ظهو ر التشيع وانتشاره في نيجيريا1

 

سلسلة كتيبات الشيعة1 

ظهورالتشيع وانتشاره في نيجـيريا

الكيفية والوسائل والأخطار


بقلم

الدكتور/ عمر محمد لبطو

 

(جمعه وأعده خصيصا لطلبة المدارس الإسلامية السُنيّة)

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

 

مقــــــــــــدمة

ظهر التشيع أول ما ظهر في نيجيريا بين صفوف تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات. وهؤلاء كانوا في الغالب شبابا منتظمين في سلك الدراسات في فنون شتى من طب وقانون واقتصاد وعلوم وآداب واجتماع وغيرها. ولكن قليلا جدا منهم من يدرس الإسلام نفسه. ولذلك كانوا قليلي المعرفة بالإسلام وتاريخه وعقائده وسائر علوم الشريعة المختلفة وإن كانوا من المتديّنين المحافظين على الصلوات المنخرطين في عمل الدعوة وسائر الأنشطة الدينية التى عادة ما يقوم بها الطلبة والتلاميذ في رحاب الجامعات والمدارس على اختلاف مراحلها
وهذا بطبيعة الحال جعل مثل هؤلاء الطلبة لقمة سائغة أمام الدعوات المختلفة والتيارات العقدية والفكرية المنتشرة في البيئة الدراسية وخصوصا الجامعية. ومن هذه التيارات التيار الشيعي الوافد من ايران على إثر ثورتها العارمة التى أطاحت بحكم الشاه محمد رضا البهلوي. وكان من أهداف الثورة الايرانية نشر المذهب الشيعي، فكانوا يرسلون المنشورات والكتب بالمجان ويرفعون الشعارات البرّاقة من تأسيس الجمهورية الإسلامية وتحرير المسجد الأقصا من أيدى اليهود ومقارعة أعداء الله ورفع الظلم عن الشعوب المستضعفة إلى غير ذلك من الشعارات البراقة التى اختطفت كثيرا من شباب المسلمين قليلي الخبرة والتعليم وألقت بهم في غياهب التشيع والرفض. وكان من بين هؤلاء المختطفين شاب يدعى إبراهيم بن يعقوب الزكزكلي

 

الزكزكي وانتشار التشيع في نيجيريا

     برز اسم الزّكزكي في أوائل الثمانينيات من القرن الماضى بعد ما تخرج من جامعة أحمد بللو بمدينة زكزك ورفض أن يشارك في الخدمة الوطنية الإجبارية (NYSC) التى يؤديها خريجو الجامعات زاعما أن هذه الخدمة إنما هي في الحقيقة عبادةٌ لصنم جديد اسمه “الوطن”. وعلى الرغم من سوء الفهم وضيق الأفق الذى يدل عليه موقف الزكزكي هذا إلا أن الشاب الغيور اكتسب شعبية واسعة بسبب هذا الموقف ولاسيما في أوساط الشباب من طلاب الجامعات وتلاميذ المدارس الذين تمتليء قلوبهم بالحماسة الدينية وإن خلت أذهانهم تماما من معرفة أبسط مباديء الدين الإسلامي. وأصبح إبراهيم الزكزكي الذى درس الإقتصاد ولا يعرف من الإسلام شيئا، أصبح بين عشية وضحاها يُعدّ من قيادات الشباب الذين لهم ميل إلى التدين والنشاط الديني

وكانت ايران في هذه الأثناء في حربها الدامية مع العراق. وكانت تدير حربا
اعلامية واسعة تستميل بها قلوب المسلمين وتحاول كسب الرأي العام الإسلامي إلى جانبها. وكانت تستضيف عددا من العلماء والقادة وزعامات الطلاب والشباب من مختلف أنحاء العالم الإسلامي للمشاركة في مهرجان الثورة السنوي الذى يقام لذكرى انتصار الثورة الايرانية. وكان المهرجان يشمل حفلات ومؤتمرات علمية ومسيرات شعبية وتوزع فيه الكتب والمجلات بالمجان. وكان الهدف من كل هذا كسب الرأي العام الإسلامي ونشر المذهب الشيعي.

ويبدو أن الايرانيين قد أحسنوا اختيار من يستضيفونه من نيجيريا حيث تجنبوا العلماء وأصحاب الثقافة الدينية واختاروا من الشباب المتحمس من قلّت بضاعته في العلوم الشرعية وقلّت خبرته في الشئون الدنيوية والمعيشية مثل إبراهيم بن يعقوب الزكزكي

وجد الايرانيون في الزكزكي التلميذ المثالي القابل للتعليم حيث وجدوا ذهنه خاليا من أبسط مباديء الإسلام فأفرغوا فيه تعاليم التشيع وعقائد الرفض وبنوا شخصيته بطريق التدريج على مرّ السنين. بينما وجد الزكزكي هو الآخر أتباعا متحمسين يحبون الإسلام بحرارة وحماس ويجهلونه جهلا مطبقا. فاستلهاهم بشعارات الثورة الايرانية البرّاقة واستخفّ عقولهم بخطبه النارية المملوءة بالشتائم والتهديدات ضد اليهود الصهاينة والأمريكيين الإمبرياليين والطغاة المحليين. وكَبُرَ الزكزكي في أعين هؤلاء الشباب السذّج إذ اعتبروه عالما ربانيا مجاهدا وإماما معصوما يجب على جميع المسلمين اتباعه والإنقياد لأوامره ونواهيه، ومن لم يفعل فهو خارج عن الإسلام وإن مات على ذلك مات ميتة جاهلية لأنه مات على غير بيعة وعلى غير الجماعة

وهنا شعر قلّةٌ من العلماء والدعاة بخطورة الموقف وتفاقم الخطر وخاصة بعد ما بدأ أتباع الزكزكي يخرجون في مظاهرات حاشدة خصوصا في المناسبات الشيعية مثل يوم عاشوراء والجمعة الأخيرة من رمضان التى جعلها قائد الثورة الايرانية آية الله روح الله الخميني يوما لتحرير المسجد الأقصا والتضامن مع الفلسطنيين المضطهدين من قبل اليهود. وكثيرا ما وقعت في مثل هذه التظاهرات اشتباكات مع رجال الشرطة فنتج من ذلك إصابات وخسائر في الأرواح والممتلكات. عندها هبّ بعض العلماء ينذرون بخطورة انتشار التشيع في نيجيريا وينصحون الشباب بعدم الإنخراط في حركة الزكزكي وأن هذه الحركة قد تجرهم إلى اعتناق عقائد الرافضة المناقضة للإسلام. ولكن الرجل فيما يبدو قد بدأ يتقن فنّ “التقية” الذى هو أحد ركائز عقيدة الرافضة. فكان دائما يُطَمْئن أتباعه ويؤكد لهم أنه ما يربطه مع حكام ايران وعلمائهم إلا الثورة والجهاد والنضال ضد قوى الإستكبار العالمي والطواغيت المحليين

وهكذا ظل إبراهيم الزكزكي يستغل سكوت أكثر العلماء، يكسب الأتباع وينشر تعاليم الشيعة وعقيدة الرفض طوال الثمانينيات وصدرا من التسعينيات. وظل الأمر كذلك إلى أن حدث حادث غيّر مجرى الحركة وتاريخها إلى الأبد. ذلك أن مجلة من المجلات التى تطبع في ايران وترسل بالمجان إلي القراء في نيجيريا وغيرها من البلدان نشرت مقالا نيلَ فيه من الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه نيلاً عظيما واتهم بالكذب ووضع الحديث للخلفاء والسلاطين حرصا على الدنيا. فلم يستطع كثيرٌ من أتباع الزكزكي أن يتحمل هذا نظرا لما اشتهر به مسلمو نيجيريا من حبّ النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الذى اكتسبوه من عقيدتهم السنيّة العريقة. فهبّ هؤلاء وطالبوا الزكزكي بأن يدين هذه المقالة علنا وأن يُعلن براءته من مذهب الرافضة. ولكن الرجل رفض فكان هذا بمثابة تحقيق للإتهامات الموجهة إليه بأنه يعتقد الرفض ويمارس التقيّة

ونتج من هذا الحادث أن انشقت طائفة من أتباع الزكزكي وكبار تلاميذه ومريديه وأعلنوا البراءة منه ومن مذهبه الشيعي، وذلك بعد مشاجرات واضطرابات داخل الجماعة ظلت سنين طوالا. وأخيرا وفي سنة ١٩٩٥ تمّ انفصال هذه الطائفة واستقلالها إذ أسست تنظيما باسم جماعة التجديد الإسلامي بزعامة أحد تلاميذ الزكزكي المقربين لديه وهو أبو بكر المجاهد. وبهذا خرجت جماعة الزكزكي من طور التقيّة إلى دور الإعلان بهُويتها الحقيقية والجهر بعقائد الرافضة من بغض أصحاب رسول الله وسبّهم وتكفيرهم واعتقاد تحريف القرآن والقول بالأئمة الإثني عشر المعصومين وغير ذلك من مقالات الرافضة المعروفة

أسباب انتشار التشيع في نيجيريا

     إن جمهورية نيجيريا الإتحادية بلد سني محض لا يكاد يوجد به شيعي واحد قبل الثورة الايرانية وتصديرها لعقائد الرافضة إلى أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي. والبلد معروف بحبه الشديد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته بما فيهم أهل البيت وغيرهم. ومن أبسط وأظهر ما يدل على ذلك الأسماءُ التى يتسمى بها غالب سكان البلد. فلا يكاد بيت يخلو من اسم أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو غيرها من أسماء الصحابة. ولا يندر أن تجد هذه الأسماء الأربعة لإخوة أشقاء أربعة يعيشون تحت سقف واحد. وهذا مما أثار اهتمام المسلمين من غير أبناء البلد حتى كتب في ذلك كثيرون مثلُ الدكتور عبد الرحمن دوي وهو أكاديمي هندي عمل محاضرا في جامعة أحمد بللو بمدينة زكزك

فلماذا وجدت الشيعة أرضا خصبة في نيجيريا؟ وكيف استطاعت أن تنتشر هذا الإنتشار الواسع في مدة يسيرة؟

إن هناك أسبابا ساعدت علي انتشار طريقة الرفض في نيجيريا وسنُجملها فيما يلي

فشل العلماء في قيادة الأمة

السبب الأول والأهم هو فشل العلماء فشلا ذريعا في قيادة الأمة وإرشاد الأفراد والجماعات وتحصينهم ضد الفساد والبدعة وأنواع الضلال والسير بهم في الصراط المستقيم. ولا شك أن هذه أهم وظائف العلماء في كل مجتمع مسلم، فلما ذا عجز العلماء عن القيام بهذه الوظائف في نيجيريا؟

ولفهم هذا السبب لا بدّ من تقسيم العلماء في نيجيريا إلى ثلاث طوائف. الأولى هي طائفة العلماء التقليديين وهي أكبرها وأعظمها قيمة واحتراما في أعين العامة. ولكن هذه الطائفة وللأسف قد تأخر بها موكب التقدم العلمي والإجتماعي حيث اقتصرت دائرة اختصاصهم في الفقه المالكي لا يتعدّونه ولا يتطرقون إلي غيره من الفنون الإسلامية كالقرآن وعلومه والتفسير وأصوله والحديث ومصطلحه والتاريخ وفلسفته وغير ذلك من العلوم والفنون. وأصبح نفوذهم ضيقا جدا بسبب انعزالهم عن الجماهير وعن تيار الأحداث والوقائع في المجتمع. وقليل جدا من يتمتع منهم بالنفوذ الواسع والكلمة المسموعة خارج محيطة. وهؤلاء القلائل هم أصحاب الإتصالات بالأمراء ورجال السياسة وليس لهم همّ في الغالب إلا بناء عائلاتهم وأُسَرهم والحفاظ على مراكزهم الإجتماعية. لذلك لم يكن أكثر العلماء من هذه الطائفة مؤهلين لحمل أمانة العلم والقيام بوظيفة العلماء العاملين من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإحياء للسنة وإخماد للبدعة. بل كان كثير منهم يدعو إلى البدعة علنا ويدافع عن الطوائف المبتدعة ويحارب كل من يدعو إلى إزالة البدعة وإقامة السنة. فلم يكن من المستغرب أن تنتشر بدعة التشيع تحت مرأى ومسمع هؤلاء العلماء، بل كثير منهم أسهم بطريق مباشر أو غير مباشر في انتشار عقيدة الرفض بين العامة وخصوصا الشباب منهم

أما الطائفة الثانية فنسميهم علماء جريا مع العامّة وأشباه العامة من أصحاب الدوائر الرسمية ورجال الإعلام وغيرهم. وإلا فعامة هؤلاء جهّال لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن حتى رسمه! (وتالله ليس في ذلك مبالغة، فإن كثيرا منهم لا يستطيعون قراءة سورة الإخلاص إلا إذا كُتبت بالأحرف اللآتينية أو ما يعرف عندهم ب transliteration). إلا أنهم والحق يقال يحبون الإسلام بحرارة ومرارة، ونحسب أن كثيرا منهم صادقين في ذلك. وتتكون هذه الطائفة من رجال الأعمال ومن خرّيجي الجامعات والمدارس وحملة الشهادات ممن تثقفوا بالثقافة العصرية وتعلموا علوم العصر، لكن لم يتطرقوا إلى دراسة الإسلام إلا قليلا. وهؤلاء هم غالب من دخل في التشيع وكافح لأجل نشره والدفاع عنه

ومما زاد الأمر خطورةً أن رؤساء هذه الطائفة لم يكونوا جهلة فحسب بل كانوا جهالا مركبين لا يدرون ولا يدرون أنهم لا يدرون! فصار عندهم نوع من الكبر والتعالي على عباد الله وأصبحوا غلاة متنطعين غارقين في بحار الجهل منغلقين على أنفسهم؛ فلم يكونوا يتعلمون من أحد ولا كانوا يستمعون لأحد وإنما يكيلون الشتائم والتهديدات لكل من يخالفهم من العلماء والأتباع على حد سواء. وكان قصارى جهد أحدهم في الطلب أن يقف على بعض الكتيبات والمذكرات المترجمة إلى اللغة الإنجليزية وهي اللغة التى يُتقنونها ويتباهون بها، وصاحب هذه اللغة في نيجيريا يقول فيُسمع له بفضل الأوضاع الإستعمارية القائمة وإن كان ما يقوله خاليا تماما عن المضمون

وخيرُ من يمثل هذه الطائفة هو إبراهيم الزكزكي، فهو مثال للغلوّ والإستعلاء واحتقار الغير وقد التقيت به غير مرة. أما علمه فصفر؛ فإنه يحمل شهادة “البكلورس” في الإقتصاد ولم يعرف له طلب للعلوم الإسلامية والعربية لا في مدرسة تقليدية ولا عصرية ولا هو كتب شيئا يعرف به علمه. وكل ما يعرف له خطبه النّارية ومحاضراته الطويلة المملة. وقد يخطب أو يلقي محاضرة لمدة ساعتين أو أكثر ولا يستشهد فيها بآية واحدة من الكتاب ولا حديث واحد من السنة. وكل ما هنالك تحليلات سياسية وتعليقات صحفية والباقي تهديدات وشتائم ضد الإستكبار العالمي والصهيونية والإمبريالية والمخالفين له من المسلمين السنة وغيرهم ممن يجمعهم الزكزكي جميعا تحت عنوان “الطاغوت”

وقد قمنا (أنا وبعض الإخوة في مدينة سكتو) بجمع خُطَبه ومحاضراته المسجلة على الأشرطة المسموعة فوجدنا العجب العُجاب وذلك سنة ١٩٩٨. وجدنا أن الرجل-وهو الإمام المعصوم واجب الطاعة-لا يكاد يستشهد بآية في خطبه ومحاضراته إلا أخطأ فيها خطأ فاحشا، ولا اقتبس عبارة إلا لحن فيها. ومن طريف ما وقفنا عليه في ذلك أنه أراد في بعض محاضراته أن يقتبس نصا يقرؤه من كتاب بيده فأعياه ذلك، فدَنْدَن دندنة مخزية ثم قال: “إن الكتاب غير مشكول!” جمعنا الخطب والمحاضرات وحللناها تحليلا علميا في شريطين مسموعين بينا فيهما جهل الرجل وأُميته وعَاميّته وأنه لا يبلغ مرتبة تلاميذ الكُتّاب فضلا عن العالم فضلا عن الإمام واجب الإتباع. وكنا فعلنا ذلك نصحا لأتباعه ومريديه ولكن هيهات للغلو أن يستمع وللتنطع أن يلتفت، فلم تزدهم نصيحتنا إلا تماديا في الغي واتباعا للهوى حتى قال أحدهم على ملأ من الناس: “نحن لو دعانا الإمام إلى الجحيم لم نتردد في اتباعه!”

هذا حال الطائفة الثانية وهي كما ترى أصلُ كل بلية. هم جهال ولكن الأوضاع الإستعمارية السائدة جعلت منهم علماء أصحاب النفوذ العريض والكلمة المسموعة بفضل اتصالهم بالمؤسسات الرسمية وحسن استعمالهم لوسائل الإعلام. وبذلك استطاعوا أن ينشروا التشيع بين جمهور الناس على حين غفلة من العلماء

أما الطائفة الثالثة فهم الذين جمعوا بين ثقافة الدين وثقافة العصر، بين العلوم الشرعية والعلوم العصرية المختلفة، ولهم فقه عميق بالواقع الذى نعيش فيه وإلمام قوي بالأوضاع الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والحضارية وكذلك النظام الدُولي القائم. وهؤلاء معظمهم من خرّيجي المدارس والكليات والجامعات في شتّى الفنون العربية والإسلامية. وبعضهم تخرج من الجامعات الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية مثل السودان ومصر والمملكة العربية السعودية وباكستان وغيرها. وأكثرهم بفضل الله تعالى من القائمين بالدعوة إلى السنة ومحاربة البدعة والرجوع بالأمة إلى منهاج السلف الصالح في فهم القرآن والسنة والتعامل معهما

فرجال هذه الطائفة هم الذين تصدوا لطوفان الرفض في نيجيريا ووقفوا في وجهه وكافحوا لأجل وقف انتشار التشيع. واستعملوا في ذلك كل الوسائل والأدوات المتاحة في هذا العصر. فمنهم من استعمل طريقة الوعظ والدروس العامة في التلفاز وعلى المذياع مثل العالم الرباني المجاهد الشيخ أبو بكر محمود جومي الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لعام١٤٠٧ /١٩٨٧ رحمه الله تعالى. ومنهم من استغلّ المنابر واتخذ من الخطب وسائلَ كالعالم النحرير قامع الرفض وهاتك أسرار الشيعة الشيخ أبو بكر جبريل إمام جامع فَرْفَرو بمدينة سكتو. ومنهم من سخر القلم واتخذ من الكلمة المكتوبة مطيّة توصله إلى الهدف مثل الدكتور أمين الدين أبوبكر رئيس جماعة الدعوة بمدينة كنو، وغيرهم كثير. وقد كرّس رجال هذه الطائفة حياتهم لمحاربة التشيع واستئصال شأفته ولا تزال جهودهم تتواصل وإن كانت تفتقد النظام والمئسسية

كثرة الجهـل

وهناك أسباب أخرى ساعدت على انتشار التشيع في نيجيريا منها كثرة الجهل وانتشاره وقلة العلم وانزواءه؛ فإن مما ابتلي المسلمون به في كثير من الأقطار صرفهم عن التفقه في الدين وانصرافهم إلى العلوم المادية التى لا تطلب لوجه الله ولا للدار الآخرة وإنما لنيل حطام الدنيا. فأصبح الناس لا همّ لهم بالدين إلا قليلا. ترى أحدهم يُنفق الأموال الطائلة على نفسه وذويه لطلب هذه العلوم وتحصيلها بينما لا يُلقي بالا بالعلم الشرعي حتى عندما يعطى بالمجان. وصار سواد الناس الأعظم جهالا، وهذا فتح المجال أمام الدجالين وعلماء السوء الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله، فنشروا أنواعا من البدع والضلال. ومن هؤلاء الدجالين إبراهيم بن يعقوب الزكزكي الذي تولى كبر نشر التشيع في البلاد وساعده على ذلك سكوت أكثر العلماء وخصوصا من مشايخ الطرق الصوفية وغير هم

 

أثر الصوفيـة

لايستطيع أحد إنكار دور المتصوفة في انتشار التشيع في نيجـيريا ولو من طريق سالبة وأعني بها السكوت عن فضائحهم وفظائعهم مثل شَتْم الصحابة وتكفيرهم وممارسة المتعة وكذالك أعمال الشغب والعنف التي عرفت بها الفرقة منذ نشأتها الأولى. فلم يُعرف عن أحد من مشايخ الطرق الصوفية أنه أنكر عليهم رغم كلامهم ومشاجراتهم مع مخالفيهم من الفرق والطوائف الأخرى. وعلى العكس من ذلك فقد كان بينهم تفاهم وتعاون وتواصل حتى كانوا يخرجون في تظاهرات ومسيرات دينية مشتركة تُرفع فيها صورُ شيوخ الطرق الصوفية إلى جانب صور رموز الشيعة ورؤسائه
ولا عجب في ذلك؛ فالتصوف والتشيع غصنان لشجرة واحدة وهي شجرة البدعة الملعونة في القرآن. يقول العلامة ابن خلدون رحمه الله عن أصل التصوف والتشيع وتداخلهما: “ثم حدث أيضا عند المتأخرين من الصوفية الكلام في الكشف وفيما وراء الحس. وظهر من كثير منهم القول على الإطلاق بالحلول والوحدة، فشاركوا فيها الإمامية والرافضة لقولهم بألوهية الأئمة وحلول الإله فيهم. وظهر فيهم أيضا القول بالقطب والأبدال، وكأنه يحاكي مذهب الرافضة في الإمام والنُّقباء وأُشربوا أقوال الشيعة.” (مقدمة ابن خلدون، ص ٢٥٤)

ويقول في موضع آخر: “ثم إن هؤلاء المتأخرين من الصوفية المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك…وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدّائنين أيضا بالحلول وإلهية الأئمة مذهبا لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر.” (المقدمة، ص ٣٨٦)

ومع كل هذا الإتحاد والإشتراك في الأصول كما وصفه العلامة ابن خلدون، ومع التفاهم والتعاون الذي بينهم كما هو مشاهَد في كثير من مدن نيجـريا وقراها مثل مدينة كنو وغيرها، فإن ثمة فروقا أساسية بين الطائفتين لأن الصوفية رغم انحرافاتهم الخطيرة في العقيدة والفكر والسلوك إلا أنهم مع ذلك كله يُعدون من فرق أهل السنة بالمعنى العام إذ أنهم يُقرّون بخلافة الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم إلى جانب اعترافهم بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كرابع الخلفاء الراشدين. والرافضة كما هو معلوم لا يقـرّون بإمامة الثلاثة بل ولا بإسلامهم ويرون التبرأ منهم أصلا من أصول الدين لا يصح إيمان المرء إلا به

وعلى هذا الأساس فإن علماء الشيعة يُكفّرون الصوفية كلَّهم بدون استثناء، ويعتبرونهم من النواصب أعداء أهل البيت، لأنهم يتولّون الخلفاء الثلاثة ولا يتبرءون منهم، وهذا عندهم معناه بُغْض أهل البيت لأن كل من يحبُّ أبابكر وعمرَ فهو عندهم مبغض لعلي وأهل بيته. يقول شيخ الرافضة ومحدثهم وفقيههم الحـرّ العاملي: “إعلم أن هذا الإسم وهو اسم التصوف كان مستعملا في فرقة من الحكماء الزايغين عن الصواب، ثم بعدها في جماعة من الزنادقة وأهل الخلاف من أعداء آل محمد كالحسن البصري وسفيان الثوري ونحوهما، ثم جاء فيمن جاء بعدهم وسلك سبيلهم كالغزالي رأس الناصبين لأهل البيت…ثم سرى الأمر إلى تعلق بعضهم بجميع طريقتهم وصار من تبع بعض مسالكهم سندا لهم…وصار اعتقادهم في النواصب والزنادقة أنهم على الحق، فتركوا أمور الشريعة. روى شيخنا الجليل الشيخ بهاء الدين محمد العاملي في كتاب الكشكول، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم من أمتي اسمهم الصوفية ليسوا مني وإنهم يهودُ أمتي وهم أضل من الكفار وهم أهل النار.)” (رسالة الإثني عشرية في الــردّ على الصوفية للحر العاملي، ص ١٣-١٦)

وعَقَدَ شيخ الرافضة المعروف بغلوّه وتشدده وهو المدعوّ نعمة الله الجزائري، عقد في كتابه الأنوار النعمانية (ج ٢ ص ٣٠٧) بابا بعنوان “ظُلْمَة في أحوال الصوفية والنّواصب” وصف فيه الصوفية بأوصاف يتورع ذو المروءة عن نقلها كلها ولا يتسع المقام لنقل بعضها

ومع ما رأيت من تكفير شيوخ الرافضة للصوفية فإن مشايخ الطرق الصوفية في نيجـيريا قد ساهموا ولا زالوا يساهمون في انتشار مذهبهم ربما عن جهلٍ وربما عن بغضٍ وكراهيةٍ للسنة ودعاة السنة فإن الكراهية تُعمي وتُصم. إلا أن الأوضاع بدأت تتغير إذ لوحظ مؤخرا وجود فجوة وجفاء بين الفريقين أدى إلى اصطدام بينهما في بعض الأحايين. فمثلا حدث اشتباك عنيف بين أتباع طريقة من الطرق الصوفية وبين بعض الشيعة في ضاحية من ضواحي مدينة كادونا تسمى “رغاسا” قبل عامين تقريبا جُرح فيها العديد من الجانبين. وسبب الشجار كما نقلت وسائل الإعلام هو ممارسة طقوس يوم عاشوراء إذ دعا علماء الطريقة الصوفية إلى صوم ذلك اليوم كما هو السنة بينما دعا رؤساء الشيعة إلى الحداد لذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه

أثر الإستعمـار

ومن أسباب انتشار التشيع في نيجيـريا فصل الدين عن الدولة وهو من الكفريات التي فرضها الإستعمار على المسلمين فرضا، وبذلك أمسى الدين بمعزل عن الحياة واضطر إلى زاوية ضيقة من الفضاء الإجتماعي، وأصبح يتيما بلا راع يرعاه: لا دولة قائمة ولا مؤسسة عريقة ولا منظمة قوية. وهذا أتاح الفرصة للدجالين والمتعالمين أن ينشرو البدع ويتكلمو في مسائل العلم بغير علم دون رقيب ولا حسيب. وصار الدين حمى مستباحا يلجه كل من هبَّ ودبَّ، ويتكلم فيه ويُفتي من شاء دون أي ضابط. أما الحكام فلا يهتمون بالدين إلا ريثما يخدم مصالحهم السياسية، وكثير منهم يفضل التعامل مع المتعالمين والدجالين الذين يساعدونهم على تضليل العامة وإلجام أفواههم وشراء ولائهم، فأصبح الدجاجلة والحكام العلمانيون يستمتع بعضهم ببعض وينصر بعضهم بعضا ويتعاونون على الإثم والعدوان ومعصية الرسول. وهكذا ضاع الدين بين جهل المتعالمين وهوى الدجالين ودنيا العلمانيين، وراجت سوق البدعة وانتشرت الفرق الضالّة ومنها الرافضة البغيضة

تلك أهم أسباب انتشار التشيع في نيجيريا: عجز العلماء وقعودهم عن واجبهم وفشو الجهل ومكر الإستعمار الذى جعل من المجتمعات الإسلامية نسخة لمجتمعه اللاّديني حيث لا يحذى الدين بأي اهتمام أو رعاية فيكون لعبة في أيدي اللاّعبين

مراحل انتشار التشيع في نيجـيريا

       لقد مرّ التشيع في انتشاره بثلاث مراحل. الأولى مرحلة التقيّة والنفاق والخديعة، وهي المرحلة التي كان زعماء الرافضة ينادون فيها باسم تجديد الدين والإصلاح الإجتماعي والنّضال ضد الظلم والجهل والأمية. وفي هذه المرحلة انتشر التشيع انتشارا واسعا في مدة يسيرة نسبيا. وقد ساعد على هذا الإنتشار الجهل بالشرع وقلة الثقافة الدينية والتعطش للإصلاح والتغيير من جانب الشباب وعدم الإطلاع على نوايا تجّار الرفض الخبيثة

أما المرحلة الثانية فهي التي خرج منها زعيم الرافضة الزكزكي من طور التقيّة والنّفاق إلى دور الجهر بعقيدته الشيعيّة ودعوة أتباعه إلى اعتناقها وترديد مقالات الرافضة المعروفة مثل القول بالأئمة المعصومين وتحريف القرآن وتكفير الصحابة وجواز المتعة وغيرها. وقد أحدث هذا هزة عنيفة في أوساط الحركة مما سبب انقسامها إلى قسمين: قسم بزعامة الزكزكي وهم الرافضة الأقحاح الذين لا يتورعون عن سبّ الصحابة ولعنهم وتكفيرهم وممارسة الدعارة باسم المتعة وغير ذلك من عقائد الرافضة وأعمالهم. والقسم الثاني بزعامة تلميذ الزكزكي أبي بكر المجاهد وهم الذين أعلنوا براءتهم من المذهب الشيعي والتزامهم بالسنة إلا أنهم لا تزال آثار التشيع ظاهرة عليهم مثل التَكَتُّم والسريّة والإستخفاف ببعض البدع والتقرب من مشايخ الطرق الصوفية وكراهة الدعاة إلى السنة أحيانا

ونتج من هذا الإنقسام ضعفُ الحركة الشيعية وخللٌ في تركيبتها الدعائية وبالتالي فتورٌ في انتشارها ونشاط أبنائها وخصوصا في المدن الكبرى وفي معاقل الحركة المعروفة مثل الجامعات والكليات والمدارس. ويرجع الفضل في ذلك إلى جهود دعاة السنة من مختلف الطوائف مثل جماعة إزالة البدعة وإقامة السنة وجماعة السلفيين والقلّة القليلة من المتنوّرين من جماعة التجديد الإسلامي

ويبدو أن انتشار التشيع قد بدأ يدخل مرحلته الثالثة بعد ما تمّ طرد الرافضة من المدن الكبرى تقريبا وذلك بعد أحداث مدينة سكتو التي تعد كارثة حقيقية للرافضة في نيجـيريا. وهذه المرحلة هي أخطر مراحل انتشار التشيع حيث صرف زعماءهم جل همهم إلى القرى والبلدان النائية يعملون فيها لنشر المذهب. ويكمن خطر هذه الخطة الأخيرة في كون هذه المناطق النائية يَقلُّ فيها التعليم غالبا وينتشر فيها الفقر والأمية مما يسهل للرافضة نشر عقائدهم الخبيثة بين البسطاء من أبناء هذه المناطق. ولا يخفى أن أكثر الدعاة يتمركزون في المدن حيث الكهرباء ومياه الشرب النقيّة وسائر مرافق الحياة ولا يسكن البوادي منهم إلا قليلا. وهذا بدوره فسح المجال واسعا أمام دعاة الرفض الذين يستعملون أساليب الإغراء بالأموال إلى جانب التَّسَتُّر بحبّ أهل البيت والولاء لمشايخ الطرق الصوفية وغير ذلك من وسائل الرافضة المعروفة

أخطـار انتشار التشيع في نيجيـريا

       هناك أخطار جسيمة تكمن في انتشار التشيع في كل مجتمع مسلم وفي نيجـيريا بالذات، منها

أولا: انتشار التشيع خطر على العقيدة لأن اعتناق عقائد الرفض ردة صريحة عن الإسلام. فكل من اعتقد عصمة الأئمة وأنهم يعلمون الغيب ولا يخفى عليهم شيء في الأرض ولا في السماء، وأنهم أفضل من الأنبياء والرسل والملائكة المقربين، وأن الصحابة كلهم ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة أو سبعة منهم، وأن القرآن محرّف ومبدّل، وأن كربلاء خيرٌ من مكة والمدينة، كل من اعتقد هذه العقائد لا شك أنه كافر مُرْتَدٌ عن دين الإسلام

ثانيا: انتشار التشيع خطر على الحياة الإجتماعية لأنه يفرق كلمة المسلمين ويوقع بينهم العداوة والبغضاء؛ فإن الرافضة يربون أتباعهم على بغض المسلمين من لدن الصحابة إلى يومنا هذا

ثالثا: انتشار التشيع خطر على الأمن والإستقرار لأنه يوقع العداوة والبغضاء كما تقدم ولأن الرافضة يستحلون دماء المسلمين وأموالهم ويربون أتباعهم على التعطش للدماء وإثارة الفتن والأحقاد وإعانة الكفار على المسلمين وغير ذلك مما هو معروف من تاريخهم المظلم ومشاهد من واقعهم الأليم

رابعا: انتشار التشيع خطر على التقدم السياسي والإزدهار الإقتصادي للمسلمين، وهذا أيضا معلوم من تاريخهم ومشاهد من واقعهم الملموس. فإن الزكزكي لما بدأ دعوته في الثمانينيات من القرن الماضي نفّر شباب المسلمين من التعليم فهجروا المدارس والجامعات، وتوقف آلاف الشباب عن الدراسة في كافة المراحل والمستويات كما تركوا العمل في الوظائف الحكومية وغيرها بشبهة أن ذلك تورط في نظام “الطاغوت” وبذلك خسر المسلمون كثيرا من الخبرات العلمية والتقنية التي هم في أمس الحاجة إليها في حياتهم الدنيوية والأخروية. واليوم يعيد التاريخ نفسه فنجد زعماء الرافضة ورؤساءهم يحثون أتباعهم على عدم الإشتراك في عملية التسجيل والتصويت في الإنتخابات العامة وعدم المشاركة في الحياة السياسية عموما

خاتمة: نسأل الله حسنها

                                                 

ظهر التشيع في نيجيريا في أواسط الثمانينات من القرن الماضي الميلادي على إثر الثورة الايرانية التى عملت على نشر المذهب في ربوع العالم الإسلامي. وانتشرت تعاليم الرفض وعقائده على أيدى فئة من الناس تنقصهم الثقافة الدينية وإن كانوا في طلائع المجتمع بفضل اتصالهم بالمؤسسات الرسمية وحسن استعمالهم لوسائل الاعلام. فهم يَنْدَسُّون في صفوف هيئات التدريس في الجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات المالية والإعلامية وغيرها

وقد ازداد نشاطهم في الآونة الأخيرة حيث طرقوا المجال السياسي بالتقرب إلى الحكام بعد أن كانوا يحاربونهم، فإن زعيمهم الزكزكي الذى ظل عشرين عاما يكيل اللّعنات للحكومات المتعاقبة وينعتها بالطاغوت مثل حكومة “شيخو شاغارى” وحكومات “محمد بخارى” و”إبراهيم بابنجيدا” و”ثانى أباتثا” و”عبد السلام أبوبكر” وكلها حكومات يرأسها رجال مسلمون لكن الزكزكي تجنب معاملتها وظل ينتقدها وينعتها بأنها حكومات كافرة عميلة لأمريكا واسرائيل حتى إذا قامت حكومة “أوبا سنغو” وهو كافر ومعلوم بعدائه الشديد للإسلام والمسلمين أصبح الزكزكي من المقربين لدى الحكومة. ويبدوا أن “أوبا سنغو” الذى يتمتع بعلاقات طيبة مع حكام ايران قد أدرك ضرر الشيعة على الإسلام فأحاط الفرقة بمزيد من العناية الرسمية (من وراء الستار طبعا) وأوعز إلى حكام الولايات بتمكين أتباعها وإحلالهم مراكز النفوذ في الإدارات المحليّة

ومما يجدر التنبه له ازدياد نشاط ايران في نيجيريا في الآونة الأخيرة وتدخلاتها السافرة في شئونها الخاصة ونواياها العدوانية تجاهها، ومن الأدلة على ذلك الكميّات الهائلة من السلاح الذي ضبط في ميناء “لاجوس” عام ٢٠١٠ والتي مصدرها ايران. وقد اعترفت الحكومة الايرانية رسميا بتورط بعض موظفي سفارتها في “أبوجا” في تهريب الأسلحة إلى نيجيريا

وفي شهر فبراير لعام٢٠١۳ تمَّ ضبط خليّة إرهابية من قبل أجهزة أمن المخابرات النيجيرية (SSS) كانت تخطط لعمليات إغتيالات بحق شخصيات نيجيرية مسلمة منها الرئيس الأسبق “إبراهيم بابنجيدا” و سلطان سكتو المقال “إبراهيم دسوقي”. وثبت بعد التحقيق أن الجهة الممولة لهذه الخلية والتي تقف وراء هذا المخطط العدواني هي حكومة ايران

وفي نفس العام أيضا تم العثور على كمية هائلة من الأسلحة والمتفجرات في بيت بمدينة كانو يعود لأفراد من الجالية اللبنانية في المدينة. وبعد التحقيق تأكد أن هؤلاء الأفراد هم في الواقع أعضاء لحزب الله اللبناني الذراع الخارجي للإرهاب الايراني

ولا شك أن هذا يشكل مصدر قلق بالغ ويوجب على الجهات المعنية أخذ مواقف صارمة حياله

ومما يجدر التنبه له أيضا التحول الملحوظ في انتشار التشيع في نيجيريا حيث صرف زعماء الفرقة جلّ همهم مؤخرا إلى نشر المذهب في القرى والمناطق النائية لاسيما بعد أحداث “سكتو” وطرد دعاة الرافضة من المدن. وهذا لاشك سوف تكون له عواقب كارثية. فإن الشيعة اليوم تنتشر في هذه المناطق انتشار النار في الهشيم وتسري فيها سريان السمّ في الأحشاء ولا يقف أمام انتشارها إلا جهود فردية متفرقة تفتقد النظام والمؤسسية. والسبب في ذلك على ما أعتقد هو أن أكثر المسلمين في هذه البلاد لم ينتبهوا إلى أن الشيعة، زيادة على كونها فرقة ضالة تناقض عقائد الإسلام، فهي أيضا سبب لزعزعة الأمن والإستقرار. فيجب على جميع المسلمين أن يدركوا أن انتشار الرفض في نيجيريا مشكلة دينية واجتماعية وأمنية، ولا بدّ من وقفه قبل تفاقم الأمر واستفحاله. ولا بدّ لذلك من جهود منظّمة يشارك فيها المسلمون كلهم على اختلاف طبقاتهم وأشغالهم واختصاصاتهم. والله الموفق لا إله غيره ولا رب سواه

التوصيـات

  • يجب على المسلمين وخصوصا العلماء والدعاة منهم أن يوحدوا الصفوف ويضاعفوا الجهود لمكافحة انتشار التشيع في نيجيريا لأن انتشاره فتنة والفتنة أكبر وأشدّ من القتل.

  • ينبغي التصدي لانتشار الرفض عن طريق عمل مؤسسي مُوحّد يوفر الإمكانات ويضمن النجاح والتأثير؛ فإن القوم لهم إمكانيات مادية وتنظيمية هائلة ولا يمكن مقارعتهم إلا بمثلها.

  • ينبغي العناية بوسائل الإعلام الحديثة وبهذا الصدد نقترح إنشاء صحيفة تصدر باللغة الإنجليزية وتظهر بمظهر العَلْمانية لمخاطبة “النخبة المثقفة” من الذين يحبون الإسلام ولكن ليست عندهم ثقافة دينية كافية فينبهرون بزخارف “الثورة” ولا يهتدون إلى الإسلام الصحيح والعقيدة الحقة.

  • يجب توجيه عناية الدعاة إلى القرى والبوادي والمناطق النائية وخلق جوّ ملائم للتواصل مع سكانها بهدف إنقاذهم من خطر التشيع المحدق بهم.

  • لا بدّ من مَزْج أعمال الدعوة بالعمل الخيري والإغاثي نظرا للفقر المنتشر بين أهالينا ولاسيما سكان البوادي منهم.

 

أربعون بيتا في رثاء الشيخ أبي بكر محمود جومي، قاضي قضاة نيجيريا

توفي رحمه الله يوم الجمعة 11/9/1992

د/ عمر محمد لبطو

أعينيّ جودا بالغزير من الــــــــــــدم

وما لكما لا تبكيان أخا العلــــــــــــم

أخو العلم محمود ابن بكر معلـــــــــم

مرب حكيم موقظ كل نائـــــــــــــــم

صبــور حليـم عالـم مـتـفـنّـــــــــــــن

له يـده الطولى على كل عالـــــــــــم

مجدّد دين الله في الأرض بعد مــــــا

عفا أثره الوضّاح في العرب والعجـم

أنار سبيل الحق بالحق فاهـتـــــــــدى

به كل من نال السلامة ملهــــــــــــم

به فتح الرحمن غلفا من القلــــــــوب

وصمّا من الآذان سكت من الصمـــم

وأبصر قوم بعد ما كاد بصرهـــــــم

يجيء عليه بالعمى كثرة الإثــــــــــم

فأصبح نهج الحق أبيض ناصعــــــا

وولت جيوش الجهل والكبر والضيــم

تذكرت يوما قـام فيـه عــــــــــــداءه

وهموا بأمر لم ينالوه مؤلـــــــــــــــم

أحاطوا به كالسور وهو بوسطهـــــم

فألقى عليه الله ستر المسلّـــــــــــــــم

فلم يلق سوءا منهم غير أنهـــــــــــم

أصيبوا بشلـل للتقهقر ملــــــــــــــزم

أبى الله إلا أن يقيم لدينــــــــــــــــــه

بناء قوي الأسس غير مهـــــــــــــدم

أقام رجالا جاهدوا بنفوسهـــــــــــــم

وأموالهم حقا وفازوا بمغنــــــــــــــم

أزال بفضل الله آثار بدعـــــــــــــــة

طغى زبدها زورا على الحق والعلم

فأضحى ذووها حائرين بجهلهـــــــم

وراحوا حيارى ظالم إثرظالـــــــــم

وناضل بالقرآن والقلم البـــــــــريء

وبالأثر الموحى إلى خير آدمــــــــي

ألا يا عباد الله أبكوا معي علــــــــى

فقد جبل شامخ ذي مكـــــــــــــــارم

فقير غني خـائف ومخــــــــــــــوف

أمير بلا تاج ونار بلا ضــــــــــــرم

غناه تقاه، فقره لم يكد يزحــــــــــــــــــــــ

ـزحه عمّا نوى من عزائــــــــــــــــم

تراه نحيل الجسم لكنّ صـــــــــــدره

حوى قلب أسد لا يقارب بالضيـــــم

له همة لو رام زهره لنالهــــــــــــــا

وأنزلها من فوق عليائها “جومــــي”

يصب على الأعداء من نار حجــــة

لها حرها الفتاك بالقلب لا الجســـــم

أمير يكاد الناس يقتتلون فــــــــــــي

إطاعة أمر منه باليد أو فــــــــــــــم

تراوده الدنيا ويدفع كيـــــــــــــــدها

ويمضي بخير سالما غير آثـــــــــــم

ترفع عن دنيا تدنس باثمهـــــــــــــا

رجال فكانوا وهو كالمسك والــــــدم

أيا لعباد الله هل جاد عصرنــــــــــا

بنابغة خير وأفضل من “جومـــــي”؟

خليليّ من لي بالمنية شرهــــــــــــا

وشـر المنايـا فــوق طـــوق ابــن آدم

ومن ذا يعزّيني عن الشيخ بعد مـــا

سرى حبه مسراه في اللحـم والـــــدم

فيا أسفى ـ والعين تبيض من أسى ـ

على مثوى شيخ كبير معمّـــــــــــــم

ويا حرّ قلب استنار بفضلــــــــــــه

ورقّ بارشاد المواعظ من “جومــي”

لقد غربت شمس المعارف بعــــــده

وقام على أنقاضها كالمآتــــــــــــــم

سقى الله هذا الترب كم ساق ساكنـه

إلينا أياد كالسحاب الــــــــــــــرواكم

فيا أيهذا الشيخ فارقت دارنا الــــــــــــــــــ

ـدنية لكن مـا تـزال مع القــــــــــــوم

نظل مع المذياع نسمع صوتكـــــــــا

وننظر في “التلفاز” طيفك في “الفلـم”

فحلقة درس الشيخ ما زال عهدهـــا

جديدا وما زالت رسالتها تسمـــــــــي

تفنن في التفسير والفقه والحــــديث

وفاق على أقرانه في المكــــــــــــارم

أب لليتامى ملجأ للأرامـــــــــــــــل

مرب لجيل الناس غير مزاحــــــــــم

له الفضل في إنشاء جيل مثقــــــف

غيور على الإسلام حامي الحـرائـــم

أقام لمجد الدين صرحا مـــــــؤزرا

وأحيا تراثا كاد يمضي إلى العــــــدم

سقاه إله العرش كأس نعيمـــــــــــه

Leave a comment