, وأنه لا يتم الايمان بالله ورسوله والأئمة الا بعد التبرؤ من أعدائهم.” (حق اليقين للمجلسي, ص 519؛ ويراجع بطلان عقائد الشيعة للشيخ محمد عبد الستار التونسي, ص53)

     ويعتقد الرافضة في الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أنهم يعذّبون أشدّ العذاب يوم القيامة مع شرار الخلق وطواغيت البشر. جاء في تفسير القمي وهو علي بن ابراهيم بن هاشم القمّي المتوفى سنة 307 بعد الهجرة من كبار علماءهم, في تفسير سورة الفلق ما نصه: “الفلق جبّ في نار جهنم يتعوذ أهل النار من شدة حره, فسأل الله من شدة حره أن يتنفس فتنفس فأحرق جهنم, وفي ذلك الجب صندوق من نار يتعوذ أهل النار من حر ذلك الصندوق وهو التابوت, وفي ذلك التابوت ستة من الأولين وستة من الآخرين, فأما الستة الذين من الأولين فابن آدم الذى قتل أخاه, ونمرود ابراهيم الذى ألقى ابراهيم في النار, وفرعون موسى, والسامري الذى اتخذ العجل, والذى هوّد اليهود ونصّر النصارى. أما الستة الذين من الآخرين فهم الأول والثاني والثالث والرابع وصاحب الخوارج وابن ملجم لعنهم الله.” (تفسير القمي 2: 449)

     والمراد بالأول في لغز الشيعة أبو بكر والثاني عمر والثالث عثمان والرابع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم وأرضاهم. وصاحب الخوارج ربما المراد به بعض قادة الخوارج الذين خرجوا على علي, أما ابن ملجم فهو قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

     ويذهب نعمة الله الجزائري الي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعذب يوم القيامة في النار أشد من ابليس. يقول: “وانما الاشكال في تزويج علي عليه السلام (ابنته) أم كلثوم لعمر بن الخطاب وقت تخلفه, لانه قد ظهرت منه المناكير, وارتدّ عن الدين ارتدادا أعظم من كل من ارتد, حتى انه قد وردت روايات الخاصة (كذا) أن الشيطان يغل بسبعين غلا من حديد جهنم ويساق الى المحشر, فينظر ويرى رجلا أمامه تقوده ملائكة العذاب وفي عنقه مائة وعشرون غلا من أغلال جهنم. فيدنوا الشيطان اليه ويقول: ما فعل الشقي حتى زاد عليّ في العذاب, وانما أغويت الخلق وأوردتهم موارد الهلاك؟ فيقول عمر للشيطان: ما فعلت شيئا سوى أني غصبت خلافة علي بن أبي طالب. والظاهر أنه استقل سبب شقاوته ومزيد عذابه ولم يعلم أن كل ما وقع في الدنيا الى يوم القيامة من الكفر والطغيان واستيلاء أهل الجور والظلم انما هو من فعلته هذه.” (الأنوار النعمانية للجزائري 1: 81-82)

     وبلغ من حقد الرافضة على الصحابة أن استباحوا لعنهم بل يتقربون الى الله بذلك وخاصة أبو بكر وعمر. روى الملا كاظم وهو أحد علماء هم الكبار عن أبي حمزة الثمالي افتراء على زين العابدين أنه قال: “من لعن الجبت والطاغوت لعنة واحدة كتب الله له سبعين ألف ألف حسنة, ومحى عنه ألف ألف سيّئة, ورفع له سبعين ألف ألف درجة. ومن أمسى يلعنهما لعنة واحدة كتب له مثل ذلك. قال: فمضى مولانا علي بن الحسين فدخلت على مولانا أبي جعفر محمد الباقر فقلت: يا مولاي حديث سمعته من أبيك. قال: هات يا ثمالي, فأعدت عليه الحديث فقال: نعم يا ثمالي أتحب أن أزيدك؟ فقلت: بلى يا مولاي. فقال: من لعنهما لعنة واحدة في كل غداة لم يكتب عليه ذنب في ذلك اليوم حتى يمسى, ومن أمسى لعنهما لعنة واحدة لم يكتب عليه ذنب حتى يصبح.” (أجمع الفضائح لملا كاظم, ص 513). والمراد بالجبت والطاغوت هما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما

     ومن الأدعية المشهورة عندهم الواردة في كتب الأذكار دعاء يسمونه “دعاء صنمي قريش” وينسبونه ظلما وزورا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذا نص الدعاء: “اللهم صل على محمد وآل محمد والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما, وافكيهما وابنتيهما, الذين خالفا أمرك, وأنكرا وحيك, وجحدا انعامك, وعصيا رسولك, وقلّبا دينك, وحرّفا كتابك….(الى أن جاء في آخره) اللهم العنهما في مكنون السر وظاهر العلانية, لعنا كثيرا أبدا, دائما سرمدا, لا انقطاع لأمده ولا نفاد لعدده, لعنا يعود أوله ولا يروح آخره, لهم ولأعوانهم وأنصارهم ومحبيهم, والمقتدين بكلامهم والمصدقين بأحكامهم, (قل أربع مرات): اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار, آمين يا رب العالمين.” (يراجع مفتاح الجنان في الأدعية والزيارات والأذكار, مجهول المؤلف, ص 113-114). والمراد بصنمي قريش في الدعاء أبو بكر وعمر وابنتيهما عائشة وحفصة رضي الله عنهم

     فانظر أيها القاريء المسلم كيف يتقرب الى الله عز وجل بلعن خير خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين. ثم تعجب معي كيف يتلو المرء هذا الدعاء صباح مساء ثم يزعم أنه مسلم يؤمن بما جاء به الرسول عليه السلام

     والدعاء مرغّب فيه عندهم حتى انهم رووا في فضله نسبة الي ابن عباس وهو منه براء أنه قال: “ان عليا عليه السلام كان يقنت بهذا الدعاء في صلواته, وقال ان الداعي به كالرامي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بدر وأحد وحنين بألف ألف سهم.” (ينظر علم اليقين في أصول الدين لمحسن الكاشاني, 2: 101)

     ولا تظنن أيها القاريء أن هذه العقيدة تاريخية بمعنى أن المتقدمين من الرافضة هم فقط الذين كانوا يعتقدونها, كلاّ. ان عقيدة الرافضة في الصحابة لا تزال باقية يعتقدها معاصرو الشيعة كما كان يعتقدها سلفهم. فهذا امام الرافضة في هذا العصر آية الله روح الله الخميني يقول في كتابه كشف الأسرار ما نصه: “اننا هنا لا شأن لنا بالشيخين, وما قاما به من مخالفات للقرآن, ومن تلاعب بأحكام الاله, وما حلّلاه وحرّماه من عندهما, وما مارساه من ظلم ضد فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وضد أولاده, ولكننا نشير الى جهلهما بأحكام الاله والدين.” (كشف الأسرار للخميني, ص126). ويقول الخميني أيضا متهما أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بتحريف القرآن: “لقد ذكر الله ثمان فئات تستحق سهما من الزكاة لكن أبا بكر أسقط واحدة من هذه الفئات بايعاز من عمر ولم يقل المسلمون شيئا.” (كشف الأسرار, ص131). ويقول أيضا: “والواقع أنهم (أي الصحابة) أعطوا الرسول حق قدره (يسخر منهم). الرسول الذى كدّ وجدّ وتحمل المصائب من أجل ارشادهم وهدايتهم وأغمض عينيه وفي أذنه كلمات ابن الخطاب القائمة على الفرية والنابعة من أعمال الكفر والزندقة.” (كشف الأسرار, ص 137)

     هذه عقيدة الرافضة في صحابة رسول الله, وهي عقيدة شيعة نيجيريا أيضا كما رأينا وسمعنا من يجترىء على سبّ أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعمرو بن العاص وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين, وان كان منهم من لا يفوه بذلك تقية ونفاقا.

     والصحابة في غنى عن تزكية أحد؛ فقد زكا هم الله ومدحهم وأثنى عليهم في كتابه العزيز, وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة. ولكنّا هنا نورد بعض الآيات التى تدل على أن رمي الصحابة بالردة والكفر والظلم هو تكذيب للقرآن وهذا عين الكفر والعياذ بالله

     لقد رضي الله عن الصحابة. يقول تعالى: “والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا, ذلك الفوز العظيم.” فالذى رضي الله عنه وأعد له جنات كيف يقال انه كفر أو ارتدّ؟

     لقد رضي عنهم وهو أعلم بما في قلوبهم. قال تعالى: “لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا.” الذين بايعوا تحت الشجرة كانوا ألفا واربع مائة أو يزيدون. والله تعالى قد رضي عنهم وهو أعلم بما في قلوبهم, فكيف يقال ان الصحابة قد ارتدوا بعد رسول الله الا نفرا قليلا منهم ثلاثة أو سبعة؟ فلو علم الله أنهم مرتدون بعد وفاة نبيه فكيف ينزل في كتابه الخالد الباقى أنه قد رضي عنهم ولا تبديل لكلمات الله؟ فيا أيها الرافضة أين يذهب بعقولكم؟ “ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.”

 

عقيدة الرجعة

     يعتقد الرافضة رجعة بعض الأموات بعد موتهم وذلك في زمن خروج المهدي المزعوم عندهم. يقول الأحسائي وهو من كبار علماءهم المتأخرين (توفي سنة 1241 هجرية), يقول في كتابه الرجعة: “اعلم أن الرجعة في الأصل يراد بها رجوع الأموات الى الدنيا, كأنهم خرجوا منها ورجعوا اليها.” (كتاب الرجعة لأحمد بن زين الدين الأحسائي, ص41).

     ولبيان من يرجع يقول المرتضي من علماءهم: “اعلم أن الذى قد ذهبت الشيعة الامامية اليه أن الله تعالى يعيد عند ظهور امام الزمان المهدي صلوات الله عليه قوما ممن كان تقدم موته من شيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته, ومشاهدة دولته, ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم, فيلتذّون بما يشاهدون من ظهور الحق وعلو كلمة أهله.” (راجع كتاب الرجعة للأحسائي, ص 29). اذا فالذى يرجع نوعان من الناس: أئمة الشيعة وأتباعهم وأعداء الشيعة المراد بهم الصحابة وأتباعهم من أهل السنة والجماعة. فيقيم الأولون دولتهم التى حرموا منها في الحياة الأولى وينتقمون من الآخرين الذين حرموهم هذه الدولة. ومن الواضح أن الغرض من هذه العقيدة اشباع نزعة التشفّي عند الرافضة التى تغذيها العداوة ضد سلف هذه الأمة وخيار أجيالها. ومما يؤكد هذا ما يذكره نعمة الله الجزائري وهو: “أن مولانا صاحب الزمان عليه السلام اذا ظهر وأتى المدينة أخرجهما (يعني أبا بكر وعمر) من قبرهما فيعذبهما على كل ما وقع في العالم من الظلم المتقدم على زمانهما كقتل قابيل هابيل, وطرح اخوة يوسف له في الجب, ورمي ابراهيم في نار نمرود, واخراج موسى خائفا يترقب, وعقر ناقة صالح, وعبادة من عبد النيران, فيكون لهما الحظ الأوفر من أنواع ذلك العذاب.” (الأنوار النعمانية للجزائري 1: 141).

     ولعقيدة الرجعة عند الرافضة أهمية بالغة ومكانة عالية, فقد جاء في كتاب علم اليقين عن الصادق الامام السادس عندهم أنه قال: “ليس منا من لا يؤمن برجعتنا ويقر بمتعتنا.” (علم اليقين لمحسن الكاشاني 2: 827).

     والعقيدة محل اجماع بين طوائف الرافضة المختلفة كما نقل ذلك غير واحد من علماء هم. يقول المفيد: “واتفقت الامامية على وجوب رجعة كثير من الأموات الى الدنيا قبل يوم القيامة, وان كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف.” (أوائل المقالات للمفيد, ص 48). ويقول عبد الله شبّر: “اعلم أن ثبوت الرجعة مما أجمعت عليه الشيعة الحقة والفرقة المحقة, بل هي من ضروريات مذهبهم.” (يراجع كتاب حق اليقين 2: 3).

 

عقيدة التقية

     التقية هي الشبكة التى يصطاد بها الرافضة ضحاياهم ممن حقّت عليهم كلمة الضلال. وهي مجموعة أساليب الخداع والنفاق التى يستعملونها لاجتيال السذجة وكسب عقول الجهلة الى اعتناق عقائدهم الخبيثة عن طريق التدريج.

     ولبيان معنى هذه العقيدة عندهم يقول البحراني: “اظهار موافقة أهل الخلاف فيما يدينون به خوفا.” ويقول الخميني: “التقية معناها أن يقول الانسان قولا مغايرا للواقع, أو يأتي بعمل مناقض لموازين الشريعة, وذلك حفاظا لدمه أو عرضه أو ماله.” (كشف الأسرار, ص 147).

     ولعقيدة التقية عند الرافضة فضل كبير. ففي الكافي عن أبي جعفر أنه قال: “التقية من ديني ودين آبائي ولا ايمان لمن لا تقية له.” (أصول الكافي 2: 219). وفيه أيضا عن أبي عبد الله: “ان تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له.” (الكافي 2: 217).

     ويستدلون عليها بقوله تعالى: “الا أن تتقوا منهم تقاة.” لكن لا حجة لهم في هذه الآية فالتقية الواردة في الآية هي كتم ما لا يستطيع أن يظهره المسلم من دينه عند الكفار, دون اظهار دينهم وموافقتهم فيه, والرافضة يظهرون من عقائد مخالفيهم ما لا يعتقدون. وأيضا فالتقية الواردة في الآية انما هي في حال الخوف والرافضة يبيحون التقية على كل حال. روى الطوسي من علمائهم عن الصادق أنه قال: “ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه لتكون سجيته مع من يحذره.” (أمالي الطوسي, ص 229). وأيضا فالتقية الواردة في الآية رخصة وترك الرخصة والأخذ بالعزيمة جائز في الشرع بل انه من أعظم الجهاد في سبيل الله. وأما الرافضة فالأخذ بالتقية عند هم واجب, بل انه لا دين لمن لا تقية له, كما تقدم في رواياتهم.

     وبهذا يتبين أن التقية عند الشيعة نفاق محض, وما يتعاملون به المسلمين هو حقيقة ما كان عليه المنافقون في عهد النبوة فقال لهم الله تعالى: “واذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزءون.” وبهذا النفاق والخداع والكذب اصطادوا كثيرا من شبابنا ممن امتلئت قلوبهم بحب الاسلام وان خلت أذهانهم من أبسط مباديء علوم الدين. فوجب على جميع الأمة, وخاصة العلماء, انقاذ هم.  

    


الفصل الثالث

ظهور التشيع في نيجيريا

    

       ظهر التشيع أول ما ظهر في نيجيريا بين صفوف تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات. وهؤلاء كانوا في الغالب شبابا منتظمين في سلك الدراسات في فنون شتى من طب وقانون واقتصاد وعلوم وآداب واجتماع وغيرها. ولكن قليلا جدا منهم من يدرس الاسلام نفسه. ولذلك كانوا قليلي المعرفة بالاسلام وتاريخه وعقائده وسائر علوم الشريعة المختلفة وان كانوا من المتديّنين المحافظين على الصلوات المنخرطين في عمل الدعوة وسائر الأنشطة الدينية التى عادة ما يقوم بها الطلبة والتلاميذ في رحاب الجامعات والمدارس على اختلاف مراحلها

     وهذا بطبيعة الحال جعل مثل هؤلاء الطلبة لقمة سائغة أمام الدعوات المختلفة والتيارات العقدية والفكرية المنتشرة في البيئة الدراسية وخصوصا الجامعية. ومن هذه التيارات التيار الشيعي الوافد من ايران على اثر ثورتها العارمة التى أطاحت بحكم الشاه محمد رضا البهلوي. وكان من أهداف الثورة الايرانية نشر المذهب الشيعي, فكانوا يرسلون المنشورات والكتب بالمجان وبرفعون الشعارات البرّاقة اللمّاعة من تأسيس الجمهورية الاسلامية وتحرير المسجد الأقصا من أيدى اليهود ومقارعة أعداء الله ورفع الظلم عن الشعوب المستضعفة الى غير ذلك من الشعارات البراقة التى اختطفت كثيرا من شباب المسلمين قليلي الخبرة والتعليم وألقت بهم في غياهب التشيع والرفض. وكان من بين هؤلاء المختطفين شاب يدعى ابراهيم بن يعقوب الزكزكي

 

الزكزكي وانتشار التشيع في نيجيريا

   برز اسم الزّكزكي في أوائل الثمانينيات من القرن الماضى بعد ما تخرج من جامعة أحمد بللو بمدينة زكزك ورفض أن يشارك في الخدمة الوطنية الاجبارية التى يؤديها خريجو الجامعات زاعما أن هذه الخدمة انما هي في الحقيقة عبادة لصنم جديد اسمه “الوطن”. وعلى الرغم من سوء الفهم وضيق الأفق الذى يدل عليه موقف الزكزكي هذا الا أن الشاب الغيور اكتسب شعبية واسعة بسبب هذا الموقف ولاسيما في أوساط الشباب من طلاب الجامعات وتلاميذ المدارس الذين تمتليء قلوبهم بالحماسة الدينية وان خلت أذهانهم تماما من معرفة أبسط مباديء الدين الاسلامي. وأصبح ابراهيم الزكزكي الذى درس الاقتصاد ولا يعرف من الاسلام شيئا, أصبح بين عشية وضحاها يعد من قيادات الشباب الذين لهم ميل الى التدين والنشاط الديني

     وكانت ايران في هذه الأثناء في حربها الدامية مع العراق. وكانت تدير حربا اعلامية واسعة تستميل بها قلوب المسلمين وتحاول كسب الرأي العام الاسلامي الى جانبها. وكانت تستضيف عددا من العلماء والقادة وزعامات الطلاب والشباب من مختلف أنحاء العالم الاسلامي للمشاركة في مهرجان الثورة السنوي الذى يقام لذكرى انتصار الثورة الايرانية. وكان المهرجان يشمل حفلات ومؤتمرات علمية ومسيرات شعبية وتوزع فيه الكتب والمجلات بالمجان. وكان الهدف من كل هذا كسب الرأي العام الاسلامي ونشر المذهب الشيعي

     ويبدو أن الايرانيين قد أحسنوا اختيار من يستضيفونه من نيجيريا حيث تجنبوا العلماء وأصحاب الثقافة الدينية واختاروا من الشباب المتحمس من قلّت بضاعته في العلوم الشرعية وقلّت خبرته في الشئون الدنيوية والمعيشية مثل ابراهيم بن يعقوب الزكزكي

     وجد الايرانيون في الزكزكي التلميذ المثالي القابل للتعليم حيث وجدوا ذهنه خاليا من أبسط مباديء الاسلام فأفرغوا فيه تعاليم التشيع وعقائد الرفض وبنوا شخصيته بطريق التدريج على مرّ السنين. بينما وجد الزكزكي هو الآخر أتباعا متحمسين يحبون الاسلام بحرارة وحماس ويجهلونه جهلا مطبقا. فاستلهاهم بشعارات الثورة الايرانية البراقة واستخف عقولهم بخطبه النارية المملوءة بالشتائم والتهديدات ضد اليهود الصهاينة والأمريكيين الامبرياليين والطغاة المحليين. وكبر الزكزكي في أعين هؤلاء الشباب السذجة اذ اعتبروه عالما ربانيا مجاهدا واماما معصوما يجب على جميع المسلمين اتباعه والانقياد لأوامره ونواهيه, ومن لم يفعل فهو خارج عن الاسلام وان مات على ذلك مات ميتة جاهلية لأنه مات على غير بيعة وعلى غير الجماعة!

     وهنا شعر قلة من العلماء والدعاة بخطورة الموقف وتفاقم الخطر وخاصة بعد ما بدأ أتباع الزكزكي يخرجون في مظاهرات حاشدة خصوصا في المناسبات الشيعية مثل يوم عاشوراء والجمعة الأخيرة من رمضان التى جعلها قائد الثورة الايرانية آية الله روح الله الخميني يوما لتحرير المسجد الأقصا والتضامن مع الفلسطنيين المضطهدين من قبل اليهود. وكثيرا ما وقعت في مثل هذه التظاهرات اشتباكات مع رجال الشرطة فنتج من ذلك اصابات وخسائر في الأرواح والممتلكات. عندها هبّ بعض العلماء ينذرون بخطورة انتشار التشيع في نيجيريا وينصحون الشباب بعدم الانخراط في حركة الزكزكي وأن هذه الحركة قد تجرهم الى اعتناق عقائد الرافضة المناقضة للاسلام. ولكن الرجل فيما يبدو قد بدأ يتقن فنّ “التقية” الذى هو أحد ركائز عقيدة الرافضة. فكان دائما يطمئن أتباعه ويؤكد لهم أنه ما يربطه مع حكام ايران وعلمائهم الا الثورة والجهاد والنضال ضد قوى الاستكبار العالمي والطواغيت المحليين.

     وهكذا ظل ابراهيم الزكزكي يستغل سكوت أكثر العلماء, يكسب الأتباع وينشر تعاليم الشيعة وعقيدة الرفض طوال الثمانينيات وصدرا من التسعينيات. وظل الأمر كذلك الى أن حدث حادث غيّر مجرى الحركة وتاريخها الى الأبد. ذلك أن مجلة من المجلات التى تطبع في ايران وترسل بالمجان الي القراء في نيجيريا وغيرها من البلدان نشرت مقالا نيل فيه من الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه نيلا عظيما واتهم بالكذب ووضع الحديث للخلفاء والسلاطين حرصا على الدنيا. فلم يستطع كثير من أتباع الزكزكي أن يتحمل هذا نظرا لما اشتهر به مسلمو نيجيريا من حب النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الذى اكتسبوه من عقيدتهم السنيّة العريقة. فهبّ هؤلاء وطالبوا الزكزكي بأن يدين هذه المقالة علنا وأن يعلن براءته من مذهب الرافضة. ولكن الرجل رفض فكان هذا بمثابة تحقيق للاتهامات الموجهة اليه بأنه يعتقد الرفض ويمارس التقيّة.

     ونتج من هذا الحادث أن انشقت طائفة من أتباع الزكزكي وكبار تلاميذه ومريديه وأعلنوا البراءة منه ومن مذهبه الشيعي, وذلك بعد مشاجرات واضطرابات داخل الجماعة ظلت سنين طوالا. وأخيرا وفي سنة 1995 تمّ انفصال هذه الطائفة واستقلالها اذ أسست تنظيما باسم جماعة التجديد الاسلامي بزعامة أحد تلاميذ الزكزكي المقربين لديه وهو أبو بكر المجاهد. وبهذا خرجت جماعة الزكزكي من طور التقية الى دور الاعلان بهويتها الحقيقية والجهر بعقائد الرافضة من بغض أصحاب رسول الله وسبهم وتكفيرهم واعتقاد تحريف القرآن والقول بالأئمة الاثني عشر المعصومين وغير ذلك من مقالات الرافضة المعروفة.

 

أسباب انتشار التشيع في نيجيريا

     ان جمهورية نيجيريا الاتحادية بلد سني محض لا يكاد يوجد به شيعي واحد قبل الثورة الايرانية وتصديرها لعقائد الرافضة الى أنحاء مختلفة من العالم الاسلامي. والبلد معروف بحبه الشديد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته بما فيهم أهل البيت وغيرهم. ومن أبسط وأظهر ما يدل على ذلك الأسماء التى يتسمى بها غالب سكان البلد. فلا يكاد بيت يخلو من اسم أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو غيرها من أسماء الصحابة. ولا يندر أن تجد هذه الأسماء الأربعة لاخوة أشقاء أربعة يعيشون تحت سقف واحد. وهذا مما أثار اهتمام المسلمين من غير أبناء البلد حتى كتب في ذلك كثيرون مثل الدكتور عبد الرحمن دوي وهو أكاديمي هندي عمل محاضرا في جامعة أحمد بللو بمدينة زكزك.

     فلماذا وجدت الشيعة أرضا خصبة في نيجيريا؟ وكيف استطاعت أن تنتشر هذا الانتشار الواسع في مدة يسيرة؟

     ان هناك أسبابا ساعدت علي انتشار طريقة الرفض في نيجيريا وسنجملها فيما يلي:

 

فشل العلماء في قيادة الأمة

     السبب الأول والأهم هو فشل العلماء فشلا ذريعا في قيادة الأمة وارشاد الأفراد والجماعات وتحصينهم ضد الفساد والبدعة وأنواع الضلال والسير بهم في الصراط المستقيم. ولا شك أن هذه أهم وظائف العلماء في كل مجتمع مسلم، فلماذا عجز العلماء عن القيام بهذه الوظائف في نيجيريا؟

     ولفهم هذا السبب لا بدّ من تقسيم العلماء في نيجيريا الى ثلاث طوائف. الأولى هي طائفة العلماء التقليديين وهي أكبرها وأعظمها قيمة واحتراما في أعين العامة. ولكن هذه الطائفة وللأسف قد تأخر بها موكب التقدم العلمي والاجتماعي حيث اقتصرت دائرة اختصاصهم في الفقه المالكي لا يتعدّونه ولا يتطرقون الي غيره من الفنون الاسلامية كالقرآن وعلومه والتفسير وأصوله والحديث ومصطلحه والتاريخ وفلسفته وغير ذلك من العلوم والفنون. وأصبح نفوذهم ضيقا جدا بسبب انعزالهم عن الجماهير وعن تيار الأحداث والوقائع في المجتمع. وقليل جدا من يتمتع منهم بالنفوذ الواسع والكلمة المسموعة خارج محيطة. وهؤلاء القلائل هم أصحاب الاتصالات بالأمراء ورجال السياسة وليس لهم همّ في الغالب الا بناء عائلاتهم وأسرهم والحفاظ على مراكزهم الاجتماعية. لذلك لم يكن أكثر العلماء من هذه الطائفة مؤهلين لحمل أمانة العلم والقيام بوظيفة العلماء العاملين من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر واحياء للسنة واخماد للبدعة. بل كان كثير منهم يدعو الى البدعة علنا ويدافع عن الطوائف المبتدعة ويحارب كل من يدعو الى ازالة البدعة واقامة السنة. فلم يكن من المستغرب أن تنتشر بدعة التشيع تحت مرأى ومسمع هؤلاء العلماء, بل كثير منهم أسهم بطريق مباشر أو غير مباشر في انتشار عقيدة الرفض بين العامة وخصوصا الشباب منهم.

     أما الطائفة الثانية فنسميهم علماء جريا مع العامة وأشباه العامة من أصحاب الدوائر الرسمية ورجال الاعلام وغيرهم. والا فعامة هؤلاء جهّال لا يعرفون من الاسلام الا اسمه ولا من القرآن حتى رسمه! (وتالله ليس في ذلك مبالغة, فان كثيرا منهم لا يقرءون القرآن الا اذا كتب بالأحرف اللآتينية أو ما يعرف عندهم ب transliteration). الا أنهم والحق يقال يحبون الاسلام بحرارة ومرارة, ونحسب أن كثيرا منهم صادقين في ذلك. وتتكون هذه الطائفة من رجال الأعمال ومن خرّيجي الجامعات والمدارس وحملة الشهادات ممن تثقفوا بالثقافة العصرية وتعلموا علوم العصر, لكن لم يتطرقوا الى دراسة الاسلام الا قليلا. وهؤلاء هم غالب من دخل في التشيع وكافح لأجل نشره والدفاع عنه.

     ومما زاد الأمر خطورة أن رؤساء هذه الطائفة لم يكونوا جهلة فحسب بل كانوا جهالا مركبين لا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون! فصار عندهم نوع من الكبر والتعالي على عباد الله وأصبحوا غلاة متنطعين غارقين في بحار الجهل منغلقين على أنفسهم؛ فلم يكونوا يتعلمون من أحد ولا كانوا يستمعون لأحد وانما يكيلون الشتائم والتهديدات لكل من يخالفهم من العلماء والأتباع على حد سواء. وكان قصارى جهد أحدهم في الطلب أن يقف على بعض الكتيبات والمذكرات المترجمة الى اللغة الانجليزية وهي اللغة التى يتقنونها ويتباهون بها, وصاحب هذه اللغة في نيجيريا يقول فيسمع له بفضل الأوضاع الاستعمارية القائمة وان كان ما يقوله خاليا تماما عن المضمون.

     وخير من يمثل هذه الطائفة هو ابراهيم الزكزكي, فهو مثال للغلوّ والاستعلاء واحتقار الغير وقد التقيت به غير مرة. أما علمه فصفر؛ فانه يحمل شهادة “البكلورس” في الاقتصاد ولم يعرف له طلب للعلوم الاسلامية والعربية لا في مدرسة تقليدية ولا عصرية ولا هو كتب شيئا يعرف به علمه. وكل ما يعرف له خطبه النّارية ومحاضراته الطويلة المملة. وقد يخطب أو يلقي محاضرة لمدة ساعتين أو أكثر ولا يستشهد فيها بآية واحدة من الكتاب ولا حديث واحد من السنة. وكل ما هنالك تحليلات سياسية وتعليقات صحفية والباقي تهديدات وشتائم ضد الاستكبار العالمي والصهيونية والامبريالية والمخالفين له من المسلمين السنة وغيرهم ممن يجمعهم الزكزكي جميعا تحت عنوان “الطاغوت”

     وقد قمنا (أنا وبعض الاخوة في مدينة سكتو) بجمع خطبه ومحاضراته المسجلة على الأشرطة المسموعة فوجدنا العجب العجاب وذلك سنة 1998. وجدنا أن الرجل-وهو الامام المعصوم واجب الطاعة-لا يكاد يستشهد بآية في خطبه ومحاضراته الا أخطأ فيها خطأ فاحشا, ولا اقتبس عبارة الا لحن فيها. ومن طريف ما وقفنا عليه في ذلك أنه أراد في بعض محاضراته أن يقتبس نصا يقرؤه من كتاب بيده فأعياه ذلك, فدندن دندنة مخزية ثم قال: “ان الكتاب غير مشكول.” جمعنا الخطب والمحاضرات وحللناها تحليلا علميا في شريطين مسموعين بينا فيهما جهل الرجل وأميته وعاميته وأنه لا يبلغ مرتبة تلاميذ الكتّاب فضلا عن العالم فضلا عن الامام واجب الاتباع. وكنا فعلنا ذلك نصحا لأتباعه ومريديه ولكن هيهات للغلو أن يستمع وللتنطع أن يلتفت, فلم تزدهم نصيحتنا الا تماديا في الغي واتباعا للهوى حتى قال أحدهم على ملأ من الناس: “نحن لو دعانا الامام الى الجحيم لم نتردد في اتباعه.”

     هذا حال الطائفة الثانية وهي كما ترى أصل كل بلية. هم جهال ولكن الأوضاع الاستعمارية السائدة جعلت منهم علماء أصحاب النفوذ العريض والكلمة المسموعة بفضل اتصالهم بالمؤسسات الرسمية وحسن استعمالهم لوسائل الاعلام. وبذلك استطاعوا أن ينشروا التشيع بين جمهور الناس على حين غفلة من العلماء

     أما الطائفة الثالثة فهم الذين جمعوا بين ثقافة الدين وثقافة العصر, بين العلوم الشرعية والعلوم العصرية المختلفة, ولهم فقه عميق بالواقع الذى نعيش فيه والمام قوي بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحضارية وكذلك النظام الدولي القائم. وهؤلاء معظمهم من خرّيجي المدارس والكليات والجامعات في شتى الفنون العربية والاسلامية. وبعضهم تخرج من الجامعات الاسلامية في البلاد العربية والاسلامية مثل السودان ومصر والمملكة العربية السعودية وباكستان وغيرها. وأكثرهم بفضل الله تعالى من القائمين بالدعوة الى السنة ومحاربة البدعة والرجوع بالأمة الى منهاج السلف الصالح في فهم القرآن والسنة والتعامل معهما

     فرجال هذه الطائفة هم الذين تصدوا لطوفان الرفض في نيجيريا ووقفوا في وجهه وكافحوا لأجل وقف انتشار التشيع. واستعملوا في ذلك كل الوسائل والأدوات المتاحة في هذا العصر. فمنهم من استعمل طريقة الوعظ والدروس العامة في التلفاز وعلى المذياع مثل العالم الرباني المجاهد الشيخ أبو بكر محمود جومي الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الاسلام لعام 1407\1987 رحمه الله تعالى. ومنهم من استغل المنابر واتخذ من الخطب وسائل كالعالم النحرير قامع الرفض وهاتك أسرار الشيعة الشيخ أبو بكر جبريل امام جامع فرفرو بمدينة سكتو حفظه الله. ومنهم من سخر القلم واتخذ من الكلمة المكتوبة مطية توصله الى الهدف مثل الفتى المجاهد الدكتور أمين الدين أبوبكر رئيس جماعة الدعوة بمدينة كنو حفظه الله وغيرهم كثير. وقد كرّس رجال هذه الطائفة حياتهم لمحاربة التشيع واستئصال شأفته ولا تزال جهودهم تتواصل وان كانت تفتقد النظام والمئسسية

     وهناك أسباب أخرى ساعدت على انتشار التشيع في نيجيريا منها كثرة الجهل وانتشاره وقلة العلم وانزواءه؛ فان مما ابتلي المسلمون به في كثير من الأقطار صرفهم عن التفقه في الدين وانصرافهم الى العلوم المادية التى لا تطلب لوجه الله ولا للدار الآخرة وانما لنيل حطام الدنيا. فأصبح الناس لا همّ لهم بالدين الا قليلا. ترى أحدهم ينفق الأموال الطائلة على نفسه وذويه لطلب هذه العلوم وتحصيلها بينما لا يلقي بالا بالعلم الشرعي حتى عندما يعطى بالمجان. وصار سواد الناس الأعظم جهالا, وهذا فتح المجال أمام الدجالين وعلماء السوء الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله, فنشروا أنواعا من البدع والضلال. ومن هؤلاء الدجالين ابراهيم بن يعقوب الزكزكي الذي تولى كبر نشر التشيع في البلاد وساعده على ذلك سكوت أكثر العلماء وخصوصا من مشايخ الطرق الصوفية وغير هم

     ومنها فصل الدين عن الدولة وهو من الكفريات التي فرضها الاستعمار على المسلمين فرضا, وبذلك أمسى الدين بمعزل عن الحياة واضطر الى زاوية ضيقة من الفضاء الاجتماعي, وأصبح يتيما بلا راع يرعاه: لا دولة قائمة ولا مؤسسة عريقة ولا منظمة قوية. وهذا أتاح الفرصة للدجالين والمتعالمين أن ينشرو البدع ويتكلمو في مسائل العلم بغير علم دون رقيب ولا حسيب. وصار الدين حمى مستباحا يلجه كل من هب ودب ويتكلم فيه ويفتي من شاء دون أي ضابط. أما الحكام فلا يهتمون بالدين الا ريثما يخدم مصالحهم السياسية, وكثير منهم يفضل التعامل مع المتعالمين والدجالين الذين يساعدونهم على تضليل العامة والجام أفواههم وشراء ولائهم, فأصبح الدجاجلة والحكام العلمانيون يستمتع بعضهم ببعض وينصر بعضهم بعضا ويتعاونون على الاثم والعدوان ومعصية الرسول. وهكذا ضاع الدين بين جهل المتعالمين وهوى الدجالين ودنيا العلمانيين وراجت سوق البدعة وانتشرت الفرق الضالة ومنها الرافضة البغيضة

     تلك أهم أسباب انتشار التشيع في نيجيريا: عجز العلماء وقعودهم عن واجبهم وفشو الجهل ومكر الاستعمار الذى جعل من المجتمعات الاسلامية نسخة لمجتمعه اللاّديني حيث لا يحذى الدين بأي اهتمام أو رعاية فيكون لعبة في أيدي اللاّعبين


خاتمة

نسأل الله حسنها

  

      الشيعة أقدم الفرق الضالة وأبعدها عن تعاليم الاسلام السمحة وأخطرها على الاسلام والمسلمين. وعقائدها تناقض دين الاسلام جملة وتفصيلا, ولا غرو فانها تؤسست من قبل أعداء الاسلام اليهود والمجوس بهدف هدم بناء الدين وتقويض أساسه من الداخل. فهي ثمرة من الثمرات الخبيثة لحركة النفاق والزندقة في تاريخ الأمة

     ظهر التشيع في نيجيريا في أواسط الثمانينات من القرن الماضي الميلادي على اثر الثورة الايرانية التى عملت على نشر المذهب في ربوع العالم الاسلامي. وانتشرت تعاليم الرفض وعقائده على أيدى فئة من الناس تنقصهم الثقافة الدينية وان كانوا في طلائع المجتمع بفضل اتصالهم بالمؤسسات الرسمية وحسن استعمالهم لوسائل الاعلام. فهم يندسون في صفوف هيئات التدريس في الجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات المالية والاعلامية وغيرها

     وقد ازداد نشاطهم في الآونة الأخيرة حيث طرقوا المجال السياسي, فان زعيمهم الزكزكي الذى ظل عشرين عاما يكيل اللعنات للحكومات المتعاقبة وينعتها بالطاغوت مثل حكومة “شيخو شاغارى” وحكومات “محمد بخارى” و “ابراهيم بابنجيدا” و “ثانى أباتثا” و “عبد السلام أبوبكر” وكلها حكومات يرأسها رجال مسلمون لكن الزكزكي تجنب معاملتها وظل ينتقدها وينعتها بأنها حكومات كافرة عميلة لأمريكا واسرائيل حتى اذا قامت الحكومة الحالية تحت رئاسة “أوبا سنغو” وهو كافر ومعلوم بعدائه الشديد للاسلام والمسلمين أصبح الزكزكي من المقربين لدى الحكومة. ويبدوا أن “أوبا سنغو” الذى يتمتع بعلاقات طيبة مع حكام ايران قد أدرك ضرر الشيعة على الاسلام فأحاط الفرقة بمزيد من العناية الرسمية (من وراء الستار طبعا) وأوعز الى حكام الولايات بتمكين أتباعها واحلالهم مراكز النفوذ في الادارات المحلية. كما وجد من حكام الولايات المسلمة من يتقرب الى الفرقة لكسب أصوات أتباعها في الانتخابات

     كل هذا جعل الشيعة تنتشر في نيجيريا كالنار في الهشيم وتسري في جسم اللأمة كالسم في الأحشاء ولا يقف أمام انتشارها الا جهود فردية متفرقة تفتقد النظام والمؤسسية. والسبب في ذلك على ما أعتقد هو أن أكثر المسلمين في هذه البلاد لم ينتبهوا الى أن الشيعة, زيادة على كونها فرقة ضالة تناقض عقائد الاسلام, فهي أيضا سبب لزعزعة الأمن والاستقرار. فيجب على جميع المسلمين أن يدركوا أن انتشار الرفض في نيجيريا مشكلة دينية واجتماعية وأمنية, ولا بدّ من وقفه قبل تفاقم الأمر واستفحاله. ولا بدّ لذلك من جهود منظّمة يشارك فيها المسلمون كلهم على اختلاف طبقاتهم وأشغالهم واختصاصاتهم. والله الموفق لا اله غيره ولا رب سواه


                     تعريف بأهم مصادرالكتاب ومصنفيها

      

1.كتاب الكافي

       لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، دار الكتب الاسلامية، طهران، بدون تاريخ

       أول أصح الكتب الأربعة عندهم. قال أغا برزك الطهراني “الكافي في الحديث هو أجل الكتب الأربعة الأصول المعتمدة، لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول….” (الذريعة الى تصانيف الشيعة، لآغا برزك الطهراني، دار الأضواء، بيروت-لبنان، 1403، ج 17 ص 245

       وقال عباس القمي “هو أجل الكتب الامامية والذي لم يعمل للامامية مثله”. (حاشية الاحتجاج للطبرسي، أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، منشورات الأعلمي للمطبوعات، بيروت-لبنان، ط ثانية، 1403/1983

 

2. أوائل المقالات في المذاهب المختارات

       لمحمد بن مجمد بن النعمان الملقب بالمفيد، دار الكتاب الاسلامي، بيروت-لبنان، 1403/1983

3. الاختصاص

       لمحمد بن محمد بن النعمان المفيد، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين بالحوزة العلمية في قم، ايرانن، دون تاريخ

       مؤلف هذين الكتابين وصفه الطوسي بأنه “انتهت اليه رياسة الامامية في وقته.” (الفهرست لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ط ثالثة، 1403/1983مؤسسة الوفاء، بيروت-لبنان، ص 190)

       وقال عنه يوسف البحراني “من أجل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم.” (لؤلؤة البحرين في الاجازات وتراجم رجال الحديث، يوسف بن أحمد البحراني، تحقيق محمد صادق بحر العلوم، دار الأضواء، بيروت-لبنان، ط ثانية، 1406/1986، ص 358)

 

4. تفسير العياشي

       محمد بن مسعود بن عياش المعروف بالعياشي، نشر المكتبة العلمية الاسلامية، طهران، بدون تاريخ.

       والمؤلف وصفه الطوسي بقوله “كان أكثر أهل المشرق علما وفضلا وأدبا وفهما ونبلا في زمانه.” (رجال الطوسي، محمد بن الحسن الطوسي، المطبعة الحيدرية في النجف، 1380، ص 497)

       وقال عنه المجلسي “من عيون هذه الطائفة ورئيسها وكبيرها.” (بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، محمد باقر المجلسي، مؤسسة الوفاء، ط ثانية، 1403، ص 130)

 

5. كتاب الغيبـة

       أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ط ثانية، مطابع النعمان، دون تاريخ ولا مكان الطبع

6. أمالي الطوسي

       أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ط ثانية، 1401، لم يذكر دار الطبع

       مؤلف هذين الكتابين والملقب عندهم بشيخ الطائفة قال عنه الحلّي “شيخ الامامية-قدس الله روحه- رئيس الطائفة جليل القدر، عظيم المنزلة، ثقة عين صدوق، عارف بالأخبار والرجال والفقه….” (رجال الحلّي، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلّي، ط ثانية، 1381/1961، المطبعة الحيدرية، بالنجف، ص 148)

 

7. بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد

       محمد بن الحسن بن فروخ الصفّار، منشورات الأعلمي، طهران، 1362

       والمؤلف قال عنه النجاشي “كان وجها في أصحابنا القميين، ثقة عظيم القدر…توفي عام 290.” (مقدمة بحار الأنوار للمجلسي، ص 89)

 

8. كتاب سليم بن قيس الكوفي

       سليم بن قيس الهلالي الكوفي، منشورات مؤسسة الأعلمي، بيروت-لبنان، دون تاريخ

       هذا المؤلف (ت 90) زعموا أنه من أصحاب علي رضي الله عنه. قال المجلسي في الثناء علي كتابه “هو أصل من أصول الشيعة وأقدم كتاب صنف في الاسلام….” (مقدمة البحار، ص 189

       وعن الامام الصادق أنه قال “من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبينا كتاب سليم بن قيس الهلالي فليس عنده من أمرنا شيء.” (مقدمة بحار الأنوار للمجلسي، ص 189)

 

9. البرهان في تفسير القرآن

       هاشم بن سليمان الحسيني البحراني، المطبعة العلمية، قم-ايران،1393

       والمؤلف (ت 1107) قال عنه يوسف البحراني “كان فاضلا محدثا، جامعا متتبعا للأخبار بما لم يسبق اليه سابق سوى شيخنا المجلسي. وقد صنف كتبا عديدة تشهد بشدة تتبعه واطلاعه.” (لؤلؤة البحرين، ص 63

 

10. فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب

       حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي، طبعة حجرية دون تاريخ ولا مكان الطبع.

       والمؤلف (ت 1320) قال عنه آغا برزك الطهراني “امام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة، ومن أعظم علماء الشيعة وكبار رجال الاسلام في هذا القرن….كان آيةمن آيات الله العجيبة كمنت فيه مواهب غريبة وملكات شريفة أهلته بأن يعدّ في الطليعة من علماء الشيعة….ترك شيخنا آثارا هامة قلّما رأت عين الزمان نظيرها في حسن النظم وجودة التأليف وكفى بها كرامة له.” (نقباء البشر في القرن الرابع عشر لآغا برزك الطهراني، مطبعة سعيد مشهد، نشر دار المرتضى للنشر، مشهد-ايران، ط ثانية، 1404، ج 2 ص 544-545).

 

11. مرآة العقول في شرح أخبار الرسول

       محمد باقر المجلسي، ط ثانية، 1404، دار الكتب الاسلامية، طهران.

12. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار

       محمد باقر المجلسي، ط ثانية، 1403، مؤسسة الوفاء، بيروت-لبنان.

       ومؤلف هذين الكتابين (ت 1111) قال عنه الحر العاملي “عالم فاضل، ماهر محقق مدقق، علامة فهامة، فقيه متكلم، محدث، ثقة ثقة، جامع للمحاسن والفضائل، جليل القدر عظيم الشأن.” (أمل الآمل لمحمد بن الحسن الحر العاملي، تحقيق أحمد الحسيني، نشر دار الكتاب الاسلامي، قم-ايران، دون تاريخ، ج 2 ص 248

 

13. عقائد الامامية

       محمد رضا المظفر، ط ثانية، 1391، مطبوعات النجاح، القاهرة

       والمؤلف (ت 1383) أثنى عليه آغا برزك الطهراني بقوله “عالم جليل وأديب معروف، من أفاضل أهل العلم وأشراف أهل الفضل والأدب. له سيرة طيبة من يومه.” (نقباء البشر، ج 2 ص 772-773)

 

14. كشف الغمة في معرفة الأئمة

       أبو الحسن علي بن عيسى الأربلي، نشر مكتبة بني هاشم، تبريز-ايران، 1381

       والمؤلف (ت 693) قال عنه المجلسي “من أكابر محدثي الشيعة، وأعاظم علماء المائة السابعة وثقاتهم.” (بحار الأنوار، ص 145)

 

15. الخصـال

       أبوجعفر محمد بن علي بن الحسن بن بابويه القمي الملقب بالصدوق، تصحيح علي أكبر الغفاري، نشر مكتبة الصدوق، دار التعارف، دون تاريخ

16. علل الشرائع

       أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن بن بابويه القمي، منشورات المكتبة الحيدرية، النجف-عراق، 1385/1966

 

17. حق اليقين في معرفة أصول الدين

       عبد الله بن شـبّر، دار الكتاب الاسلامي بدون تاريخ

       والمؤلف (ت 1242) من كبار علماءهم المتأخرين. قال عنه محمد صادق الصدر “كان علما من أعلام الشيعة، وشخصية بارزة، لذلك كان محط أنظار أهل العلم.” (مقدمةكتاب حق اليقين بقلم محمد صادق الصدر، ص: ى)

 

18. الحكومة الاسلامية

       آية الله روح الله الخميني، المكتبة الاسلامية الكبرى، بدون تاريخ ولا دار الطبع

19. كشف الأسرار

       آية الله روح الله الخميني، ترجّمه عن الفارسية د. محمد البنداري، وعلّق عليه سليم الهلالي، ط أولى، 1408/1987، دار العمار للنشر والتوزيع، عمان-الأردن

 

20. عقائد الامامية الاثني عشرية

       ابراهيم الموسوى الزنجاني النجفي، مؤسسة الوفاء، بيروت-لبنان، دون تاريخ.

 

21. الأنوار النعمانية

       نعمة الله الموسوى الجزائري، مطبعة شركة جاب، تبـريز-ايران، دون تاريخ.

 

22. تفسـير القمي

       أبو الحسن علي بن ابراهيم بن هاشم القمّـي، ط ثانية، 1387، مطبعة النجف.

       والمؤلف (ت 307) قال عنه النجاشي “ثقة في الحديث ثبت معتمد، صحيح المذهب، سمع فأكثر وصنف كتبا.” (بحار الأنـوار، ص 128).

 

23. مفتاح الجنان في الأدعية والزيارات والأذكار

       مجهول المؤلف، نشر مكتبة الماحوري، البحرين، دون تاريخ.

 

24. علم اليقين في أصول الدين

       محمد بن المرتضي المدعو بالمولى محسن الكاشاني، بدون تاريخ ولا دار الطبع

 

25. كتاب الرجعـة

       أحمد بن زين الدين الأحسائي، ط ثانية، منشورات مكتبة العلاّمة الحائري العامة، كربلاء، دون تاريخ

       والمؤلف (ت 1241) يعد من كبار علماء الشيعة المتأخرين. قال عنه الخونساري “غرة الدهر وفيلسوف العصر….لم يعد في هذه الأواخر مثله في المعرفة والفهم، والمكرمة والحزم، وجودة السليقة وحسن الطريقة.” (روضات الجنات للخونساري، ج 1 ص 307-308)

 

27. كتاب المحـاسن

       أحمد بن محمد بن خالد البرقي، ط ثانية، دار الكتب الاسلامية، قم-ايران، دون تاريخ

               

      

 

Leave a comment